23 ديسمبر، 2024 5:37 ص

يسألونك عن الإنسان

يسألونك عن الإنسان

أن الانسان وديعة الوجود وغايته أستعمره الله الارض واستخلفه فيها معمرا واستودع فيه سر من أسراره واسكنه في كل أصقاعها دون أن تتجاوزه الاجواء أو التضاريس وأمر كل شيء في السموات والارضين أن يلين له وأن يستجيب له وأن في ذلك هلاكه فما من شيء فوق الارض أو تحتها ألا وعمل على أن يكون منتهاه الى الانسان ، خاطبه الله ولم يخاطب غيره وكلفه الرسلات ولم يكلف غيره وعلمه الاسماء كلها ولم يعلم غيره وفرض عليه الاستقامة في النشاء أيحاء منه بالسمو وترخيص منه بالتميز وأشتق منه قرينه فجعله أية للمودة وأستمرار للرحمة مثل خلق السموات وأختلاف الليل والنهار ووعده بالجنان له وحده دون سائر خلقه واكن فيه ما يعصي على علماء العلوم أستقئصائه وقنن له الشرائع والاعراف فهو معصوم في جسده وروحه وماله وعرضه ، هو مكرم في البر والبحر.
ما من شيء جميل ألا وزاده الانسان جمالا على جماله وروعة على روعته ودعة على أمانه وما من شيء هجره الانسان ألا انقطعت أوصاله وخوت أجنابه واستحال مقبرة لا يصلح فيها الحجر أو الشجر ولا تصلح ألا للموتى , أن نفس الانسان في الاشياء والموجودات والغابرات هي التي تطرح فيها نهج الحياة وديمومة البقاء حتى وأن أفضى نفسها الى شيء من الضوضاء والتلوث ، فأذا صلح الانسان صلح ما سواه وانسابت أنسائيته لتعلن الصفح والمودة والسلم وألامن والثقة والتعاون والايثار .
كل شيء فيه أعجاز وأعجاب وكل ميزة فيه سر واكتشاف سبر أغوار السماء وعالج فئات الارض وكتب بالقلم وصور وقدر فقهر كل  قوة عاتية ووضع حد لكل رأي مقيت سينتكر عليه أنسانيته ويضاهي به غير  ما هو أهل , خرج من الترتيب وأصطف وحيدا فلا ملك هو لا يخرج منه ألا الصواب ولا شيطان رجيم لا يأتي غير الباطل  والسوء بل هو الانسان يركن الى العقل والهوى فأن شاء تسلق وأن شاء تدنى ، لا يعجزه الكسل ولا ينال منه الضعف فأن أوغل في الغيُ فأن مصيره العدول وأن طال به المقام عاكف ممعنا فأن مصيره العزوف والانقياد وأن توالت عليه الشدائد ما نكص عما هو عليه ولا ارتد عن كونه عالما بعد علم الله وملك بعد ملك الله وعادلا بعد عدل الله ومحييا ومشا فيا بعده عز وجل وهو مطلق الصفات ومنزه عن التمثيل.
أيعقل أن يشرع الله له في كل الديانات السمو والرفعة والتكريم ثم يسن البشر لنفسه سنن جائرة يغلب عليها النزق وتسودها ألانا ليفتك بأخيه وببني جنسه سعيا وراء مطامع سرعان ما تتبدد وأستئثارا بسلطة فانية منقلبة يأتي أولها مكان أخرها ويأتي أخرها مكان أولها وأن لم يكن يرغب في ذلك أو يسعى اليه ، أن الوجود قائم وسيظل دائما يقوم على أن  كل شيء فيه متغير ألا الانسان فهو حقيقته الثابتة ومحوره الاساس .