أظهرت الانتخابات الأخيرة التناقض الواضح الكبير بين ادعاءات بعض الأحزاب والكتل السياسية حول ايمانها وتمسكها بمبدأ الديمقراطية وما فعلتهُ من أبشع عمليات الاغتصاب ( للبنت البكر للديمقراطية ) على أرض الواقع أثناء سير الانتخابات في عموم العراق . وهذا الأمرُ يكشف للرأي العام أن تلك الأحزاب غير مهيأة نفسيا وتربوياً للإيمان المطلق بالديمقراطية ولاحترام شرفها وقدسيتها ، كما يكشفُ عن جوهرها المجبول على السلوك الفوضوي المتمرّد الخارج عن حدود النزاهة والقيم والأخلاق . وللأسف الشديد فان نسبة غير قليلة من أصوات الناخبين هنا وهناك ستكون غير شرعية نتيجة عمليات الاغتصاب ( العلنية والسرية ) المتمثلة بإجبار المواطنين على التصويت لبعض القوائم ذات ( النزعة الدكتاتورية العنيفة ) أو على أقل تقدير بالتأثير على ارادة الناخبين بالقرب من مراكز التصويت . وعمليات الاغتصاب هذه تعددتْ مشاهدها في جميع المدن العراقية بلا استثناء ، وتنوعتْ أساليبها الشيطانية . وتدرجت قوتها من مغازلة نفوس الناس البسطاء الذين يتأثرون بمثل هذا الغزل المذهبي أو العنصري الى استخدام العنف الشديد والاستيلاء على بعض المراكز الانتخابية . كما أن بعض الكتل استعانت بالقوات الأمنية الموالية لها لخلق أجواء مفعمة بالرعب من أجل الضغط على الناخبين للاستسلام لأقذر عمليات الاغتصاب الديمقراطي . ويبدو أن بعض الكتل لجأت الى أفكارها الشيطانية بدلاً من استخدام القوة ، وقامت بتعطيل الأجهزة الالكترونية من أجل ابعاد الأصوات غير المرغوب بها والتي ان شاركت في التصويت ستغيرُ من نتائج الانتخابات . ومن هنا يتضحُ للرأي العام أن الهدف الحقيقي لبعض الأحزاب والكتل السياسية من ترشحها ليس من أجل خدمة الوطن والمواطنين ، وانما لفرض هيمنتها ونفوذها على الساحة السياسية التي ستضمن ( هذه الهيمنة ) لها تحقيق مصالحها وأجنداتها الآنية والمستقبلية . وأرى أن الأسباب التي دفعت تلك الأحزاب والكتل لمثل هذا السلوك كثيرة ، أولها ولادة أغلبها – ان لم أقل جميعها – ولادات قيصرية في أجواء مشحونة ومضطربة أنتجت للمجتمع العراقي مجموعات مشوهة غير منضبطة لا تملك فكراَ ناضجاً ولا مسارات ثابتة ولا رؤى علمية واضحة . ومن الأسباب أيضا انعدام الثقة بين الأحزاب المتنافسة ليكون الصراع والاستهداف والنيل من الطرف الآخر البديل عن الروح الرياضية السياسية . كما أن التدخلات الخارجية ( الدولية والاقليمية ) لها التأثير الكبير على ارهاصات أغلب الأحزاب السياسية من أجل افشال العملية الديمقراطية في العراق أولا ، ومن أجل تمزيق البلد بأنياب ومخالب تلك الأحزاب والكتل . وباعتقادي الشخصي المتواضع أن قانون تكوين وتشكيل الأحزاب السياسية في العراق لابدّ أن يكون بالمستوى المطلوب لضمان نجاح الديمقراطية ولحماية عذرية وشرف الانتخابات من الاغتصاب الرقيق أو العنيف .