في عصر لم يعد فيه التفوق بالكثرة العددية، بل بالعقل والعلم، والتنظيم المحكم، والتدبير العقلاني والواقعي لشؤون المجتمع.
في عصرنا لم يعد نشر الدين والعقيدة بالعنف والحرب أمرا مقبولا، بل بالتبشير السلمي والحوار الفكري، ولم تعد القبلية أساس المجتمع البشري بل الدولة الحديثة، ولم تعد الغارات بين القبائل أمرا ممكنا بل صار المواطنون يخضعون جميعا لسلطة القانون الذي تشرف عليه الدولة التي تحمي بعضهم من بعض.
ولدينا في العراق الدولة الحديثة بعد 2003مثالا, فقد عرفت تطورا نحو المجتمع الاستهلاكي الحديث، وأقبلت على اقتناء التكنولوجيات العصرية، لكنها ظلت تتخبط على المستوى ألقيمي في أوضاع ما قبل الدولة الحديثة، كما ظلت مرتبكة بين المضي نحو بناء مجتمع الحداثة وبين تكريس ممارسات المجتمع القديم، يدلّ على ذلك الطريقة التي تقدم بها الأسرة في المقرر الدراسي التربوي ، حيث يرتبك الكتاب المدرسي بين الدعوة إلى “الجهاد” وبين فكرة “تنظيم الأسرة ونبذا لعنف والإرهاب “، إذ يعرضهما معا في نفس الدرس دون أن يحسم في توجيه الطفل إلى ما فيه مصلحة المجتمع في الوقت الراهن.
وبالرجوع لنقطة البداية التي استثارتنا وهي تشكيل الحكومة الجديدة فقد نوهنا قبل عشرة أشهر إلى أن الوضع بالعراق ليس في النزاع الطائفي أو المماطلة على البتر ودولار بل القضية لها مداها الأوسع بين إيران وأمريكا والمصالح التي تلتقي في بلد لايملك حكومة لها القدرة على الرؤية بأفق واسع يحتوي كل متغيراته ومظاهره التي أثقلت كاهل النمو والتطور منذ عام 2003.
ألعبادي هو الحلقة الجديدة فمشكلة الحكام الجدد هي الرؤية للتاريخ على انه نقيصة ويعتبر لاشعور جمعي لديهم بالمظلومية التي شرعت لها قوانين للرفاهية والجلوس على مقاعد تشرق فوقها الشمس الدافئة.
أن التكنوقراط والترشيق والإنصاف وتوزيع الثروة العادل كان مسكن الم من قبل دولة القانون بصوت ألعبادي لامتصاص النقمة التي أحدثها الأسبق نوري المالكي وحكومته المخضرمة التي أمرت المرجعية بتغييرهم .فهي الوجوه الكالحة عادت من جديد وداعش تقتل وتصلب والفقر يدب إلى كل بيت والنازحون رسموا وجه البوادي والقفار تاركين أرضهم ورحلهم .
نراه يعزف لحن خلود الفساد
فانا لله وإنا إليه راجعون والقادم في رحمة الله تعالى