21 مايو، 2024 3:04 م
Search
Close this search box.

يحيى الكبيسي و (التخبط) !!

Facebook
Twitter
LinkedIn

يحيى الكبيسي، وفقاً للاشارة التي ترافق اسمه خلال اطلالاته عبر بعض الفضائيات، هو باحث يعمل في مركز أبحاث عراقي مقره العاصمة الاردنية عمان. وما يهمنا هنا هو لقب (الباحث) الذي يحمله وأيضاً طريقته في الحوار التي طالما أراد من خلالها الظهور بمظهر الباحث الموضوعي. وبما انه يعمل منذ سنوات في مركز أبحاث متخصص فهذا يعني إنه باحث متمرس ومهني: Professional

وهكذا فإن مهنيته تفرض عليه التزامات تتعلق بالمنطق والأسلوب الأكاديميين اللذين يليقان بباحث، وهي لذلك التزامات ليس بوسع الباحث الذي يحترم عمله ولقبه التخلي عنها أو التفريط بها.

ومنها ضرورة التزامه لغة علمية موضوعية تشير إلى وقائع الواقع كما هي وليست كما نرغب أن تكون حتى لو كان حديثنا عن عدو لدود، لأن هدف البحث أو الحوار في المساهمة الإعلامية، هو معرفة الحقائق أو الأقتراب منها قدر المستطاع .. لغة علمية تحتمل الاجتهادات أحياناً، لكن حتى هذه الاجتهادات ينبغي أن تظل داخل فضاء اللغة الواقعية لكي يمكن تقبلها منطقياً.

السبت ليلة 21 – 3 – 2015 كان يحيى الكبيسي ضيفَ نشرةِ الاخبار المسائية في فضائية العربية. ورغم واقعية التقرير الصحفي الذي تلاه مقدم الأخبار، والذي تحدث عن التقدم المتواصل للقوات المسلحة العراقية في ساحات المواجهة المتواصلة مع ارهابيي داعش وخصوصاً في تكريت، حيث تم أيضاً تدعيم التقرير بتصريح لوزير الدفاع العراقي خالد العبيدي الذي أشار إلى أن قوات داعش محاصرة داخل تكريت من جميع الجهات وستواصل القوات العراقية محاصرتها إلى أن تستسلم تجنباً للخسائر البشرية والمادية.

ولكن ومن خلال انفعاله وارتعاشة صوته بدا يحيى الكبيسي غير مرتاح من هذه الأخبار، خصوصاً وهي أخبار واقعية أكدتها مصادر متعددة ولا يستطيع دحضها أو التقليل من شأنها.

إلى هنا فإن الأمر يعود إليه فليس لنا أن نتدخل في مشاعره أو نطالبه بتغيير مواقفه الشخصية مهما كانت خاطئة فهذا شأنه. ولكن لا يمكن التسامح مع من يحمل لقب باحث إذا خرج عن اللغة الأكاديمية المحايدة التي توجبها مهنيته المفترضة، ولكن هذا ما فعله الكبيسي بنفسه مع الأسف. فقد خرج عن السياق خاضعاً لإنفعالته الشخصية المنحازة، واصفاً تصريحات وزير الدفاع بإنها (تخبط).

لماذا؟

يقول يحيى الكبيسي معقباً على فكرة وزير الدفاع بأن الحصار وانتظار استسلام داعش أفضل عسكرياً: ( ولكن وزير الدفاع قال الاسبوع الماضي بإنهم سيقضون على داعش في تكريت خلال 24 ساعة وهذا – يقول الكبيسي – دليل على التخبط .. الخ)!!

فكلمة تخبط هنا لا يمكن قبولها، لأنه ووفقاً للحالة الحربية الراهنة يمكن تفهم اختلاف تصريحات بعض المسؤولين العسكريين وتفسيرها بطريقة واقعية لا علاقة لها بالتخبط. فعندما يكون بلد معين في حالة حرب مفتوحة مع عصابات إرهابية، بوسعنا أولاً أن نتوقع هزيمتها الحتمية لأنها مهما كانت ذات قدرات محدودة تتناقص مع كل ضربة تتلقاها، على عكس قدرات الدولة وطاقاتها العسكرية غير المحدودة

والتي يمكن تجديدها باستمرار حتى لو تعرضت لضربة أو هزيمة هنا أو هناك. وهنا يكمن الفرق بين الدولة وبين العصابة.

أما الطريقة الواقعية التي يمكننا من خلالها فهم تناقض تصريحات بعض المسؤولين العسكريين أحياناً، فهي إن بوسعنا تفسير ذلك باعتباره جزءاً من الحرب النفسية المتوقعة التي يمكن أن تديرها ألة الإعلام الرسمية وفي مقدمتها تصريحات بعض القادة العسكريين حول هذه المعركة أو تلك.

إنها مناورات نفسية متوقعة ومألوفة في الحروب ولذلك فإن كلمة (تخبط) بدت ثقيلة الوطء وغير متوقعة من باحث في سياق حوار في فضائية تطمح لتعزيز مكانتها باستمرار.

لا يصح مهنياً ولا أخلاقياً استخدام كلمة تخبط هنا، فلا يليق بأي مواطن أو إعلامي أو باحث يحترم نفسه، أن يخرج عن السياق الموضوعي من أجل التنكيل بسمعة وزير دفاع بلاده بينما بلاده في حالة حرب مع عصابات وشراذم ارهابية من أيتام صدام حسين والزرقاوي وقد أصبح معروفاً من المستفيد منها، لا يمكن توقع موقف فج من هذا النوع إلا إذا كان صاحبه ميالاً لهذه الشراذم والعصابات المنحطة، عدوّة الانسانية التي ارتكبت وما زالت ترتكب جرائم لم تخطر على بال أعتى المجرمين في التاريخ !!

وفي هذه الحالة ولسنا آسفين على يحيى الكبيسي أو سواه، ولكن بدلاً من أن ينكأ جراح أهله وشعبه المنكوب بالإرهاب خصوصاً في تكريت والأنبار والموصل، وبهذه الطريقة الفجة والمقرفة، أنصحه أن يختار مهنة أخرى ولقباً أخر، لأنه لا يمكن أن تكون باحثاً مُحترماً بينما عقلك يتخبط وتصاب بالخوار لأنك لا تملك شجاعة تقبل حقائق الحياة فلا تعود قادراً على اختيار مفردات تليق بمهنتك المزعومة !!

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب