ما هو ملفت للنظر التجاوز والتطاول من قبل من كتب ديباجة دستور العراق على تاريخ العراق وشعبه الاصيل باني الحضارات العريقة التي خدمت البشرية في معظم مجالات الحياة . ومن اللازم هنا أن نعيد ونصقل ونكرر أن ما مثبت في ديباجة الدستور العراقي أهانة لتاريخ شعب العراق ويفتقر من كتبها الى الاختصاص في ترجمة وقائع تاريخ العراق القديم بما يثبت المسيرة الحضارية لشعب العراق قبل الاف السنين. أن ما مثبت في الديباجة لآمر مخجل ومعيب في آن واحد ويترك الشكوك حول خلفية من قرر تثبيت هكذا ترهات تلغي البدايات الاولى لمنجزات أعظم تاريخ للبشرية. هذه ديباجة دستور العراق بكل قومياته بدأ بشعبه الاصلي الا اذا كانت العقلية التي حررت الديباجة ومن وافق عليها لا تعترف بتاريخ العراق وهذا واضح من خلال التصريحات التي ادلها بها الفقيد عالم الاثار والاشوريات الدكتور دوني جورج حينما تم ابلاغه من قبل مسؤولي الاثار الجدد بأن فترة ما قبل الاسلام لا تهمهم وهذا يبدو واضحا في ديباجة الدستور.
متى سيتطور العراق اذا كان هناك من يبني ويأتي غيره ليهدم ويبدأ من الصفر؟؟ هذه العقلية تنم عن تخلف فاضح , تخلف لا يفيد معها التخفي وراء قناع التمشدق بالكلام بالتطور والتمدن والتحضر والتحرر. متى سيشهد العراق نظاماً ملزما لكل الانظمة السياسية التي تحكم العراق بأن تستمر في دفع عجلة الوطن الى الامام من حيث انتهت ولاية الحكومة السابقة… أن ما يحدث ولغاية كتابة هذه السطور هو أستمرار تأثير عقلية التخلف الاداري في ادارة الدولة وشؤون شعب العراق. متى سيتوقف هؤلاء من التفكير بالطريقة الخاطئة وهي انهم دوما يبدأون من الصفر!!!! يا الهي أين ذهبت الخبرة في شعبنا وتاريخه العظيم هل معقولة أننا بحاجة دوماً أن نبدأ من الصفر ؟ ومن المسؤول عن الزمن الضائع ومن سيحاسب هؤلاء على هدر هذا الزمن الثمين من عمر الوطن في مسيرة التقدم التكنولوجي الحضاري من عمر شعب العراق وأجياله الحالية والقادمة؟؟؟ هل كل من جلس على كرسي حكم العراق مدعياً تحريره من براثن من سبقه أنتبه الى أساليب الحكم المتطورة أو تعلم منها على الاقل أو أستفاد من تطبيق ميكانيكية عمل الانظمة السياسية المتطورة وخاصة الامريكية حيث ان الامريكان دوماً يبدأون من نهاية ما تحقق في عهد الرئيس السابق ولم يتجرأ أي رئيس أمريكي أن يبدأ من الصفر لانهم يؤمنون بأمكانياتهم وخبرتهم ويثقون بأن العهد السابق هو مكمل لمن سبقه والعهد القادم سيكمل من العهد الحالي… هل أنتبه سياسيو ومثقفوا العراق الى أن نقطة البداية ليست صفر في قيادة شعب العراق وأن ما تم تحريره في ديباجة دستوره خطأ فاضح ينعكس على مجمل التراث الحضاري والخبرة التي خلفها لنا اجدادنا حيث يذكر المشرع المتوهم بادياً من الصفر كالعادة ما يلي:
(( زَحَفْنا لأولِ مَرةٍ في تاريخِنَا لِصَنادِيقِ الاقتراعِ بالملايين، رجالاً وَنساءً وَشيباً وَشباناً في الثَلاثين منْ شَهرِ كَانُون الثَانِي منْ سَنَةِ أَلْفَين وَخمَس مِيلادِيَة،))!!!! نكرر ما قلناه سابقاً ” يا الهي أين ذهبت الخبرة في شعبنا وتاريخه العظيم هل معقولة أننا بحاجة دوماً أن نبدأ من الصفر ؟”!! يبدو ان المشرع قد تناسى أما عمداً أو عن جهل وجر معه من وافقه على هكذا تصفيط كلام يخدم مرحلة ما بعد 2003 وكأن العراق قد بدأ تاريخه الحضاري المتطور الذي يعتبر أول من أسس هيكل نظام دولة متطورة قد سارت عليه كل انظمة العالم لحد هذا اليوم وهو أول من خلق فكرة الديمقراطية في التاريخ البشري كما ورد في مدونات سومر حيث يبدو واضحاً أن شعب العراق القديم أول شعب ديمقراطي في التاريخ والديمقراطية انما من بناة افكارهم ومنهم تم تصديرها الى بقية شعوب الارض بعد أن مارسوها لالاف السنين ولم يدركها الغرب الا قبل 300 الى 400 عام أن لم نبالغ في الكرم بقدم ممارستهم للديمقراطية. أن ديمقراطية شعب العراق القديم كانت في أرقى مراحلها حيث الانتخابات والبرلمان حيث ( توجد بعض الادلة التي تشير الى ان المجتمعات في سومر قبل التاريخ كانت أصلاً ديمقراطية جوهرياً في تركيبها)1 (فالدولة المنظمة لا بد ان يساهم في ادارتها مجموعة من الناس أو الاشخاص الكفوئين ومثل هذه النخبة عرفت ” كوبرناشوتا” ومعناها الحكم الجماعي أو الحكومة التي تديرها مجموعة من الناس المتعلمين وفق التشريعات والقوانين .. ومنها أخذت الحكومات اللاحقة أنظمة الحكم ليس بالنسبة الى القوانين فحسب وأنما التسمية أيضاً ولهذه الاسباب عرفت الحكومة عند الاغريق
) 2 لاحظ التشابه الكبير في اللفظ مع أصل الكلمة العراقية القديمة وخاصة اللفظ اللاتيني كوبرناسو..Government .وعند الانكليز Cobernaso وعند اللاتينيون Kubepvtisعند الاغريق
وليعلم القاريء الكريم ان كلمة (كوبرناشوتا) متداولة ومفهومة عند الشعب الاشوري الحالي منذ عهد سومر والى يومنا الحاضر.. أذن من كتب ديباجة الدستور بالصيغة المشوهة لتاريخ العراق القديم يبدو انه لا يفقه في تاريخ الوطن وحضاراته التي شعت بنورها على الاركان الاربعة للمعمورة أو يريد أعادة كتابة تاريخ العراق من حيث هو بدأ , وهذه هي الطامة الكبرى التي حلت على العراقيين وجَرت شعبه الى حيث التخلف في كافة مجالات الحياة . أن ما يمارس في العراق لا مثيل له وأن فتشت عن جذوره فستجدها في مزبلة التاريخ.
1 و 2 وجود الشعب الاشوري في المنطقة الشرق أوسطية واقع بين ارادته وبين لعبة الامم المتحدة للباحث يوسف ككا – مجلة الاتحاد – السويد 1996