6 أبريل، 2024 7:22 م
Search
Close this search box.

يبو عكال لا تنقهر … صار الافندي قندرة

Facebook
Twitter
LinkedIn

تراكم في الثقافة العراقية العامة الاستهانة بالعكال (العقال) والاستخفاف بحامله ، وغالبا ما كنا نسمع عبارات تصف العكال وصاحبه بالتخلف من قبيل عبارة وصف العكال بمانع التفكير ، ويبدو ان هذا متأتي من طبيعة صراع الاجيال التي يزيح فيها اللاحق السابق ، وفيما اتذكر وجينما كنا صغارا وفي مناطقنا الشعبية البائسة خدميا وحضاريا كنا نخرج ايام الاعياد لنركب عربة تجرها الخيول او الحمير ونلقن اهزوجة ” يبو عكال لا تقهر صار الافندي قندرة ” لنرددها تكرارا ومرارا وبحماس منقطع النظير ، وفعلا هذا الحماس والتكرار جعلنا لا ننسى هذه الاهزوجة وبعد عمر طويل بل واثبتت من خلالها مقولة ” التكرار يعلم الحمار “…
حقيقة الامر ان العكال و الافندي يرمزان الى الريف بما يختزن قيم ومفاهيم متخلفة عن السياق الحضاري المتنامي واما الافندي فانه يرمز الى الانسجام مع المدنية والتحضر الناشئة من حركة المجتمع الحضارية ، وفعلا المعاناة الحقيقية للعراق وللمجتمعات عموما هي كيفية التوافق مابين المتوارث تاريخيا ومابين المستجد حضاريا ، لكن شئنا ام كانت المدنية ابتدأت بالسير وبحركات متسارعة منذ بداية الدولة العراقية الحديثة لكن سرعتها اخذت تخف شيئا فشيئا بعد انطلاقتها الى ان توقفت نهائيا بل اكاد ازعم ان الافندي تراجع امام العكال لتتحقق نبؤتنا في الاهزوجة حينما كنا صغارا….
الملفت للنظر ان الحراك الشعبي ومنذ سقوط الدكتاتورية رفض رفضا قاطعا ان يسير خلف الافندي وآثر السير خلف العكال والعمامة ، وهذا ماشهدناه منذ 2003 والى يومنا الحاضر ، بل ان التظاهرات التي تحصل اليوم في المناطق الغربية وبغض النظر عن التنازع في وطنيتها او طائفيتها هي تجسيد حي وقائم لسيادة العكال على القندرة ، والحادثة المضحكة التي حصلت ابان هذه التظاهرات هي ذهاب من يمثل الافندي كمنظمات مجتمع مدني ورموز هذه المنظمات مثل هناء ادور لتعاضد وتؤيد هذه التظاهرات ربما من منطلق اختراق الطوق الذي فرضه العكال والعمامة للحصول على موطأ قدم لقيادة هذه التظاهرات التي لازالت تصرخ باهزوجتنا ” يبو عكال لاتنقهر صار الافندي قندرة ” ….
ربما نتفهم ان تتغنى مادة التظاهرات باهزوجتنا لكن كيف وانى لنا ان نتفهم انسياق قيادة دولتنا من طبقة سياسية ومسؤولين واحزاب تريد ان تبحث لها موقعا في المعادلات العالمية وتعقيداتها ، كيف نتفهم من هذه القيادات هرولتها معنا حينما كنا صغارا ويصرخون باعلى صوتهم ” يبو عكال لاتنقهر صار الافندي قندرة ” ، فهاهي رؤوس السلطات تتسابق فيما بينها لعقد مؤتمرات لاصحاب العكال من العشائر وتهتف بوسط هذه المؤتمرات وبصوت عال باهزوجتنا ، بل والاغرب من هذا كله ان يستقبل مدحت المحمود حينما كان رئيسا للسلطة القضائية قبل اصدار قرار الاجتثاث بحقه… يستقبل وفدا من عشيرة السواعد للاعتذار عن ابنهم النائب صباح الساعدي لممارسة دوره النيابي – سواء مارسه صح ام خطأ – في دولة تتبنى كذبا الافندي ونظامه الديمقراطي ، واللطيف بالامر ان قنواتنا الاعلامية اخذت تذيع علينا خبر زيارة العكال الى رئيس السلطة القضائية صادحة باهزوجتنا وبصوت عال :
” يبو عكال لا تنقهر … صار الافندي قندرة”

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب