العاقل يعرف متى يتكلم ومتى يصمت، فهو لا يصمت إلا إذا كان صمته خيرٌ من كلامه، وكذلك العكس،وفي الحالتين يكون منسجما مع الشرع والعقل والأخلاق ومنبثقا منه، يقول النبي الصادق: « قل خيرا أو اصمت »،«من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليقل خيراً أو ليصمت »، ويقول الإمام علي: « الخرس خير من الكذب، لا خير في الصمت عن الحكم، كما أنه لا خير في القول بالجهل»، وبناء على ذلك ليس كل صمتٍ من ذهب، وليس كل كلامٍ من فضة، فثمة صمت يكون داء، وكذا الكلام، والصمت والكلام، هنا بالمعنى الشامل للمواقف والأفعال والمناهج والسلوكيات…ثمة طراز من الناس يكون صمتهم داءً، ووبالاً وكفراً ونفاقاً، ونطقهم كذلك، ويصمتون حين يُحرم الصمت، ويتوجب النطق، وإذا ما نطقوا فأنهم ينطقون كفراً وكذباً وانتهازً وتغريراً وخداعاً، ولعلَّ من أوضح مصاديق هذا الطراز هو السيستاني، وهذا ليس تجنياً عليه وإنما هو واقعٌ ملموس كشفت عنه سيرته، فقبل الإحتلال كان غارقاً في سباته وصمته وعزلته، وبعد الإحتلال خرج من شرنقة الصمت لينطق كفراً ونفاقاً وتضليلاً، حيث شرعن الإحتلال وما رشح عنه من قبح وظلام وفساد، وحرم مقاومته وأفتى لصالحه، وبوجوب التصويت بنعم على دستور المحتل المدمر، وأوجب انتخاب القوائم الفاسدة وحكومات الفساد والطائفية والقمع، وحرم التظاهر ضدها، ليختم مسيرة نطقه بفتوى التحشيد الطائفي التي تمخضت عن نتائج كارثية، منها أنها أسست الحشد الطائفي الذي أهلك الحرث والنسل، يتخلل ذلك صمته على كل الجرائم التي ارتكبها المحتل الأمريكي والإيراني والحكومات الفاسدة ومليشيا الحشد وسرطان الفساد والمفسدين، فصمت السيستاني كان وبالا على العراق وشعبه، وكذلك نطقه…اليوم يُقرِّر السيستاني ترك السياسة بعد أن أقحم العراق في محرقة الاقتتال، ومستنقع الفساد، وغابة من الوحوش الكاسرة، وذل الفقر والعوز والحرمان، ترك السياسة وعاد إلى سردابه بعد أن غرر بحشده وزجهم في محرقة لا تبقى ولا تذر، وليرتكبوا أبشع الجرائم بحق أبناء وطنهم، تركهم بين مطرقة أمريكا والسخط المحلي والدولي وسندان المحاكم الجنائية الدولية التي تلاحقهم، تركهم أدوات ووقود نار لصراعات إيران ومشروعها الإمبراطوري الهالك، ثمة تساؤلات كثيرة يثيرها موقف السيستاني المتلون والمتقلب هذا، فهل فعلا هو ترك السياسة أم أنها لعبة جديدة وكذب أخر تفرضه انتهازيته المعروفة؟!، وهل تركها طوعا وقناعة أم هروبا من مسؤولية حشده وجرائمه؟!، أم انه ترك السياسة وغدر بالحشد لكي يتفرغ لفتاوى الحب الفلنتـيني؟!!،وهذا يتطلب منه جُهدا لابتداع ما يمرر به مشروعية ذلك الحب الذي يخالف حتى تعاليم الكنيسة؟!، وهنا من المحتمل أن يصدر كتاب تحت عنوان الفتاوى السيستانية في مشروعية علاقات الحب الفلنتـينية…كل هذه التساؤلات وغيرها طرحها المرجع العراقي الصرخي الحسني في معرض جوابه على استفتاء رفع إليه حيث كان مما جاء فيه ما نصه:((3ــ وتبقى استفهامات عديدة منها: هل أنّ السيستاني كشخص وَجـِـهَـةٍ، بعد أن خرّب ودمّر البلاد والعباد، قد ترك السياسة حقيقةً وليس كذبًا ونفاقًا وانتِهازًا؟! وهل أنه تركها اختيارًا وقناعةً وليس هروبًا من مسؤولية الحشد وغَدْراً به بعدَ أن ورّطَه وغرّرَ به بأمْر أميركا وإيران، وقد انتهت مهمة الحشد وانتهى مفعولُه الآن؟! وهل أنه غَدَرَ بالحشد وترَكَ السياسة من أجل التفرّغ لفتاوى الحب والعشق الفلنتـيني وسَحْقِ الفضيلة والأخلاق؟؟!! ومِن باب الحرية والديمقراطية المزعومة، فهو حرّ في اختياره، لكن أقول يا لَيْتَه فَعَل ذلك قبل أن يحشر نفسه في السياسة ويدمّر العراقَ وشعبَه وبلدان المنطقة وشعوبها وكذا باقي البلدان!!!.)).