18 ديسمبر، 2024 7:53 م

يا ليتنا بلا حكومة!!

يا ليتنا بلا حكومة!!

الاعتقاد السائد الذي أضحى قريباً من اليقين، أن أي كتلة سياسية تشكلت منها ومن سواها السلطة والحكومة لم تأت في معظمها من صندوق الاقتراع، إنما بيدها القادرة ـ حين تشاء ـ على الإخلال بالأمن وإزهاق أرواح الأبرياء. ما يعزز هذا الاعتقاد هو أن أي صراع (ديمقراطي) بين أكبر كتلتين حازتا على أكثر مقاعد مجلس النواب عدداً ينعكس ـ بالضرورة ـ على المشهد الأمني بتناسب ملفت للنظر مع حجم هذا الصراع ودرجة حدّته!!
منذ نيسان 2003 ولغاية تشكيل حكومة علاوي المؤقتة، كانت البلاد من دون حكومة، وبرغم ذلك فقد أدار الناس حياتهم بصورة حسنة قياساً لما بعد هذا التاريخ. لم تكن هناك وزارات ومؤسسات تفتح كنوزها كمغارة علي بابا في وجه من يشقّ طريقه بين المتنافسين بالدم والرصاص، وأمام من يملك قدرة شقّ نهر ثالث إلى جنب الرافدين.. نهر كلّ فصوله ربيع مترع، عكس أخويه، لأن رصاصه ومفخخاته ستبقي على دمنا محافظاً على جريانه من دون انقطاع. لم تتشكّل بعد أجهزة أمنيّة يتصارع ساسةٌ على قيادتها لا يعرفون من الأمن غير حماية أنفسهم وامتيازاتهم، ويتقلّد رتبها العالية مرتشون وفاسدون ومأجورون ومهملون. لم تكن هناك سيطرات أمنيّة تفتّش كلّ شيء وتوقف حركة أي شيء باستثناء القتلة وبنادقهم وكواتمهم ومفخخاتهم.. لم توجد بعد لجنة للنزاهة تفتخر بالقبض على موظف صغير في حين (تتطشر) المليارات كالرمل الذي تذروه الرياح!!
الحكومات التي أعقبت الغزو الأميركي لم تستطع حلّ أيّ مشكلة مع دول الجوار مهما ضؤلت.. لم تستطع منع تدفق الإرهابيين والسفاحين والقتلة.. لم تكن قادرة على فعل شيء أمام قضم دول الجوار للأراضي العراقية وسرقة نفطه وثروته وقصف مدنه وقراه واستباحة سيادته والاعتداء على كرامة مواطنيه.. كلّ الحكومات التي أعقبت الغزو الأميركي لم تكن أكثر من سلحفاة معاقة لا تُحسن شيئاً باستثناء الاستمتاع بلذة البقاء في رمل شاطئ رطب!!
أضحت الحكومة بفضل بعض السياسيين كهفاً وستراً يتمتّرس فيه اللصوص والقتلة ويتناسلون من دون انقطاع.. أضحت الجهات الرقابية التي كان عليها أن تدسّ أنفها في كلّ شيء، ليس أكثر من تحقيق يفتح شهية تحقيق آخر ينتهي باستقالة تحفظ للمستقيل جميع امتيازاته، أو (يتسنم) منصباً أعلى وأرفع.. حكومة يتحدث جميع أقطابها عن فساد لم نر فيها يداً لفاسد قد بترت أو أقصيت برغم ما أحدثته وتحدثه من عطب كبير!!
وُجدت الحكومة ـ أي حكومة ـ لتسير بالناس إلى الأمن والسلام والرفاه، وتسهر على تنفيذ القوانين والتشريعات، فإن لم تفعل وجب عليها أن ترحل قبل أن تُرّحل.. فلا تخشوا ـ ساستنا الأكارم ـ علينا، إن رحلتم سنحيا بصورة أفضل من دونكم ونحبّ بعضنا كما كنّا نفعل دوماً.
[email protected]