لم ينسى الشعب العراقي بكاء السلطة التشريعية والتنفيذية على “قنفة” مجلس النواب البيضاء ، التي تلطخت ببقعة دم من جراء اقتحام المتظاهرين للبرلمان، والذي وصفته السلطتين التشريعية والتنفيذية في حينها بالاعتداء على هيبة الدولة ، حتى فجر لنا وزير الدفاع خالد العبيدي قنبلة من العيار الثقيل، وفضيحة لمجلس النواب ب” بگلاگل ” ، سواء صحة المعلومات التي اطلقها وزير الدفاع ام لم تصح.
فقد استطاع ان يحول مجلس النواب من مستجوِب يقوم بالاستجواب حول ملفات فساد في وزارة الدفاع الى مستجوَب بفتح الواو حول ملفات فساده لابتزاز وزارة الدفاع، لاتهامه رئيس المجلس وعدد من النواب بابتزازه بملفات عده منها مناقصات اطعام الجيش و التسليح فضلا عن شراء سيارات مدرعة وتعيينات وتنقلات.
وقد تكون ذاكرة العراقيين مليئة بالكثير من الفضائح الثقيلة، من هذا النوع و الخاصة بالفساد منذ عام 2003، من امثال قضية وزارة التجارة و كاشف المتفجرات وصفقة توريد الاسلحة الروسية ذات 4 مليار دولار التي اتهم بها ناطق رسمي رفيع المستوى هرب دون رجعة، ولجان تحقيقية من امثال لجنة سقوط الموصل ولجنة مجزرة سبايكر، واستجواب احد مسؤولي العاصمة في حكومة المالكي ، الذي حول القضية الى عشائرية ،فهاجم اخوته ومناصريه احد المحافظات الجنوبية للنيل من العضو مجلس النواب المستجوب، وغيرها الكثير من القضايا التي تم التعتيم عليها لتوافقات سياسية و صفقات جرت خلف الكواليس، لكن ما يميز هذه الفضيحة هو النقل المباشر والتصوير عبر الهواتف الجوالة، من قبل بعض النواب لجلسة الاستجواب ، مما اعطى الاتهامات زخماً شعبياً وتأليب للشارع، الذي فضل مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن امتعاضه، دون ان يكون له موقف فعلي معبر عن رفضه، ولو عبر منظمات المجتمع المدني ،او حراك شعبي رافض لضياع مقدراته بأيادي غير امينة ، وهذا السلوك الشعبي مكن المسؤولين في كافة مفاصل الدولة للتمادي اكثر ، حيث صاروا لا يخافون قانوناً هم وضعوه ، و لا يخشون شعباً اكتفى بمواقع التواصل الاجتماعي للاحتجاج على الوضع الراهن، فضلا اتهامات وزير الدفاع لمستجوبيه بشخصنة الاستجواب و محاولة ابتزازه وقلب الطاولة عليهم.
و القضية برمتها تثير تساؤلات منها لماذا لم يكشف وزير الدفاع ملفات الفساد قبل الاستجواب؟ ولماذا ادخرها الى يوم شدته ؟ ولعل هذا يعلل ان العبيدي كان محتفظاً بها للدفاع عن نفسه في يوم يحتاشه القوم، وهذا يعزز من فرضية صحة المعلومات، وهل يستطيع الجبوري اثبات سلامة موقفه؟، وهل يستطيع معاقبة المقصرين من النواب واخوته وجميع من ذكر اسمه في حال صحة المعلومات التي قدمت؟،ام يكتفي بموقف مشابه لموقف القنفة وهيبة الدولة!، لكن وجود الجبوري على رأس هرم المجلس وتشكيل لجنة تحقيقية من المجلس نفسه يخل بمصداقية تلك اللجان لأنها الحُكم والحَكم ، وهذا يعزز فرضية الانحياز لتبرئة اعضاء مجلس النواب، الا اذا كان العبيدي قد استطاع ان يحصل على مستمسكات تثبت تورطهم في تلك القضايا، وبالتالي يحرج اللجان، وهذا الامر يمكن التلاعب به ايضاً، ولدينا مثالاً حياً على ذلك هو استجواب نائب محافظ ذي قار السابق، الذي عرض مقطع صوتي لمستجوبه ، يطلب منه تقديم الاستقالة وان المجلس سوف يقيله شاء ام ابى، عبر عملية استجواب اطلق عليها عضو مجلس المحافظة عبر التسجيل الصوتي “بالكلاوات”.
هكذا هو العراق العظيم يسير ب”الكلاوات” والفضائح المجلجلة والعمولات والابتزاز وبيع بلد وشعب كان مهداً للحضارة ليتصدر نشرات الانباء العالمية بـ بالقتل والدمار والنهب والاغتصاب والفضائح “المگلگلة”.