هيَ رسالة من الواقع العراقي المرير أردت أن أنقلها بحكم عملي الصحفي والوظيفي الى القاضي فائق زيدان وهو يتسلم مهام عمله الجديد كرئيس لمجلس القضاء الأعلى وهو منصب يعد الأكثر ثقلاً من جبال على كاهل الأنسان حين تقع .
رسالتي هذه ومافيها من ملاحظات تشكل أستغاثات لمستها وأطلعت عليها وشاهدت بأم عيني بعضها أقول رسالتي هذه أتمنى أن تجد لها طريقاً في أفق مظلم نعيشه نحن العراقيون منذ العام 2003 وحتى يومنا هذا حيث فقدنا الأمل في حياة حرة كريمة بعد السياسة الحمقاء التي سلكتها أحزاب السلطة والتي خلفت مآسي تشيب لها الولدان . ياسيدنا القاضي فائق زيدان .
( وأذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدلِ) تلك آيةٌ قرآنية أنزلها الله على عبادة لينظموا حياتهم بشكل عادل مبتعدين عن الظلم والأجحاف والطغيان وهي آية تمثل عظمة الخالق الجبار وهو يطالب بأن يكون العدل أساس لتنظيم حياة الناس وفي تفاسير هذه الآية هنالك أجماع على أن من كان حاكما وجب عليه أن يحكم بالعدل ، قال تعالى : ( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) والتقدير : إن الله يأمركم إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل . وقال : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان ) [ النحل : 90 ] وقال : ( وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى ) [ الأنعام : 152 ] وقال : ( ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ) [ ص : 26 ] وعن أنس عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ” لا تزال هذه الأمة بخير ما إذا قالت صدقت ، وإذا حكمت عدلت ، وإذا استرحمت رحمت ” وعن الحسن قال : إن الله أخذ على الحكام ثلاثا : أن لا يتبعوا الهوى ، وأن يخشوه ولا يخشوا الناس ، ولا يشتروا بآياته ثمنا قليلا . ثم قرأ ( ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض ) [ ص : 26 ] إلى قوله : ( ولا تتبع الهوى ) [ ص : 26 ] وقرأ ( إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون ) [ المائدة : 44 ] إلى قوله : ( ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ) . ومما يدل على وجوب العدل الآيات الواردة في مذمة الظلم ، قال تعالى : ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم ) [ الصافات : 22 ] وقال – عليه الصلاة والسلام – : ” ينادي مناد يوم القيامة أين الظلمة ، وأين أعوان الظلمة ، فيجمعون كلهم حتى من برى لهم قلما ، أو لاق لهم دواة ، فيجمعون ويلقون في النار ” وقال أيضا : ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون ) [ إبراهيم : 42 ] وقال : ( فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ) [ النمل : 52 ] . فإن قيل : الغرض من الظلم منفعة الدنيا .
فأجاب الله عن السؤال بقوله : ( لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين ) [ القصص : 58 ] .
ما أريد الوصول اليه سيادة القاضي أننا في العراق كشعب نتعرض الى ظلم لم يسبق لشعوب الأرض أن تعرضت أليه وتعلم سيادتكم أن الظلم عندما يستشري فلابد من وجود خلالاً في العدالة وتطبيقاتها في ذلك البلد وأنا هنا لا أريد أن أتهم القضاء العراقي ذو التأريخ الناصع على أنه جزء من الظلم أنما وددت التذكير بحالات ىأجتماعية ينبغي على القضاء الذي يمثل لسان الله في الأرض أن يعالجها وبشكل يعطي للأنسانية دور في بناء الحياة بشكل سليم بعديداً عن الكراهية والأحقاد ,
نتمنى على عدالتكم وانتم ذو معرفة بمجريات الأمور أن تتخذ موقفاً واضحاً من أعادة أموال العراق التي بددت ونهبت وتحولت الى حسابات وعقارات خارجية والتي أدت الى أفلاس الخزينة وأيقاف عجلة الحياة .
تعلم سيادة القاضي أن ضغوطات الحياة قد ساعدت وبشكل واضع على أن الكثير يقعون في الخطأ وبالنتيجة فأن قانون العقوبات العراقي موضوع على أساس مجتمع متكامل خالي من المشاكل أذ لايمكن لجائع أن يحاسب على أنه سارق لأن يده أمتدت على رغيف خبر . كما لايمكن محاسبة مجتهد أخطأ على انه مجرم وخطأه أداري ليس فيه ضرر مادي . وبنفس الوقت لايمكن قبول بعمليات أبتزاز مغطاة بشكل قانوني عندما يطلب من مشتكي التنازل وهو قد قدم شكوى على شخص بسبب حادث مروري ليس للسائق المشكو منه أي سبباً وقوعه لكن القوانين المتبعة تقتضي التنازل وهنا تبدأ المساومات وعمليات الأبتزاز التي تفقد القانون هيبته وتشيع الفوضى .
سيادة القاضي فائق زيدان المحترم . المطلوب من القاضي وهو يحكم بين الناس أن ينظر للواقع العراقي وما فيه من مآسي خلفت أمراض نفسية وانهيارات عصبية للعراقيين وبالنتيجة ينبغي عدم النظر للمادة القانونية فقط انما النظر الى الأسباب التي دفعت بمن وقع في الخطأ أن يقع فيه .
كثير هي الحالات التي يشعر بها المواطن بظلم خاصة بعد صدور قانون العفو العام المشروط بالتنازل وهنا استثمرت هذه النقطة استثمار سيء وكان المفروض ان يشترط التنازل في حالات القتل والديون وما عدى ذلك ينبغي للقضاء ان يقف نداً ضد محاولات الأبتزاز التي تجري في بعض الحالات وخاصة حوادث المرور. كما ان شرط عدم المشمولين بقانون عفو عام 2008 اوقع الكثير بمشاكل فالبعض تفاجأ وقد شمل بعفو 2008 وهو لم يطلب ذلك بل ان تهمته بسيطة وكيدية وكان بالأمكان غلقها أثناء التحقيق وسيادتكم يعرف أن المتهم بريء حتى تثبت الأدانة وهذه القاعدة هي اساس القانون وبالنتيجة فأن المحكمة بعد أحالة الدعوى اليها هي من يثبت الأدانة من عدمها فكيف يشمل شخص بعفو وهو لم يرتكب جرم ؟
ومن أجل كل ذلك وأمور أخرى لامجال لذكرها نرجوا منك يا سيادة القاضي فائق زيدان أن تضع العدل في الميزان وأن توجه بضرورة مراعات الجوانب الحياتية الصعبة للعراقيين وأن توجه كذلك بألغاء أي قرار شمول بعفو عام 2008 ألا اذا كان مشفوع بطلب من المتهم . ولنا فيك أملاً كبيراً في انصاف المجتمع والناس كما لنا أملاً كبيراً في قضاتنا ان يكونوا أمناء على ما يريد الله ان يكون القضاة وهم لسانه في الأرض . والله من وراء القصد..
[email protected]