23 نوفمبر، 2024 5:35 ص
Search
Close this search box.

يا علي مَنْ أنتَ ليقتلوكَ غدراَ؟

يا علي مَنْ أنتَ ليقتلوكَ غدراَ؟

الحديث عن الحرية في زمن الإمام علي (عليه السلام) أمر مثير للدهشة، ففي ظل التماثيل الجاهلية التي كانت ترفض حكمته، وزهده، وعلمه، وتشبث هذه الشخوص بالدنيا الزائفة، نشاهد عظمة علي وعدالته، وهذا ما لا يحبه المبغضون لآل محمد (صلواته تعالى عليه).
كان علياً (عليه السلام) يشاهد الناس تتغير، على قدر حبها للدرهم والدينار، إلا أن كل مَنْ إقترب منه إزداد حباً من محرابه، لأن كميات التضحية والإحترام والثقة، منحها هذا الحاكم الزاهد العابد لأمته، وهو يُعلّم أبناء جلدته، أن كل شيء في الدنيا إما أن يتركك، أو تتركه، إلا الخالق الجبار (عز وجل) فإن أقبلت إليه أغناك، وإن تركته ناداك، وأنت لن تشد عزيمتك، إلا بذكر الرحمن الرحيم.
عندما إختار علي (عليه السلام) طريقة العبادة، فأنها كانت بعيدة عن العالم الدنيوي، ليحصل على مرضاة ربه، رغم أنه وليه ووصي نبيه (صلواته تعالى عليهم أجمعين) رجل يعرف قيمة عمله ليس لذاته، أو يومه، بل إنه يعمل لغد الأمة ومستقبلها، وذلك لقناعته بأن الأنبياء والأوصياء، قد بعثوا ليتمموا مكارم الأخلاق، بزمن كانت الجاهلية تدق أسفين الفوضى والوثنية في الأرض، لكن الرحمة الإلهية لدين محمد وآل محمد، فقد إستقامت أمور الأمة، وعندما ولت أمرها لمَنْ لا يستحق، صب البارئ (عز وجل) عليهم جام غضبه.
لكل زمان أحداثه، ووقته، وقوانينه، ولكل مكان ميزاته، فقد كانت الكوفة عاصمة الخلافة الإسلامية، زمن الإمام علي (عليه السلام) حيث موئل الطالبين، ومنار العلماء والبلغاء، فباتت حاضرة الإسلام في دولة عدل، لم تعش بعدها أرض العرب عدلاً سواها.
أراد المنافقون المتشبثون بإصطلاحات العظمة التقليدية الفارغة، القضاء على تاريخ علي، ليس بشخصه فقط، وإنما بعلمه، ودينه، ورسالته التي كانت تتمة لدين محمد (عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم) وشاءت الأقدار الإلهية، أن تكون ولادة علي في بيت الرب الكعبة المشرفة، وإستشهاده في بيت من بيوت الرب أيضاً، مسجد الكوفة المعظم.
كان مؤمنا بقضاء البارئ (عز وجل) وأنه حان وقت اللقاء، بأخيه ونبيه محمد الأمين، وزوجته فاطمة الزهراء (عليهما الصلاة والسلام) فبات ليلة التاسع عشرة من رمضان، يجدُّ ويلحُّ حتى يظفر بما يريد، ويراقب النجوم قائلا: “تلك هي ليلتي، التي وعدني بها أخي” فلا يولد الكريم، إلا في البيت الكريم.
ختاماً: لقد قتلوك غدراً، لأنك تغيظهم بحلمكَ، وعفوكَ، وعلمكَ، وعدلكَ، ولأن يداك ما تزال تهطل بعطاياك الجزيلة، فسلام عليك يوم ولدتَ، ويوم أُستشهدتَ، ويوم تبعث حياً.

أحدث المقالات

أحدث المقالات