ذات يوم نشرت في أحدى الصفحات التي أديرها على موقع الفيسبوك صورة لشاب يحمل أخية الممزق من الرصاص, يركض به و يبكي, و قلت أنها سوريا يا عرب, وجدت مئات التعليقات و هي تترحم عليه و تدعوا لهم بالنصر و التكبيرات و فيض من الحزن الواضح في تعابيرهم, و بعدها بشهر نشرت ذات الصورة و كتبت “هذا ما يحصل في البحرين” لكني فوجئت بالردود هذه المرة, لانها كانت ما بين التخوين و العمالة و ألصاق التهم فيهم, و منهم من قال أنهم شيعة يستحقون الموت! مع أنها ذات الصورة, و أنا متأكد لو كان الجمهور مختلف طائفياً لكان الرد العكس, هذا لاننا أصبحنا نرى الامور بمنظار طائفي و نزعم أن الإسلام دين الأنسانية لكننا لا نملكها, نحن فقط طائفيون
الا إن العجيب حتى الغير متدينين عندما يدور نقاش طائفي يتصدر ذلك النقاش و يتحدث في التاريخ لا بل يكفر أيضاً! نعم أنها قشرة طائفية تحيط به لمحتوى فارغ كما هي قنوات ” الهداية ” القنوات السنية و الشيعية التي تبث 24 ساعة تأتي بالأدلة و البراهين كي تثبت أحقية مذهبهم و أكاذيب المذهب الأخر, نراه تارة يقتصص المقاطع و يفبركها, و يأتي بنصوص أبناء المذهب ذاته لا يتعرف بها و يلصقها بهم جميعاً, و لسان المقدمين و الشيوخ و ألفاظهم التي لا تتجرى بها ” العاهرة ” بالبذائة, مبتعداً عن كل القيم و المبادى الأخلاقية التي يشير لها دوماً الإسلام, و بين هذا و ذاك صار الناس يبتعد عن الدين و يقترب من المذهب يوماً بعد يوم, و المذهب بنظره هو عبارة عن طقوس شكلية يومية بلا أدراك حتى, هذا ينادي بالولاية و ذاك ينادي بالفرقة الناجية و هم بالاساس بعيدون عن جوهر الإسلام
و فالنهاية الى اين يذهب شبابنا اليوم و في أي مستنقع سيسقطون غداً, فالعالم يعيش حاضره و يبني مستقبله و نحن لازلنا نتجادل في ماضينا لنسحق مستقبلنا, و إذا كان الماضي جزء من حاضرنا و مستقبلنا و ممهداً لجنتنا كما نزعم, فلما لا نعيش بسلام و نعمل بقوله تعالى “من شاء ليؤمن و من شاء ليكفر” فلا تهتم كيف يصلي أو يفكر أو يؤمن أو يصلي الأخر فهذا شي يعنيه هو و ربه و تعامل معه أنت كأنسان ” أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق” كما قال الأمام علي و ينشغل كل واحد بعباداته و يتقرب بنفسه لله التي سوف تجزى عليها نفسه فقط! فسبحان من قال ” يوم لا تجزى نفساً عن نفس شيئاً و لا يقبل منها عدلاً و لا شفاعة”