عنوان المقال مستوحى من مقطع لقصيدة حسينية , لكنه يحمل في طياته معاني وكلمات وعبر لا حدود لها , وهي تعكس واقع حال العراقيين الآن , وهذا المقطع يحمل تساؤلا واستفهاما وهو كيف يحق لمن ” نصب ” يزيد عليه اللعنة أن ينادي ويهتف يا حسين ؟! وهذا التساؤل يطرح على من يدعون السير والتمسك بمبادئ الحسين عليه السلام وثورته الخالدة , إذن كيف هذا المدعي بحب الحسين عليه السلام والسير على نهجه الوضاء نصب يزيد عليه اللعنة وبأي طريقة جاء هذا التنصيب وكيف توافق مع الهتاف باسم الحسين ؟.
والجواب على التساؤل يكون في مستويين :
المستوى الأول ( الوقائع التاريخية ) : إذ تشير الروايات والإخبار الواردة إن المجتمع الكوفي قد توجه بالخطابات والرسائل التي فاق عددها العشرة ألاف رسالة وقد طلبت من الحسين عليه السلام القدوم لهم وتخليصهم من الواقع الفوضوي الذي سببه لهم حكم يزيد بن معاوية , حيث الانحراف الفكري والعقائدي وكثرة الظلم والجور والحيف , وبعد أن قدم الحسين عليه السلام إلى العراق وجد من هتف يا حسين قد نصب يزيد ” بسبب التضليل الإعلامي والمكر والخداع الذي اتخذه يزيد عليه اللعنة ” , فخرجوا وشهروا السيف بوجه الإصلاح وقتلوه لكي يبقوا في غياهب الظلم والانحراف والاستكبار .
المستوى الثاني ( الواقع الحالي ) : العراق الآن يمر بفترة عصيبة جدا من حرب طائفية طاحنة , فساد مالي وإداري , سرقات وصفقات تجارية مريبة حصدت ثمار الميزانية العامة للدولة , فقر , بطالة , انحرافات عقائدية وفكرية , والى ما لانهاية , ومع هذا كله نجد إن العراقيين يطالبون بالإصلاح ولتغيير وعدم تسليط السراق والمفسدين , ولكنهم وبسبب ” المكر والخداع والتضليل الإعلامي ” يرجعون وينتخبون من عاثوا بالأرض الفساد , وهنا تتكرر القضية ويعاد الهتاف باسم الحسين ” الإصلاح ” ويتم تنصيب يزيد ” السراق ” ليستمروا في العيش بمعاناتهم ؟!! .
لكن وبما نحن مقبلين على فترة انتخابية يجب علينا أن نسعى جاهدين وبكل ما أوتينا من قوة وعزم وإصرار على أن جعل شعارنا يا حسين وننصب من سار على نهج الحسين لان فيه الخلاص والتغيير والإصلاح ولنطبق مقولة سماحة السيد الصرخي الحسني ” دام ظله ” …
{… لنسأل أنفسنا : هل نحن حسينيون ؟ هل نحن محمدّيون؟ هل نحن مسلمون رساليون؟
ولنسأل أنفسنا :هل نحن في جهل وظلام وغرور وغباء وضلال؟
أو نحن في وعي وفطنة وذكاء وعلم ونور وهداية وإيمان؟
إذن لنكن صادقين في نيل رضا الإله رب العالمين وجنة النعيم ،
ولنكن صادقين في حب الحسين وجدّه الأمين (عليهما وآلهما الصلاة والسلام والتكريم) بالإتباع والعمل وفق وطبق الغاية والهدف الذي خرج لتحقيقه الحسين
(عليه السلام ) وضحّى من أجله بصحبه وعياله ونفسه ، انه الإصلاح ، الإصلاح في امة جدِّ الحسين الرسول الكريم (عليه وآله الصلاة والسلام).
وهنا لابد من أن نتوجه لأنفسنا بالسؤال ، هل أننا جعلنا الشعائر الحسينية المواكب والمجالس والمحاضرات واللطم والزنجيل والتطبير والمشي والمسير إلى كربلاء والمقدسات هل جعلنا ذلك ومارسناه وطبقناه على نحو العادة والعادة فقط وليس لأنه عبادة وتعظيم لشعائر الله تعالى وتحصين الفكر والنفس من الانحراف والوقوع في الفساد والإفساد فلا نكون في إصلاح ولا من أهل الصلاح والإصلاح، فلا نكون مع الحسين الشهيد ولا مع جدّه الصادق الأمين (عليهما الصلاة والسلام ).
إذن لنجعل الشعائر الحسينية شعائر إلهية رسالية نثبت فيها ومنها وعليها صدقاً وعدلاً الحب والولاء والطاعة والامتثال والانقياد للحسين (عليه السلام) ورسالته ورسالة جدّه الصادق الأمين (عليه وعلى آله الصلاة والسلام) في تحقيق السير السليم الصحيح الصالح في إيجاد الصلاح والإصلاح ونزول رحمة الله ونعمه على العباد ما داموا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فينالهم رضا الله وخيره في الدنيا ودار القرار…} .
فما أروعها من كلمات وما أصدقها من دعوات لأجل الإصلاح والتغيير ولاجل لان نكون ممن يهتف باسم الحسين ويسعى لحكمه ومنهجه الرسالي الإلهي العادل …