6 أبريل، 2024 11:10 م
Search
Close this search box.

يا صاحب المعالي : دعنا نبكي الآن لقد جئت شيئآ نكرا وبلاءً يتكلم !

Facebook
Twitter
LinkedIn

من الواضح ان الإحتجاجات التي بدأت بعد انتهاء الأنتخابات النيابية في العاشر من اكتوبر 2021 وتشكلت بها حقبة الإنسداد السياسي , كانت بمعايير مختلفة عن سابقاتها واهم هذه المعايير التي تبناها الشارع الصدري الذي شكل بها نسبة 75% تقريبآ , هو الجدار الفاصل الذي صنعته حناجر هذه النسبة من الشعب للتنافر مع مبدأ المحاصصة التقليدية التي ارتكز عليها تشكيل الحكومات السابقة , فضلآ عن حكومة الكاظمي ,
كونها اسست للفساد العام في مفاصل الدولة العراقية وتلاشي السيادة وانماط التطور في كافة المجالات وخاصة في مجال الصناعة والصحة والتعليم والصناعة النفطية والكهرباء .
وهذا يؤدي الى افتراض مايلي : ان الإنسداد السياسي لعب دورآ كبيرآ في الإصرار على إيجاد حل سياسي سلمي للخلاص نهائيآ من مبدأ المحاصصة ومن دون ذلك فإن التيار الصدري سوف يتراجع عن دخوله في العملية السياسية ,
وتم التراجع فعلآ سواء بالتفاهم او الإتفاق كما يدعيه بعض المراقبين , واستقال النواب الصدريون وعددهم 73 نائب بشكل جماعي وبهذا خسر الكثير لصالح الإطار التنسيقي من اجل كسر الجمود السياسي وانهاء حالة الصراع والتنافس بينهما في الشارع وإعطاء الانطباع بانه يقف الى جانب المصلحة العامة التي تعطلت بسبب الإنسداد .
ولاشك هناك تأثير خارجي له نصيب في مايحصل في الشأن العراقي لم يكشف عنه الغطاء ولكن أخذ بعين الإعتبار . ومن المؤكد ان التيار الصدري بقي على رهانه من ان حكومة المحاصصة لا ولن تتشكل وسيكون هناك انسدادآ آخر حتميُّ الوقوع إذا تم التشكيل و ستكون الإحتجاجات واكبر من السابق .
وبناء على ذلك كان من المفترض من السيد رئيس الوزراء المنتخب برلمانيآ ان يفهم طبيعة السياسة الحالية التي تنتهجها الأحزاب الجنوبية والشمالية الداعية الى التوازن والتوافق في عملية التشكيل الوزاري والمقصود بها المحاصصة التي تميّزت بالفساد اثناء قيادة البلاد وخاصة في مجال القوة العسكرية والإقتصادية اللتان جعلتا العراق أسيرآ في اطار محدود لهيمنة امريكا ودول الجوار التي تعارض بل وتمنع اي شكل من اشكال التحولات التكنولوجية فيها .
ومن المفترض ايضآ من السيد السوداني كرجل جنوبي وعاطفي المنشأ , ان يخلع عن نفسه صفته الثانية في مجال السياسة لينتهج الدبلوماسية بالصبغة الوطنية الكلاسيكية , يأخذ فيها بنظرالإعتبار طبيعة بعض العراقيين وخاصة الذين يرون ان النفط , مثلآ , لا مالك له ويحل عليهم سرقته ولا احد يعلم من اين جاءوا بهذه الفرية , والحمد لله الذي جعل الشمس قرصآ ناريآ والقمر والنجوم قاصيات وليست دانيات عن ايدي هؤلاء اللصوص .
ولكن في مضمار الحرية الممنوحة وفعل إختيار الحكومة الجديدة , تبين سيماء المحاصصة , وبهذا فقد جاء السيد السوداني بالبلاء يتكلم عن نفسه الأمارة بالسوء وستكون بالخصائص اللصيقة بالحكومات السابقة ولا تختلف بشيء , وتكشف للأسف الشديد من ناحية ان البعض منها منح المنصب تكريمآ وليس تفضيلآ وتشريفآ قبل الإحالة على التقاعد , وتكشف من ناحية اخرى وبشكل يبعث على الدهشة , ان ذهنية السيد السوداني قد تم التلاعب بها بإشتراطات معينة ,
وهو لاشك الآن يعترف كما اعترف باستور اندرسون في مسرحية برناردشو ” تابع الشيطان ” ان ريتشارد داجيون ضحى بنفسه قائلآ : غالبآ ما ساءلت نفسي عن الدافع , بيد انني لم اجد سببآ معقولآ يفسر لماذا تصرفت على ذلك النحو .
والتلاعب بحد ذاته الغاء وعجز في المنظومة الفكرية عن ايجاد حلول مجدية للواقع . وبهذه التشكيلة الوزارية إجهاد للنفس وإنقياد لسلطان المحاصصة وإنعزال عن الشهرة بالإصلاح الذي يراه اصحاب التوازن والوفاق حرمانآ من ملذات الحياة .
ولكن ياصاحب المعالي دعنا نبكي من الآن , لقد جئت شيئآ نكرا يتكلم وصنعت من الجذور السياسية اغصانآ تفرّق , وتجاوزت في نقطة البداية الفهم الواقعي لصالح انسداد سياسي قادم , لاسامح الله , يتيح لهياج النفوس والترامي والى سرقة قرن آخرى بهمة اصحاب الفرية وكل ذلك قربانآ للمحاصصة !

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب