20 ديسمبر، 2024 2:05 ص

يا شهداء طوز خورماتو: سلاما

يا شهداء طوز خورماتو: سلاما

الى شهداء طوز خورماتو منذ نيسان 2003
الى الشهيدين علي هاشم مختار اوغلو و احمد قوجا الذين مضيا بطلين يوم 25 حزيران
“لا ادري من اين جاء الحزن لجبال طوز bilmem nedan uzgun bu duzun daglari”، اغنية تركمانية تعود الى عقود مضت، تصف جبال طوز خورماتو و بساتينها الجريحة. صغيرة كنت حين سمعتها لأول مرة و سألت والدي ( رحمه الله) كيف تشعر الجبال بالحزن؟ و كان جوابه ” حين تكبرين و تعرفين الظلم و المذابح التي تعرض لها التركمان، ستكتشفين ان الجبال تحزن”. و حين اصبح المرور بجبال طوز و انا في طريقي الى الدراسة في بغداد، لمست حزنها في لونها، في تكوينها و في امتدادها نحو افق ترجو منها الخلاص.
طوز خورماتو، واحة تركمانية، جميلة، هادئة، منحت للتركمان اثنين من اكبر شعرائهم الراحل حسن كوره م و الذي امضى رغم اصابته بالعمى سنوات مريرة في سجون النظام السابق بسبب قصائده المطالبة بحقوق التركمان و بلبل طوز الشاعر علي معروف اوغلو ( اطال الله في عمره)، و منحتهم اثنين من افضل كتابهم و باحثيهم الشهيد محمد مهدي بيات الذي استشهد يوم 23 كانون الثاني 2013 و الدكتور فاضل بيات و منحتهم الادباء و العلماء و الاطباء و العسكريين و السياسيين و الفنانين و الرياضيين. طوز خورماتو، الجناح الجنوبي لطير جميل يطمع به الكواسر اسمه كركوك. طالما تعاونت مع الجناح الشمالي تلعفر، لحماية كركوك. و طوال عقود، منحت طوز خورماتو الشهداء لأجل الحقوق التركمانية. لكن ما يرتكب ضدها منذ نيسان 2003، ارتكبت و ما تزال ضد تلعفر ، محاولات لسحب التركمان نحو فخ الطائفية و المناطقية المقيتة، محاولات ترهيب ليتركوا مدنهم و اراضيهم، عقابا لهم لأنهم كانوا اول من نادوا بالمحافظة على وحدة العراق و شعبا، و عاهدوا وطنهم بالعمل لأجل ارض كانوا اول من سكنوه و بنوا حضارته و لأجل وحدته قدموا التنازلات برضا. لكن هناك من لا يريد وحدة العراق و لابد من ابادة من يقف عائقا امام التقسيم.
التركمان عانوا كثيرا طوال عقود، منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة، و تكفي الاشارة الى ان مجلس النواب حين قرر تعويض السجناء السياسيين الذين امضوا في سجون النظام السابق لاكثر من عشرين سنة، كان عددهم اثنين و عشرين سجينا، بينهم اثنا عشر تركماني. اكثر من نصفهم من التركمان كدليل واضح على معاناة شعب استمر باحثا عن حقوقه. و في العراق ( الجديد)
 حين بدأت اطراف عديدة بالغرف من المكاسب، واحدا تلو آخر، استمر التركمان يطالبون بحقوقهم، و هناك بون شاسع بين المكاسب و الحقوق، علما ان من بين المكاسب ما تم الاستيلاء عليه تجاوزا.
طوز خورماتو، ، لم تتمكن جبالها الحزينة التي تضمها من جانبين ان تحميها من حزن يستمر منذ عقود، لم تتمكن من مسح دمعة طفلة استمرت تنتظر والدها الذي لم يجدوا له جثة ليدفنوها بعد اعدامه قبل نيسان 2003 و استمرت تنتظر والدا لم يجدوا منه اية قطعة لتدفن بعد تفجير غادر. لم تتمكن من حماية ابتسامة شابة كانت بانتظار حبيب، ذهب ليشتري لها خاتم الخطوبة، و تحولت البسمة الى اسى و دمعة. لم تتمكن من تلبية صرخة ام ما تزال مستمرة منذ عقود، صرخة (ay balam- يا صغيري)..
طوز خورماتو، اي وجع يلفك و يلف التركمان؟ في اقل من سنة، تسببت التفجيرات و الاستهدافات المستمرة لوسط طوز خورماتو حيث الاحياء التركمانية، في هدم اكثر من 200 بيت، و استشهاد  و جرح المئات، كلهم مدنيين و بينهم، دائما نساء و اطفال. اي وجع؟ لا املك كلمة تصف ما يحدث و تجد سببا لمراقبة ما يحدث بصمت.
احمد قوجا، كان مرشحا ضمن قائمة تركمان صلاح الدين في انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة، كان صريحا و شفافا و هو من خلال التلفزيون و التجمعات الجماهيرية يقول ” لا استطيع ان اعدكم ما لا اقدر على تنفيذه، اعدكم ان اكون صادقا”. هكذا كان صادقا مع نفسه، قبل ان يكون صادقا مع الاخرين. احمد قوجا ، قبل شهرين، زف ابنه الى حياة جديدة، و زف ابنه معه اليوم ( 25 حزيران) الى رحمة الله، مضيا شهدين مع الشهيد علي هاشم مختار اوغلو، نائب رئيس الجبهة التركمانية العراقية، و 13 شهيدا آخرين، كانوا جميعا معتصمين في الشارع العام الذي يربط كركوك ببغداد. بدأ الاعتصام منذ يوم الاحد، بعد ان استهدفت مفخختان وسط طوز خورماتو. دائما وسط طوز خورماتو حيث التركمان.. و لا يحتاج هذا الموقع الى سؤال، التركمان في وسط كركوك و طوز خورماتو و التون كوبري و داقوق و غيرها من المدن و البلدات و القصبات التركمانية، لأنهم اصحابها و المستقدمون او القادمون سكنوا الاطراف و التي اصبحت بمرور الزمن احياء سكنية ضمن المدينة.
طوز خورماتو، لك و لكركوك و تلعفر و لجميع المدن و البلدات و القصبات التركمانية و للتركمان الله سبحانه.. اللهم اعن التركمان الذين لا يملكون عونا غيرك سبحانك، اللهم خفف عنهم حزنهم، اللهم ثبتهم على الحق، اللهم بارك في اصرارهم في نضالهم نيل حقوقهم و في المحافظة على وحدة العراق.
و يا شهداء طوز خورماتو، سلاما و يا جبال طوز خورماتو، اما آن لحزنك ان ينتهي؟

أحدث المقالات

أحدث المقالات