مقدمة :
يستقبل المسلمون في صلاتهم كلّ يومِ الكعبةَ المشرّفة ، وهذهِ الكعبة جعلها الله جلّ جلاله قبلةً لنا ومسجداً من أفضل المساجد التي تتضاعف فيها اجور المصلّين والقائمين والعابدين ، وفي بادئ الأمر كانَ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم والمسلمون معهُ يستقبلون المسجد الأقصى في صلاتهم ، فالمسجد الأقصى يسمّى لدينا في الإسلام أولى القبتين وثالث الحرمين الشريفين ، ولكن تحوّلت القبلة إلى الكعبَة المُشرّفة ، التي يقصدها المسلمون من كلّ بقاع الأرض طلباً للأجر وحصول البركة والخير . معنى الكعبة وأسرارها وتُسمّى الكعبة بهذا الإسم لأنّها مكعّبة الشكل ولأنّها بارزة عن الأرض أيضاً ، والكعبة المشرّفة لها من الأسرار العظيمة التي نعرف بعضها ويخفى عنّا كثير منها ، فعندها ينبع ماء زمزم الذي فجّرهُ الله بمعجزةٍ كريمة ، وفي هذا البيت وهذهِ الكعبة مركز اليابسة فمكّة المكرّمة أمّ القرى وما حولها ، والكعبة أسّست قواعدها الملائكة مع سيّدنا آدم ورفَعَ سيّدنا ابراهيم القواعد من البيت وابنهُ اسماعيل عليه السلام ، وفي الكعبة المشرّفة حجر من أطهر الحجارة على وجه الأرض ، وهو الحجر الأسود ، الذي قبّلهُ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، فنحنُ نقبّلهُ اقتداءاً بفعل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. سبب تسمية الكعبة البيت الحرام والكعبة المشرّفة جعلها اللهُ حرَماً آمناً ، فهذا البيت وهذهِ الكعبة هي بيتٌ حرام ،
فلا تُستحلّ فيهِ الحرمات ولا يؤذى فيهِ الإنسان ولا الطير ولا النبات ولا الحيوان ، فقد قال الله عزَّ وجلّ في محكم التنزيل : (( جعّلَ اللهُ الكعبةَ البيتَ الحرامَ قياماً للناس )) سورة المائدة ، فقد وصَف الله عزَّ وجلَّ الكعبةَ المُشرّفة بالبيت الحرام ، وهذا القانون الالهي لهذهِ البقعة المباركة هو تشريفٌ وتكريمٌ لها ، فأن تصِفَ مكاناً ما بأنّهُ حرام هو في غاية التقديس والتشريف ، وكلمة الحرام تعني كلَّ أمرٍ يكون فيه تعظيمٌ للبيت ، فبتحريم البيت يكون الأمن والأمان ، كيف لا وإيذاء شجرِهِ حرام ، والاعتداء على أهلهِ حرام ، والاعتداء على الطير حرام ، وحتّى العبث بحجارتهِ وبنائه بقصد العبث والإيذاء ، والقتال عند الحرم أو الكعبة أمرٌ مُحرّم ، وحتّى الأنعام لا يجوز الإعتداء عليها ، فأيُّ تكريمٍ وتشرفٍ لمكانٍ في العالم مثل هذا المكان ، فإنّها عند ذلك بلا شكّ أكثر البقع أماناً حتّى الطير يجول في سمائها لا يخشى صيداً ولا عبثاً ، فأنت تراها وأنت عند الكعبة المشرّفة تحلّق وتنزل على الأرض بسلامٍ وأمنٍ لأنّها أمِنت على نفسها وعلى رزقها بسبب جعل هذهِ الكعبة أرضاً حَرَماً.بعد هذه المقدمة عن مكانة وقدسية الكعبة المشرفة :يبدو أن إيران ومن يقف خلفاها , ومن خلال تصرفات قادتها الهستيرية , بعد أن جنَ جنونهم بسبب منع الإيرانيين الذين تجندهم الأجهزة الأمنية والمخابراتية والحرس الثوري الإيراني أداء فريضة الحقد والكراهية وبث الرعب والخوف والهلع وإراقة الدماء على أطهر وأقدس بقعة فوق الأرض , وليس أداء فريضة وركن من أركان الإسلام الخمسة , ألا وهي أداء فريضة الحج , أوالعمرة ! , لذلك قاموا على الفور بابتداع فريضة , وأضافوا ركن سادس للإسلام على ما يبدو ؟, وتفننوا بسن عبادة جديدة وفرض ديانة الأمر الواقع على الغلابة والمساكين الشيعة , متحدين مشاعر أكثر من مليار ونصف مسلم .. وبلهجة تحدي واضحة وصوت عالي .. يا عرب لكم ” مكة ” ولنا ” كربلاء ” نحج إليها بدون قيود وبدون شروط أو فيزة أو دعوة … لأن العراق هو أرض أبائنا وأجدادنا , ندخله متى وكيف ما نشاء !؟؟.
ولهذا نود أن نسلط الضوء على ظاهرة وبدعة جديدة ابتدعها أحبار وكهنة المحفل الفارسي الجديد , ويروج ويمتثل وينصاع لها للأسف الشديد السواد الأعظم من رعاع الشيعة بشكل عام وشيعة العراق بوجه الخصوص , ألا وهي جعل ” كربلاء ” قبلة جديدة للمسلمين ؟, وزيارة قبر سيدنا الإمام الحسين ع تعادل حسب ادعاءات معممي الجهل والضلالة والتقية ونشر وترويج الخرافات … بأنها .. أي الزيارة حسب آخر اعلان مزاد في بورصة الحسنات , والذي بدأ أجر الزيارة الواحدة يعادل من (( 100 )) ألى مليون حجة !!!!, ومازال العداد في حالة ارتفاع , ربما يصل في العام القادم إلى المليار !؟, هذه الظاهرة أو هذه الفرية والإكذوبة الجديدة , والتشويه المتعمد لمكانة ومدرسة آل بيت النبي الأطهار , لم نسمع بها من ذي قبل ولم يجرأ على قولها أعتى عتاة وملحدي وزنادقة الأرض منذ أن قصد أبرهة بن الصباح الحبشي مع سليل ورمز الخيانة ” أبا رغال ” هدم الكعبة المشرفة , الذي انتهى بعجزة , أن أرسل الله جلت قدرته عليهم , ( طيراً أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل , فجعلتهم كعصفٍ مأكول ) صدق الله العظيم , !, ومنذ أن سرق القرامطة الحجر الأسود سنة 317 هـ – 908 م , وغيبوه على مدى 22 عام ولم يعيدوه إلا عام 339 هـ , تلك الفترة وأحداثها يبدو أنها قد أطلت برأسها علينا وعلى مقدساتنا من جديد , وأن ما جرى بالأمس وما يتم الاستعداد والتحظير له اليوم , قريب ومشابه إلى حد كبير لتلك الأحداث الجسام التي مرت على الأمة العربية والإسلامية قبل حوالي ألف عام وأكثر , عندما استقوت جيوش القرامطة على دولة الخلافة العربية الإسلامية آنذاك مستغلة ومستثمرة ظروف الوهن والتشرذم التي أصابت أمة العرب حينها ، فقاموا بشن الحملات الوحشية لبث الرعب والهلع في نفوس المسلمين، ونفذت عمليات الابادة والقتل الجماعي بلا حدود، ومارسوا نظام العصابات والغارات على قوافل الحج، حتى أنه في سنة 316 للهجرة لم يتمكن أي من الحجّاج القادمين من العراق من أداء مناسك الحج . وفي سنة 317 هـ , وكانت الفاجعة الكبرى عندما وقعت آنذاك المذبحة الشهيرة في مكة المكرمة، منتهكين حرمة وقدسية المسجد الحرام، حتى قدر عدد الذين قتلوا في هذه الحملة الوحشية 30 ألف مسلم! وكان قائد القرامطة ” أبو طاهر الجنابي “, ينشد وهو يقف بقرب الكعبة ( أنا بالله وبالله أنا ) , وكذلك قوله لعنه الله ( يخلق الخالق وأفنيهم أنا ) , هذا جزء يسير ومبسط من التاريخ البعيد والقريب الذي بدأ يعيد نفسه ويتجسد يوماً بعد يوم , منذ مجيء ” روزبه بسنديده ” أي ما يسمى آية الله الخميني وملالي إيران لحكم إيران عام 1979 , ولهذا ليس غريباً أو مستهجنناً عندما يقومون هؤلاء الأوباش قرامطة العصرالجدد بالتهكم والاستخفاف والاستهانة بأهم ركن من أركان الدين الإسلامي الحنيف , ويجعلون الناس البسطاء من العرب المسلمين وغير العرب , يشككون بشعائر ومناسك دينهم الحنيف وبالرسالة والسنة النبوية المحمدية المطهرة , بهذه الطريقة الاستفزازية التي لا يجرأ أحد حتى على التفكير بالطعن بها بينه وبين نفسه , مهما أغوى ووسوس في صدره أو ركبه كل مردة شياطين الجن والأنس , فما بالك بإقامة الحفلات الصاخبة التي ترافقها الموسيقى والرقص ,وإقامة التماثيل عن طريق تشييد مجسم هندسي مشابه لمجسم الكعبة المشرفة , والدوران حوله بشكل قرقوزي هستيري مقزز , تتخلله النكات والضحك والصعود فوقه ورفع الأذان الفارسي … ماذا يعني هذا يا عرب ويا مسلمين إذاً …!؟؟؟, ففي الوقت الذي ينتشر فيه الإسلام بشكل فاق ويفوق جميع التوقعات والاستطلاعات , بالرغم من نسج وحياكة المؤامرات الشيطانية الخسيسة ضده , ولصق الإرهاب الأعمى والجرائم الوحشية , والتفجيرات المروعة , بالإسلام والمسلمين من أجل إشاعة الخوف والذعر بين جميع شعوب الأرض , لكن الأمة التي بدأت برجل قبل 1437 عام أسمه ” محمد بن عبد الله ( ص ) ” صارت اليوم أمة الملياري مسلم , سوف لن يخذلها الله سبحانه , وأن جميع المحاولات والمؤامرات الدنيئة التي يحاول بها أعداء الله والإسلام والإنسانية ثني المسلمين عن أداء شعائرهم وتغير بوصلتهم وحرفهم عن قبلتهم التي دلهم وهداهم إليها الخالق سبحانه وتعالى , ستفشل وستجلب الخزي والعار والشنار لأصحابها كما أخزت أبرهة الحبشي والقرامطة وغيرهم , ولهؤلاء الرعاع والمغفلين في العراق وغيره من الدول التي تحاول إيران تغير التركيبة الديموغرافية الطائفية فيها بدعم أمريكي صهيوني ماسوني لا غبار عليه .
لقد أثبت موسم الحج الحالي هذا العام , بأنه كان المواسم الأكثر أمناً وهدوءاً وراحة وانسيابة , وقد سادت روح الأخوة العربية الإسلامية , وطابت نفوس الحجاج والقائمين وعمَّ الفرح والسرور, وغمرتهم قدسية المكان المشرف حالة من الروحانية والبهجة التي لم يعهدوها أو يسمعوا بها من ذي قبل , وكذلك لم يعهدها الحجاج ولا الدولة والحكومة في المملكة العربية السعودية منذ عشرات أو حتى مئات السنين , بعد أن تم استبعاد ومنع الحجاج الإيرنيين المشاكسين والمروجين لإثارة النعرات الطائفية والأحقاد القومية كما هم أجدادهم القرامطة أخزاهم الله , ناهيك عن المفاجئة السارة , حيث تم تداول صورة إعلان وإشهار السفير البريطاني في المملكة وزوجته اسلامهم وتأديتهم فريضة الحج , وهذه بحد ذاتها صفعة إلهية لكل من تسول له نفسه المساس بالقيم السماوية … فسبحان الذي يهدي لنوره من يشاء , ويضل من يشاء … فتبارك الله أحسن الخالقين … والحمد لله رب العالمين .. الرجاء لا تنسونا من صالح دعائكم