في تغريدة للنائب السابق ورئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني في الرابع والعشرين من مارس 2021 “من ثورة الجِياع القادمة إذا لم يُخفّض قيمة الدولار” حينها كان تحذير السوداني على تويتر للحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي بعد أن رفعت سعره أمام الدينار، بعد أكثر من سنة يجلس السوداني على كُرسي الرئاسة في القصر الحكومي الذي إستقبل سلفه الكاظمي ولكن بدل أن يُسارع الرئيس إلى تعزيز قيمة الدينار تسارعت الورقة الخضراء بالتقافز من درجة إلى أخرى إلى أن وصلت إلى مُعدلات تفوق ما كان عليه سعر الدولار في زمن سلفه وكأنها تُخبر الشعب ما رضيتوا بِجزّة… رضيتوا بِجزّة وخروف.
عُملة الدولار التي تقف الحكومة أمام لَجّم إرتفاعه عاجزة أو ربما هي أزمة مقصودة في توصيف يؤكّد أن جميع الحكومات السابقة واللاحقة هي وجوه واحدة وسياسات مُتطابقة وأهداف ونتائج لاتتغير.
النائب السابق محمد شياع السوداني الذي كان يُحذّر من ثورة جِياع ربما نَسّي رئيس الوزراء الحالي أن الثورة التي يتحدّث عنها قادمة لا محالة وليست إلّا مسألة وقت فيما إذا إستمر هذا السكوت والتغاضي من مُعاقبة الشعب العراقي من خلال دورة الحصار الإقتصادي التي تُريد أمريكا فرضه وإعادة سنواته العِجاف لهذا البلد.
الإنتفاضة الجماهيرية التي يتغافل عنها السوداني وحكومته التي كان عنوانها حكومة خدمات عندما بَشّرت بالكثير من الأمنيات والتمنّيات دون أن يرى الشعب هذا الخيرالمُرتجى، في حين كانت الوعود السين وسوف كل شعاراتهم التي أغدقوها على الفقراء والسُذّج والذين أرادوا أن يُقنِعوا أنفسهم ولو لِمرّة واحدة أن الحكومة الحالية ستكون مُختلفة عن سابقاتها بوفاء وعودها معهم، بعد أن أرادوا أن يُصدّقوا مقولتهم الأنتصار للشعب.
التبرير الحكومي المُعلن لإرتفاع سِعر الدولار هو العقوبات الأمريكية والمأزق الذي وِضِعَت فيه الحكومة لإذلالها، فإذا كان هذا التبرير حجّة أو عُذر للتجويع فبئس الحكومة وبئس الحُكم الذي يخضع لإرادات خارج الحدود ولاينتفض عليه، ثم أين هي السيادة التي يتحدّثون عنها وهي تجعل البلد رهينة لأمزجة أمريكا؟.
إعلان الحرب على قوت الفُقراء من خلال خفض قيمة الدينار أمام الأمريكي، من المؤكّد أن السوداني لم يستقرئ جيداً تاريخ الشعوب والأمم حين كانت تنتهي خواتيم تلك الحروب لصالح الفُقراء والجِياع.
أيُها الرئيس سنوات الحِصار الظالم الذي فرضته أمريكا وحلفائها على العراقيين لازالت مرارته علقماً في أفواههم ومانسوا ذلك الرز المخلوط بنوى التمر المطحون، ونعتقد أنكم من عراقيّي الداخل الذين لازالت ذاكرتهم تحتفظ بذكريات تلك الأيام المريرة.
بعد أكثر من سنة على تغريدة السوداني يقف الشعب أمام المرآة مُخاطباً نفسه ويقول ما رِضينه بِجزّة رضينه بِجزّة وخروف، ويبدو أن صمت الحكومة سيأخذ مِنّا حتى الخروف.