23 ديسمبر، 2024 10:46 ص

“يا أمة نهلت من علمها الأمم”!!

“يا أمة نهلت من علمها الأمم”!!

على مدى قرون , وبيت شعر المتنبي الذي عجزه ,  “يا أمة ضحكت من جهلها الأمم” , ينخر في أعماق وجودنا ويرسم نمطية آليات تفكيرنا , التي أفرغت أعماقنا من قدرات الثقة بالنفس والإحساس بالقيمة والدور والتأثير.

فالكثير من الأمثال والأقوال والأشعار السلبية  , قد أسهمت في بناء الحالة النفسية للأمة , بأجيالها المتواكبة , حتى وصلنا إلى إستلطاف الكتابة والحديث عن الموضوعات التي تسفه أحوالنا , وتنال من ذاتنا وهويتنا وقيمتنا.

 بل أن الأفكار والكتابات السلبية لها أسواق رائجة  وقرّاء يتزايدون  , وكأننا نتمتع بالضحك على أنفسنا والنيل من وجودنا بماضيه وحاضره ومستقبله.

وقد وصل بنا الأمر إلى أن نعادي ما يمت بصلة لمعاني حياتنا وعقيدتنا , فرمينا ما فينا في جحيم الويلات والتداعيات وآبار الخسران.

وعندما نتصفح ما ينشر في الصحف والمواقع , يبدو جليا  المنهج السلبي والطرح الذي يجرد العرب من قيمهم ومعاني وجودهم  , وبأنهم لا يملكون مؤهلا الصيرورة المعاصرة , وما عليهم إلا أن يخنعوا ويذعنوا ويستسلموا , ويغادروا بلدانهم , ويتركونها للآخرين التي ستهدى إليهم.

إن الرأي المنصف والقلم الحاذق الصادق الذي يبحث عن الحقيقة ويسعى لتنوير العقول , عليه أن لا ينساق مع هذه الموجة الإتلافية الإنقراضية الساعية إلى تدمير الوجود العربي وتحطيم دور الأمة وإلغائه.

فالواقع يقول بصوتٍ عالٍ ووضوح ساطع  , أن أمة العرب قد نهلت من علومها الأمم الأخرى , كما نهلت هي من علوم غيرها, وأنها أسهمت مع الآخرين في إستنهاض الوجود الإنساني , وتحريره من قيود الظلام والأوهام والإنحرافات السلوكية , وشاركت معهم في وضع الدنيا على سكة الإنطلاق الحضاري المشرق المطلق الذي نتنعم يعطاءاته , ولا تزال تساهم في زيادة مساحة الإشراق الأصيل!!

فالحضارات تفاعل إنساني وإنسكاب أفكار في نهر الحياة الجاري , الذي يشارك أبناء الأرض كافة في إدامة دفق تياره!!

وأظنكم لا تزالون ترددون ما قاله المتنبي  , لكن الأمم لكي تكون عليها أن تتغير , والتغيير يبدأ من النفس أولا.

فهل نمتلك مؤهلات وإرادة التغيير وصناعة الذات الحضارية المعاصرة؟!!