ذرع الشارع جيئة وذهابا، وهو ينظر الى الارض ويكلم نفسه لساعات، يهز يده تارة وتارة اخرى يرفع رأسه نحو السماء، وكأنه يدعو على احدهم، تعب كثيرا وجلس ليأخذ راحة لبعض الوقت، ثم عاد ثانية وعلا صوته قليلا، فما كان مني الا ان ابادره بالتحية، وبعد ان ردها عليّ قلت: خير ابو عدي اراك مهموما، وكأنك تلعن احدا ما، فقال: انا العن النواب، قلت له: فوق لعنة قانون التقاعد التي حلت عليهم، قال: سالعنهم لعنة الميزانية، صار اربعة اشهر وصك الاسكان في جيبي ولم اتسلم فلسا واحدا، وانا اعلم ان الكرد مكتفون ولايريدون ان يتعبوا انفسهم بما قالت الميزانية، ومشكلة الفقراء معها، لأن جميع ثرواتهم تعود عليهم بالنفع، لايقبلون ان يعطوا الجزء ويطالبون بالكل، نفط البصرة وكردستان يصبان في جيب مسعود، ومن ناحية اخرى قام السيد مقتدى وفتق فتقا كبيرا، استقال على اثره غالبية كتلة الاحرار، وانا خائف ان يستقيل محمد الدراجي وزير الاسكان وتروح مصروفاتنا على القرض بخبر كان، وتعرف انني اسكن وعائلتي بغرفة واحدة، لانني ( فلشت) اعتمادا على قرض الاسكان وهذه هي السنة الثالثة مراجعات، الختم عيده وجيب صحة صدور واجازة البناء مخالفة للشروط وعلى هالرنه اطحينج ناعم، حتى سئمت وكرهت الحياة وتعال ياهو اليطلع الحمار من الوحل.
كنت اريد ان اسحبه خارج الموضوع لانني رأيته وقد اخذ منه الحزن مأخذا كبيرا، فقلت له وماقصة هذا الحمار فقال: هذا واحد امجاري عنده حمار، حمّله فوق طاقته، وكان المطر يهطل فتحولت الساحة التي يريد المرور منها الى وحل وماء، والمجاري يريد ان يختصر المسافة فاجبر الحمار بالمسير في الوحل، وعندما توسط الحمار المسافة توقف واصابته حالة حرن، وبدأ المجاري يضرب الحمار والحمار لايتحرك مترا واحدا، وحين تعب جلس قريبا من الحمار وهو يقول: ياهو اليطلع الحمار امن الوحل، فقال له احدهم وكان مارا بطريقه: عمي دشيل الحمل عن هذا المسكين وهوه يطلع لوحده، وهسه يا ابو عدي ياهو راح ايشيل الحمل حتى يتم اقرار الميزانية، النواب وكم عدد النواب المتبقين، متحدون انسحبت، الاحرار انسحبت، الكردستاني يرفض حضور الجلسات البرلمانية، وووو فكيف سيكتمل النصاب للتصويت على الميزانية، اما المالكي فقد تبرع بالجزء الاكبر منها، مرة للحواسم ومرة للنازحين من ابناء الرمادي والفلوجة، ومرة للسلاح من روسيا واميركا وكأنه يخوض حربا عالمية، والرجل حائر كيف سيسوي الامور، ويوميا هناك مفاجآت جديدة، مفاجآت داعشية وقاعدية واخرى شيعية، لان كتلة المواطن ايضا غير معروفة الهدف، وربما انسحبت هي الاخرى لتشكيل برلمان جديد، ابو عدي خائف لان الاوراق بدت مختلطة وعسير على اي احد ان يتكهن بالمستقبل، خصوصا وان البيعة بدأت في الانبار لابي بكر القريشي الحسيني زعيم داعش، بينما البيعة في بغداد لابي احمد المالكي المذحجي، ولو رأينا الامر على حقيقته فلا خلافة مع خلافة قريش، خصوصا وهي تؤمن ان العراق بستان لقريش منذ ان فتحه عمر بن الخطاب وحط على ظهره جيش سعد بن ابي وقاص، صار ضيعة وبستانا لقريش، وعلى هذا الاساس ومنذ العصر الاول نحن نعاني من هذه القضية من دولة الامويين الى العباسيين الى التتار الى السلجوقيين ومن ثم الفرس ثم الاتراك، وحتى صدام ادعا بشجرة نسبه العريقة انه يعود الى قريش، وحتى بريطانيا ناغت مشاعر الناس في 1920 ولم تختر حاكما عراقيا على العراق، وانما اختارت ملكا قريشيا، وستستمر هذه القضية ياعزيزي يا ابو عدي وتعال ياهو اليطلع الحمار امن الوحل.