تنتشر بين صفحات التواصل الاجتماعي هذه الايام دعوات من جهات مختلفة تطالب بتحويل النظام السياسي في العراق الى نظام رئاسي بدلاً من النظام البرلماني . وبغض النظر عن دوافع تلك الجهات التي كانت تطبل وتصفق لولايتين كارثيتين للمالكي لم نسمعها تطالب بهذا الطلب نود الاشارة الى عدد من الملاحظات في هذا السياق ايماناً منا بان العراق يحتاج الى حكمة في الأدارة وليست نظام بعينه .
عندما اشرت الى هذا المقال وقبل نشره تلقيت تعليقات محترمة من عدد من الاصدقاء ذوي العقول الوطنية اشارت بمجملها الى ان لب القضية يكمن في ان العراق اليوم كما قال الصحفي العربي والمفكر محمد حسنسن هيكل من ان العراق عبارة عن مصرف استولى عليه اللصوص . وأي كانت عمليات نهب البلد التي تمارس فالصصوص هم لصوص !
المشكلة الحقيقية في العراق هي ليست نظام الحكم انما هي من تسلم الحكم وطريقة ادارته للبلد سواء كان برلماني او رئاسي واذا كنا فعلاً قد تخلصنا من نظام دكتاتوري فأن عراق مابعد الأحتلال جاء بمجموعة كلها تمارس الدكتاتورية بأبشع صورها لينتشر القتل والتعذيب والأقصاء والقمع وهذه حالات لايستطيع انسان سوي ان ينكرها .
العديد من دول العالم التي تحترم نفسها تتعامل مع المواطن على انه اساس الحكم وان كسب ثقته انما تمثل الغاية الحقيقية للأحزاب التي تحصل على نتائج تسمح لها بتشكيل حكومات ولم نسمع ان حكومات في نظم برلمانين نهبت اموال شعبها ومارست بحقة ابشع الجرائم ! ففي بريطانيا مثلاً التي يمثل نظامها الملكية تابعنا مؤخراً كيف حصل ديفيد كاميرون على ولاية ثانية فذهب الى الملكة والقى خطابه وشكر الشعب وتعهد بأن حكومته ستعمل بدون راتب ولمدة 5 سنوات . وحكومات اخرى تتسابق في تقديم عصارة افكارها لخدمة بلدانها وان حصل أي خطأ حتى لو كان غير مقصود نجد المخطيء وقد قدم استقالته مع اعتذار للشعب . هذه الثقافة موجودة في بلدان غير مسلمة لآنها تحترم الأنسان وهي بذلك تملك اخلاق الأسلام .
أما نحن فنسير عكس القيم والأخلاق والتعاليم السماوية وندعي اننا مسلمين ! من ادار البلد طوال السنوات العشر الماضية اشاع فينا الغقر والجوع والفاقة والعشوئيات وتصرف وكأنه دكتاتور ثم يأتيك ليقول اريد نظاماً رئاسياً . نشر في العراق الأزمات والمعتقلات والقتل والتفرقة والطائفية وهو يدعي الأسلام ويقول لك اريد نظاماً رئاسياً !
ولو افترضنا جدلاً ان النظام تحول الى رئاسي مالذي سيحصل ؟ ستعود الدكتاتورية بأبشع صورها بحجة الأكثرية والأقلية وسيبقى العراق يغلي مدى الدهر .
اكثر من 12 سنة لم تتمكنوا من تغيير او تعديل مادة واحدة من الدستور أو اصدار قانون خاص بالأحزاب وتريدون تغيير نظام ؟ كفاكم لعب بعقول الناس ! وعملية تعديل النظام الحالي وابعاد الأحزاب المتشكلة على اساس طائفي وتحريم الطائفية هي الكفيل بمعالجة مشاكل البلد وتقليص اعضاء البرلمان ليكون عضو برلمان لكل 500 الف عراقي وبناء سليم لأخلاقيات العمل السياسي هو المطلب الحقيقي اما بقاء من دمر العراق ونهبه من الأحزاب الحاكمة على حالها لن يجعل العراق يتعافى . العراق اليوم لايعرف للأنسان كرامة وليس له حقوق بل ان الأنسان في العراق كالجمل الذي يحمل الذهب ويتناول الحصرم فلاتأخذكم الضجة والخديعة من ان تغيير النظام علاج بل انه مصيبة اخرى والمطلوب هو ايجاد قيادات وطنية لاتكفر الآخر وتهتم ببناء العراق وان لاتفكر بالولاء للأجنبي شرقي كان او غربي .