هل تعتقدون حقا ، أنكم قادة وتديرون بلدا أسمه العراق ؟ ، وهل بقيت من مقومات الدولة شيء بفضلكم ؟ ، هل تعتقدون أن لكم سيادة وطنية ، وهيبة لفرض القانون ؟ ، هل تتوهمون أن في البلد سماءً غير مُنتَهَكة وأرض غير مُدنّسة ، هل أبقيتم على شيء من إستثمار ، وبُنىً تحتية ، وصناعة وزراعة وحدود وإعمار وتنمية وصحة ؟ هل تعتقدون ذلك حقا ؟ ، بماذا تتداولون فيما بينكم وأنتم تسمعون بيانات العار المخزية من قبل منظمات أممية وعالمية ، أن العراق وعاصمته أسوأ مكان للعيش ؟ ولها أسوأ الطرق وأسوأ بيئة ، ومعدلات بطالة قياسية ، الدولة الأولى المنتهكة لحقوق الإنسان وصاحبة أكبر رصيد في قتل الصحفيين وتصفية الأقلام الحرة المنتقدة ؟ دولة لها سادية لا نظير لها في قتل المتظاهرين ، هل أبقيتم من البلد شيء يامن أترعتم أنفسكم بالثروات ، أيتها البطون التي جاعت ثم شبعت ؟ ، لكن أحدكم يعمل بالمثل (الإمارة ولو على حجارة) ! ، حتى لو تحولت تلك الحجارة إلى جماجم ، وقد تحولت فعلا ، هل لديكم شيء من إحساس ما تعانيه الغالبية العظمى المقهورة بسببكم ، هل لديكم فكرة عن مجرد معايشة ولوبسيطة عن المعاناة اليومية للجماهير ؟ ، أشك في ذلك لأن مشاعركم قد بلغت البلادة فيها مبلغها ، تُرى ماذا يدور في رؤوسكم وأنتم تتأنقون صباحا وتحلقون لحاياكم وأنتم تنظرون في المرآة ؟ وأنتم في حمّامات باذخة مكيّفة لم تكن تحلمون يوما بها ، ومنكم من (يستحرم) حلق لحيته وهو من أخلص جنود الشيطان ! ، ماذا ترون ؟ وجه قائد ما ؟ هل بقي لديكم شيء من الإعتزاز ؟ على ماذا ؟ هل تحسون بشيء من الإعتداد بالنفس ؟ على أي شيء ؟ هل تشعرون بالقوة والسطوة ؟ على مَنْ ؟ على مراهق ينهال عليه ذيولكم الأوباش بالضرب والتعذيب والكلام البذيء والتشهير بعرضه وهو بلا حول ولا قوة ؟ بحيث دفعت الغيرة على الإنسانية التي تفتقرون إليها ، بدولة كالنمسا التي تبعد عنّا آلاف الكيلومترات بإعطاءه اللجوء إليها قائلة (إن العراق مشروع موت) ، وهم محقون في ذلك كل الحق ، دولة لا تجمعنا معها لا دين ولا لغة ولا جيرة ولا ثقافة ولا تاريخ ولا عِرق ، لكنهم يفهمون جيدا لغة عالمية تفتقرون إليها ، بل مفردة غير مدرجة في عقولكم إن كانت لكم عقول لهذا لا تعترفون بها ، إنها لغة حقوق الإنسان ، فلا تمتلكون إلا سايكولوجية الهمجية المطلقة ، مدفوعين بحب التسلط عند أدنى حدود الصلاحية التي حوّلتكم إلى وحوش تغتنم أكل الناس كما قال الإمام علي (ع) ، نسمع توجيهات هنا وهناك بحسن معاملة المتظاهرين ، دون العمل بها لأن من يصدرها غير محترم ولا يمتلك الحدود الدنيا من سطوة فرض القانون ، ولا يوجد شيء اسمه الإنصياع لتوجيهات المافوق ! ،لهذا فمسألة طرد هذا القائد أو إبعاد ذاك ، لن يحل المشكلة ، فقد ترسّخت لدينا ثقافة إستضعاف الناس وكأننا عدنا إلى عصر البداوة ، بل للغابة ، حيث يأكل القوي الضعيف .
هل عشتم معاناة يومية للمواطن ، وهو بلا كهرباء في هذا الحر اللاهب ؟ هل تعلمون أن نصف أحياء الرصافة تعاني من إنخفاض شديد في الفولتية رغم قلة الساعات التي يجهزونا لنا بالقطارة لمدة تصل إلى 6 ساعات في اليوم ، وبفولتية لا تزيد عن 170 فولت ؟ ، هل تعلمون أن أجهزة الحماية تقطع التيار عن أحمال جوهرية مثل الثلاجة ، فيضطر المواطن المبتلي بقياداتكم إلى إلغاء جهاز الحماية ، فيحترق ضاغط ذلك الصندوق المتهالك الصدئ الذي أسمه الثلاجة ، فيتعفّن زاده الثمين الذي تسوّقه بعرق جبينه وهذا يذكّره بعفونة عقولكم ؟ ، ويضطر الكثيرون أيضا لإقتناء جهاز رافع الفولتية ، مقتطعا ثمنه من قوت عياله ، هل تعلمون إن (تجاسر) المواطن وأراد تشغيل المبردة ، فلا يجد ماءً في الصنبور ؟ فلأول مرة أرى صنبور مياه يشفط الهواء ! ، فيضطر إلى تشغيل مضخة الماء وعادة من كهرباء أصحاب المولدات ، ولكونه محددا بالتيار ، فعليه إطفاء عدة أحمال ، ويبقى ساهرا على خزان الماء حتى يمتليء ! ، فيطفيء المضخة ليعيد تشغيل الأحمال مرة أخرى ، هذا إن لم تصبه مصيبة إنقطاع سلك السحب ، وهو يتملق اصحاب المولدات ، وتسعيرتكم للأمبير أثلجت صدورنا ، بواقع 5 آلاف دينار للأمبير ، ولكونكم غير محترمين حتى من قبل أصحاب المولدات ، ولا تتابعون ما تقولون ، بلغ سعر الأمبير في مناطقنا من 15 إلى 18 ألف دينار ؟ معللين ذلك ألى الضغط الشديد على مولداتهم بسبب غياب شبه تام للكهرباء الوطنية ، وإلى كون مولدتهم غير حكومية ، وعن نفسي لم أشاهد مولدة حكومية واحدة ! ، فاضطر الناس إلى تقليل حصصهم من تيار السحب ، فترى التيار ينقطع عن المنازل مرارا ، ويتحوّل صاحب المنزل إلى ما يشبه رقّاص الساعة ، يدور هنا ويتفقّد هناك ، ويطفيء حمل هنا وحمل هناك ، بل يضطر البعض إلى إطفاء حتى الأضوية ، هل تعلمون كم من الوقت يستغرقه صاحب المنزل المسكين وهو يقوم بجهد شاق وعقيم ، وهو يصل الليل بالنهار ، لاعنا حظه بل لاعنا لكم في بلد لايقيم له وزنا ، لأنه بلد غير محترم ؟! ،كل ذلك وهو حبيس منزله بسبب وباء كورونا ، فكيف سيتسنى له قراءة كتاب مثلا أو مجرد مشاهدة التلفزيون ، إلا يحتاج الإنسان إلى سويعات من الترفيه أو الوحدة مع الذات ؟ وكيف ، عند حظر التجوال ، وقواتكم الأمنية تتصيّده في الشارع إذا لم يكن بإسم الحظر ، فبإسم الفردي والزوجي !، تحاسبه على إرتداء الكمامات التي من المفترض توزيعها مجانا ، لا أرى تفسيرا لفشلكم وخيباتكم وضعفكم ، سوى أن كل ذلك ممنهجا من قبلكم فتتفرغون لسرقاتكم وصفقاتكم المريبة في بيع ما تبقى من البلد ، فأكبر عدو للطغاة هو الجمهور ، فيجب إشغاله ، وقد كرّستم البطالة وأجعتموه ولم تتركوا له متنفس واحد .
هل تعلمون أن أنسام الصباح صارت سامة بسبب حرق النفايات ، وان كل متر من شوارعنا لا يخلو من ندبة أو حفرة ، متى تشهرون إفلاسكم وتنأون عن (لامهامكم) السياسية ، فحتى الراتب الذي يستحقه الموظف صار مكرمة من جنابكم ، وإستحقاق المتقاعد المسكين مكرمة رغم التأخير ، تتحدثون عن (مكرمة) زيادة ضخ المياه في الرصافة ، ولم نجد إلا الجفاف ، طالما تحدّثتم عن تحسين خدمة الإنترنيت السيء جدا على مستوى العالم ، فأنخرطتم بعملية أسميتموها (الصدمة) ، لمحاربة تهريب خطوط الإنترنيت أو هكذا إدّعيتم ، وأنتهت عملية (الصدمة) ، بصدمة أخرى تفاجأ بها المواطن لأنه لم يحصد سوى المزيد من التردي في هذه الخدمة ! .
هلّا أهملتم ما يزينونه من حولكم من الإمعات والعصابات وكهنة الدين وماسحو الأكتاف من المستفيدين ومعدومي الضمير ، وأنتم بلا أدنى قاعدة جماهيرية سوى مرتزقتكم ، وأصغيتم السمع لهمس المواطن المقهور ، ثقوا لن تجدوا سوى أنواع السباب واللعن اللاذع والدعوات المبتكرة ليريكم الله جحيم الدنيا قبل الآخرة ؟ ، ونكات ونوادر وأخبار تجعلكم مثارا للرثاء والشفقة ! ، فإن كان هذا وأنتم فوق التراب ، فماذا سيكتب التاريخ عنكم وأنتم تحت التراب ، نسأل الله أن يُعجّل ، وستطول وقفتكم أمام الواحد الجبار ، لأنكم أفنيتم دنياكم بالمتاجرة به وبأقدس المقدسات ، وأخيرا ، مذا سيدور في خلدكم وأنتم تأوون لفراشكم الوثير ؟ ، هل ستنامون ملء الجفون ، بالتأكيد ، فمن النادر أن نصادف إنسانا معدوم الضمير في أي مجتمع بشري ، فسيكون مرصودا من الجميع ومذموما ومحتقرا ، يتحاشاه الجميع ويبتعدون عنه بحذر ، ينظرون إليه شزرا لإتقاء شرّه ، فمن تجرّد عن ضميره ، تجرد عن إنسانيته ، وستتوقع منه كل الشرور ، هذا نموذج نادر ، فكيف إئتلفتم جميعا وأنتم تشتركون جميعا بهذه الصفة ؟ ، مَن أنتم ؟ ما الذي أتى بكم على غفلة من الزمن وكيف ؟ ، كيف عرفناكم معرفة جرّت ندما على حد قول الإمام علي (ع) ، لولا المحتل الذي إنتقاكم بعناية من كل زوايا الخفافيش المظلمة ؟ ، ثم تعودون وتدّعون مقاومته ؟! ، بقتل عشرة من الأبرياء ، مقابل (ݒنچر) في سيارة (هامفي) أمريكية في أحسن الأحوال !! .
هكذا حشرتم المواطن في زاوية ضيقة حتى إختنقت الأنفاس ، فصار من العار عليه أن لا يثور ، فلا طريق آخر أمامه ، فأطلقتم كلابكم السائبة ، قتلا وجرحا وتغييبا وخطفا على المساكين المنتفضين ، لكن ذلك لن يفتّ في عضدهم بل سيزيدهم قوتهم ودوافعهم ، ثقوا بذلك .