” أحلى من الشرف ..مفيش ” واحد من أشهر أفيهات السينما العربية التي وردت على لسان نجم المواقف الكوميدية السوداء بلامنازع ، توفيق الدقن ، في فيلمه ” “أحبك يا حسن”، وكان أحد أصدقائي القدامى مولعا بهذه العبارة ولطالما رددها في كل شاردة وواردة ونحن في طريقنا الى ” مركز ابن رشد” لعلاج الإدمان الكحولي في ساحة اﻷندلس وسط العاصمة بغداد عام 2003 بغية الوقوف على حقيقة مرعبة واحدة فقط ﻻغير مفادها ” هل تفشت المخدرات الفتاكة في عراق ما بعد الإحتلال الاميركي ، أم ﻻ ؟!” ، طوال الطريق كان يردد بصوت عال عبارة – عبدة دنس – اﻵنفة وكلما وقع بصره على قطعان المحتل الغاشم من رعاة البقر وهي تذرع شوارع العاصمة لتنشر الخوف والموت والرذيلة بيننا و- الحشيش والتحشيش قراطية – كجزء من متطلبات ما أطلقوا عليه اصطلاحا ( الفوضى الخلاقة ) التي ورد ذكرها علنا للمرة الاولى على لسان وزيرة الخارجية الأميركية الشمطاء “كونداليزا رايس ، عام 2005 ، هذه الفوضى التي تشبه الى حد بعيد عصارة فكر الفرقة الحجتية القائلة بـ” نشر الرذيلة للتعجيل بظهور المهدي !” الفكرة الجهنمية التي اخترعها ونفذها الشيخ محمود حلبي، في ايران عقب الإطاحة بحكومة مصدق عام 1953لشرعنة كم الرذائل والموبقات التي تجري في بلاده واظهارها على إنها سمة محمودة وليست مذمومة بل ومندوبة ايضا كونها ستفضي في نهاية المطاف الى الإسراع بخروج من سيملأ الارض عدﻻ بعدما ملئت ظلما وجورا ، وهي بدورها نسخة طبق الاصل لفكرة تلمودية قديمة من إختراع ما يعرف بالكابالا ونصها “نشر الرذيلة والبغاء والجريمة المنظمة للتعجيل بخلاص (الشعب المختار) على حد زعمهم وظهور المسيح المخلص – المسيا – او (المسيح الدجال ) المهم ..ماطول عليكم السالفة – وصلنا الى المركز وكان يبدو وكأنه نجى بأعجوبة من – جراد الحواسم – الذين سرقوا كل شيء في بلادي آنذاك كفقرة أولى تمهد – ليس الى ظهور المخلص – وإنما الى ظهور السراق والقتلة وتجار المخدرات وعلى أعلى المستويات ممن يترنم كل واحد منهم ببيتين من الشعر تضرب في أكثر الناس شرا حول العالم :
وكنت امْرَأً من جند إبليس فإرتقى..بِيَ الدهر حتى صار إبليس من جندي
فلو مات قبلي كنت أحسن بعده .. طرائق فسق ليس يحسنها بعدي
يومها قال من إلتقيناه وﻻ أدري إن كان هو المدير الفعلي للمركز أم أحد معاونيه ” ﻻ لم تظهر المخدرات حتى اﻵن بالشكل الذي ينذر بالخطر وماتزال شقيقتها الخمور هي سيدة الموقف – لتدويخ الجمجمة العراقية – ولو ظهرت فأود أن اعلمكم بأن مركزا واحدا لعلاج إدمانها ﻻوجود له في العراق البتة ﻷن نسبتها ﻻتتعدى 3 % وعقوبة تاجر المخدرات كما تعلمون وحتى احتلال العراق هي الإعدام شنقا حتى الموت كونها جريمة تمس اﻷمن الوطني وتصل الى الخيانة العظمى !!
همست في أذن محدثنا قائلا ” أصدقني القول ، هل نجحتم بعلاج أي من نزلاء الإدمان الكحولي هاهنا ؟” وفاتني ان أسأله ” ماعلاقة فيلسوف الاندلس ابن رشد ليطلق اسمه على مركز مخصص لعلاج الادمان الكحولي والدوائي ؟!” ، قال ” للأسف نحن نعالجهم نهارا ولكن وأثناء الليل ونتيجة لتدهور اﻷوضاع اﻷمنية فإن الخمور تتسرب اليهم بحبال من خلال النوافذ عبر ضعاف النفوس ..ودك إصبعتين للصبح وووووأحلى من الشرف مفيش !!” .
أطلقنا بعدها حملة ” ﻻ للمخدرات” كإجراء إستباقي ووقائي ولم تكن منتشرة وقتئذ كما هي عليه اليوم حتى باتت الخطر رقم (1) الذي يهدد شبابنا وبناتنا ونسيجنا الاجتماعي ومنظومتنا اﻷخلاقية ككل بما لاتحمد عقباه ، إلا في نطاق ضيق وبين شرائح المهمشين والعاطلين ومعظمها بحبوب اﻵرتين والمكادون والتوسيرام بجرعات زائدة وكذلك الفاليوم بغير وصفة طبية اضافة الى المواد الطيارة كالثنر والاسيتون ، علقنا ملصقاتنا بمساعدة نفر من المتطوعين -من أهل الغيرة على الدين والوطن – قرب بعض المقاهي الشعبية ﻷن زبائنها هم اﻷكثر تعاملا مع – الكبسلة والشم – وماهي إلا سويعات حتى مزقت جميع الملصقات عن بكرة أمها وأبيها فيما سمعت أحد الممزقين الغاضبين وهو يصرخ ممتعضا – صايرين وطنيين براسنه !” .
وبدأت المسيرة الشريرة ليتطور الثنر واﻷسيتون الى حبوب الكرستال القاتلة والترياق والهيرويين والماريجوانا والحشيشة والكبتاجون – الكبتي – وأخطر ما في الموضوع أن اللجنة اﻷمنية النيابية وبعد ضبط أكثر من 16 مليون حبة مخدرة في ميناء أم قصر في محافظة البصرة كانت موضوعة داخل شحنة مخصصة للحقائب المدرسية بينها اشرطة سعر الواحدة منها – 45 الف دينار – وعلى لسان رئيسها خلال لقاء متلفز كشفت أن كواسج تجار المخدرات هم من السياسيين المتنفذين في الدولة وعلى أعلى المستويات وان بعض المخدرات تدخل عن طريق مواكبهم التي لاتخضع للتفتيش ، وأنها تتسرب بعلمهم عبر المنافذ الحدودية التي تسيطر عليها الميليشيات المسلحة وبعض العشائر !
وما يؤكد تصريح اللجنة اﻷمنية هو إلقاء القبض على نجل محافظ النجف ، جواد الياسري ،والذي قيل انه ضابط في المخابرات متلبسا بترويج المخدرات مع بعض أصدقائه في بغداد وبحوزته ٢٨ كيس حشيشة وسبعة اكياس فئة (١٠٠٠) حبة مخدرة بمجموع ٧٠٠٠ اﻻف حبة ودخول القضية على خط التجاذبات السياسية وتبادل الاتهامات بشأنها وأنها تسقيط سياسي بين المحافظين ومجالس المحافظات وماشاكل ..واحلى من المنصب والكرسي و الشرف مافيش !
ليس هذا فحسب بل وانتشار المخدرات في بلاد مابين النهرين من أقصى العراق الى أقصاه حيث القي القبض على 569 شخصا بتهمة التعاطي والمتاجرة بالمواد المخدرة، وضبط 53 كيلوغراما من المخدرات خلال عام 2017 في أربيل لوحدها وبمعدل 83 شخصا بتهمة المتاجرة، و353 بتهمة التعاطي بحسب مديرية اﻷسايش واﻷدهى ومن باب “شر ابلية ما يضحك ” أنها أعلنت بأن هذه النسبة هي أقل من نظيرتها في العام الذي سبقه 2016 وكأنها تقول لنا اطمئنوا فإن الوضع تحت السيطرة !! وأحلى من السيطرة والشرف مافيش .
فيما أعلنت مصادر مطلعة في البصرة اعتقال ما بين 10 – 15 شخصاً في المحافظة بين متعاطٍ ومتاجر بالمخدرات يوووووميا أغلبهم يتم توقيفه استنادا ﻷحكام المادة (28) من قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017 ، مع وجود مقترح – مجرد مقترح لم يدخل حيز التنفيذ بعد – قدمه ثلة من اﻷطباء لبناء مصحة متخصصة بعلاج الإدمان – بعد خراب البصرة – ﻻقت ترحيبا واسعا بين المقترحين !! وأحلى من الاقتراحات والتوصيات وتدوير المقاولات وارساء المناقصات على الحبايب ووو الشرف مفيش .
ويبدو ان من ينجو بحياته من خطر حشاشة وسراق العراق ويفر بجلده الى الخارج ليعيش بسلام بعيدا عن فوضى – رايس غير الخلاقة – يقع في حبائل حشاشي دول – الربيع العصبي – حيث هاجم طلابٌ ليبيون جامعيون قيل انهم محششون طالبا عراقياً ، يدعى ،قيصر وضاح ، داخل اروقة جامعة ( بهشة شهير) التركية في اسطنبول قبل أيام وإنهالوا عليه بالضرب المبرح قبل أن يتناول أحد المهاجمين أداة مخصصة لتقطيع اللحم ( ساطور) من أحد عمال المطاعم المحيطة بالجامعة ويضرب بها اليد اليسرى للشاب العراقي ما أدى الى بتر أصابعه ليتم نقله الى المستشفى الحكومي الذي امتنع عن اسعافه ما أضطر زملاءه من الطلبة العراقيين لنقله الى مستشفى أهلى ﻷنقاذ حياته على نفقتهم الخاصة ..أما عن السفارة التي في العمارة فلم يصدر عنها أية ردة فعل إزاء الجريمة النكراء التي لحقت بأحد رعاياها في الخارج ، تماما كما حدث في الهند حين لقي احد طلبة كلية القانون في جامعة (أتشاريا ناجارجونا) الهندية ، طالب الدكتوراه العراقي ، سعد عبد الباري، مصرعه على اثر اصطدام دراجته النارية بباص كبير وهروب السائق الى جهة مجهولة وعدم استجابة الشرطة المحلية لزملائه وعند الاتصال بالسفارة العراقية هناك لرد اعتبارهم والاستجابة لأستغاثتهم قيل لهم – سووووري ..اليوم هو اﻷحد وووواﻷحد كما تعلمون عطلة رسمية – وأحلى من العطل الرسمية وشبه الرسمية وغير الرسمية عديمة الانتاج طوال العام في العراق وخارجه مع مرتبة الشرف ..مفيش !
يتبع مع اخطر ملف في العراق حاليا ، المخدرااااااات .