بعد ان تداخلت حدود المسؤولية الادارية في مؤسسات عراق مابعد الاحتلال الديمقراطي التعددي وتشابكت خيوط الصلاحيات بين فتاوى الاستحقاق الطائفي وبدع استحداث المؤسسات والهيئات التنفيذية الاستثنائية في كل شيء والتي انسحبت آثارها على كل ما له مساس في حياة الناس وحقوقهم ،فالجميع يدرك ان العراق رغم المراحل الاحتلالية التي مرت به لكنه بقى متماسك كونه يمتلك ارثا قضائيا مهنيا مستقلا بعيد عن الاصطفافات السياسية والمجتمعية والدينية والعرفية لانه ينظر الى الانسان من زاوية كونه كائن مقدس .
ولكنني اليوم اقف حائرا بين متاهة البحث عن خارطة فك طلاسم و رموز للكثير من تداخلات وتقاطعات وانفاق عمل الهيئة التمييزية العليا في هيئة نزاع الملكية المقر العام والتي اصبحت عصية على فلاسفة الفكر الانساني وفقهاء القانون الوضعي والراسخون في العلم ،صحيح انها هيئة ولدت استثناءا من رحم القضاء العراقي في زمن اصبح فيه كل شيء مباح لكنها لاتمت للقضاء بصلة القرار ولا بسقوفه الزمنية ،الشيء المتعارف عليه في طقوس الطعن تمييزا لدى محكمة التمييز الاتحادية انها تنظرفي الدعاوى المحسومة من قبل محاكم الموضوع (البداءة) حال ايقاع التمييز عليها شكلا وموضوعا وبعد اكتمال مراحل التدقيق واجراءات تحليل القرائن التي قد تكون سببا للحكم او الرد ورغم ان الدعاوى المنظورة من قبل محاكم البداءة اكثر تعقيد في غالب الاحيان من دعاوى هيئة نزاع الملكية لكن محكمة التمييزالاتحادية وفي جميع الظروف المتيسرة او المتعسرة لايتجاوز معدل سقفها القانوني للحسم واصدار القرارات التميزية تبعا لحيثيات كل دعوى بثلاث اشهر او يزيد عليه قليلا .
لكني ماوجدته في محكمة تمييز هيئة نزاع الملكية يفوق جميع فضاءات العقل لكوكب الارض والمريخ ،رغم انها تنظر بدعاوى لاتتجاوزمساحة الخصومات فيهاعنصرين رئيسيين احدهما اعادة تمليك العقار المُصادر والتعويض للطرف الاخر ولايوجد عائق اخر سوى التقدير المالي للعقارات موضوع الدعاوى وتثمينها من قبل خبراء تنتدبهم هيئات الفروع بالاسعار السائدة اثناء التقاضي والترافع امام هيئاتها الاولية .
الغرابة ليست بحجّية القرارات من عدمها ولكنها في الزمن الذي تصطف فيه الدعاوى داخل اروقة الهيئة التميزية لفترات قد تصل الى السنة او السنتين واحيانا لاكثر من ثلاث سنوات لحسمها تمييز بالمصادقة او النقض ولكن غرابة الامر ان العقارات يتم تقديرها بفترات مقاربة للاسعار السائدة في حينها ولكن عدم انجاز اجراءات التمييزباوقات معقولة يفقد تلك الاسعار قيمتها مما يضع الناس في متاهة ايجاد بديل لعقاراتهم المسحوبة بالمبالغ التي تصبح مع مرور تلك الفترة من الزمن المهدور لاتساوي قيمة عرصة في مناطق نائية هذا اذا صدر القرار بالمصادقة على القرار المنظور .
اما اذا نقضت تلك المحكمة القرار لتعود الدعوى بعد ذلك الزمن القاتل الى محكمتها لسبب تراها المحكمة قد ينتج في الدعوى ويعود المواطن الى متاهة الوقوف بين طوابير الانتظار التي ستعيده الى المربع الاول الذي يتداولها اخوتنا في( ساحة مصارعة السياسة) .
نكرر لسنا بصدد الاعتراض على اصل قرار التصديق او الاعتراض من خلال وسائل الاعلام لاننا ندرك ان هنالك طرق طعن قانونية ولكننا ننبه ونقف عند ذلك الزمن المهدور والذي تمر به الدعوى في رحاب التمييز والذي سيضع الهيئة من هيئة فض نزاعات الملكية الى هيئة انتزاع الملكية لان الطرف المسحوب منه العقار لايستطيع تعويض عقاره بالمبلغ المقدر كبدل تعويض لعقاره .
مثال ذلك الدعوى المرقمة 937907 سجلت لدى هيئة نزاع الملكية في كربلاء في العام 2010 وحسمت في الشهر الثاني من العام 2011 وارسلت بالعدد 2244 في 5/4/2011 الى هيئة نزاع الملكية العامة وفقا للاجراءات المعمول بها في الهيئة بغية عرضها على محكمة التمييز لكنها استنفذت مازاد على السنة حتى نظرتها الهيئة (اي منذ الشهر الرابع للعام 2011 ولغاية الشهر الخامس من العام الجاري )وصدر قرار نقض قرار هيئة كربلاء واعيدت الدعوى اليها لاكمال ماورد بلائحة النقض وبعد المد والجزر عادت تلك الدعوى الى سكّة هيئة التمييزلتدخل ردهات الانتظار حتى كتابة هذه السطور والذي سيطول حتما
علما ان مبلغ التعويض المنتظر سيؤول الى عائلة اصبحت مشردة ولاتمتلك مأوى تجتمع فيه للتقي عاتيات الدهر في ظل ظروف البلد القاهرة والتي انسحبت تقلباتها على حياة الناس
دعوة نطلقها في اعنان السماء واناس الارض والى كل مسؤول في دولة العراق الجديد نبدأها: مجلس القضاء الاعلى وهيئته التمييزية وصولا الى من لم تتصحر ضمائرهم بان يضعوا تلك المناشدة نصب اعينهم من خلال التزاماتهم الانسانية والاخلاقية للدفع بحل هذه الاشكالية وسرعة النظر بالدعوىتمييزا لعلها تنصف من ادبرت حياتهم الى المجهول .
[email protected]