23 ديسمبر، 2024 9:51 ص

ياما في الجراب يا حاوي؟!

ياما في الجراب يا حاوي؟!

(العراق ما بعد داعش ونينوى)
مع الأسف أن كل أمنياتنا الطيبة وأحلامنا السعيدة في عراق (وليس نينوى فقط ) بعد طرد (داعش) آمن وعادل على اساس المساواة بين جميع المواطنين (المواطنة) يسوده السلام والأمان والمحبة باتت مهددة بفعل تغول (الطائفية) المسلحة المأدلجة والتي تتمسك بعقيدة راسخة تبتعد عن فكرة المواطنة الى الغوص في عمق التاريخ وأستحضاره وحل جميع مشاكله والارث المعبق بالثأر والانتقام وتعتقد أن التغيير الذي حصل في العراق منذ ٢٠٠٣م لغاية اليوم هي فرصة تاريخية لاعادة الحق الى نصابه والعودة بالزمن الى ما قبل اكثر من ١٤٠٠عام لأستعادة حق تاريخي تم استلابه والثأر لكل ما حدث منذ ذلك التاريخ حتى ٢٠٠٣م 
هذا هو المشروع المعلن الذي تتبناه قوى (الدين السياسي) يوئجج الصراع القائم الان بين (إرهاب التطرف الديني) وبين المجتمع الذي يحلم بالتخلص منه نحو تحقيق (دولة المواطنة المدنية) التي يسودها السلام والوحدة المجتمعية و تلغي التمايز العرقي والديني والثقافي الذي يقف خلف كل الصراعات التي شهدها  العراق منذ تأسيس العراق الحديث عام ١٩٢٠م  ولغاية هذه اللحظة والذي يعزز هذا التخوف أن القوة السياسية الثانية (المؤثرة) التي تقف على الطرف الاخر من (الصراع السياسي) القائم في العراق تتبنى فكرة (الخلاص القومي وحق الشعوب في تقرير مصيرها) وأستعادة الحق الذي ضيعه (سايكسبيكو) وهي بطبيعتها تؤسس لألغاء فكرة الشعب الواحد متعدد القوميات والاديان والثقافات (كما هو حال أغلب الدول المتقدمة حضارياً) إلى فكرة التغلب العرقي والحق القومي الطبيعي كموازنة للفكرة التغلب الديني الذي لا يعني للكرد شيء (بل قد تشكل القومية نقيض لفكرة التغلب الطائفي ).
وهكذا نجد أن (عراق ما بعد داعش ونينوى) عراق على مفترق طرق المتاح منها (على الغالب) الطرق المسلحة والمأدلجة (قومية وطائفية) تمتلك كل (الشرعية المسلحة) الموازية (المكملة) للسلاح الحكومي ل (دولة المحاصصة) الضعيفة (ويتفوق عليه عقائدياً) ! أمام ضعف أو غياب دور (تيار المواطنة المدني)  لذا فالمتوقع (مع الاسف الشديد) أن تكون صفحة ما بعد الصراع مع السرطان الخارجي (داعش) والقضاء عليه هو صراع (المضادات الداخلية) القوية وأستمرار الصراع باشكال (وطنية أخرى)!. وقد تسفر هذه المرحلة (مرحلة صراع المنتصرين) الذين سيقدمون فواتيرهم الجاهزة والمعلنة والمعمدة بالدم و أرواح الشهداء والتضحيات الجسام ويطالبون بحق كل قطرة دم أريقت وبحق كل جريح وكل أرامل الشهداء وأيتامهم فالمقاتلين الاشداء حماة الوطن لم يقاتلوا بروح المواطنة و واجباتها فقط بل انهم كانوا مدافعين عن (مذهب) طالما ظلم أو مدافعين عن (وطن قومي) بداء يولد من جديد… 
نعم مع الاسف الشديد أن صراعاً جديداً بداء يتشكل ويتحشد منذ الآن لما بعد التعافي من السرطان واضح للعيان تقوده (كل) الاطراف السياسية المؤثرة التي تقود العملية السياسية الحالية في العراق بل وتعلن عنه باعلى صوت و بكل صراحة و وضوح (معركة الموصل هي امتداد لمعركة الرقة واليمن) (الارض التي تحرر بالدم لن يستطيع أحد انتزاعها) والجميع يقاتلون بالنيابة عن آخرين !. أين الوطن (اقصد أين العراق) من كل هذا؟!.فهل ستلجاء كل اطراف الصراع السياسي الحالي في العراق  للتخلي عن اجنداتها نحو حل (دولة المواطنة المدنية)؟ التي تلغي فكرة صراع الاغلبيات والاقليات العرقية والدينية الى فكرة التعايش المدني المتحضر و الأستعاضة بالأغلبية السياسية التي تلتزم بحق المواطنة الاول وتحمل مشروعاً سياسياً إقتصادياً وطنياً وتعمل لإيجاد مجتمعاً متجانساً خلاقاً مسالماً ومرفهاً !.
نعم هناك فرصة للتغيير حتى الان تبدو ضعيفة جداً أمام العراقيين (لأعادة تصميم العملية السياسية) أو نجاح بعض أطرافها في القفز من الطائفية والتعصب نحو (مشروع وطني مدني) أو نجاح بعض أطراف المشروع (الديني الطائفي) بالتحول إلى مشروع (إسلامي عابر للطائفية) . أضغاث أحلام ! 
نعم هناك صراع دامي يشارك فيه كل الأطرافيعده عراب العملية السياسية الحالية وساحرها العجيب لكن ماذا يخبيء الساحر من أفكار غير فكرة (الفوضى الخلاقة) التي خلقت التخلف والدمار والطائفية والإرهاب والفشل والفساد!(ياما في الجراب يا حاوي) و لدينا في العراق على الاقل أكثر من (حاوي) بزعامة (أمبراطور الحواة) العالمي وهناك أكثرمن (جراب) غير وطني وغير عراقي …!!؟بقت حقيقة عسلية باقية رغم كل هذه المرارة  أن (قشفة) الموصل بالعسل هي أطيب (قشفة) ممكن ان تذوقها في العالم يشتهيها كل (مواطن عراقي) ذاقها يوماً في (أم الربيعين) حتى وأن كان من (البصرة الفيحاء) أو من (أعالي هولير) !!!

[email protected]