23 ديسمبر، 2024 10:37 ص

يالصوص العراق إتحدوا !

يالصوص العراق إتحدوا !

“سعيد حسن” المسمى أيضا ب”سعد رشنابادي” في قناة العالم وقسم الاعلام الخارجي في مؤسسة الاذاعة والتلفزيون الايراني، مواطن إيراني لكنه ولد وترعرع في البصرة. وكان والدي رحمه الله يصطحبني وأخي الشهيد .. الأجمل في إسرتنا وباقي العشيرة ” عبد الكريم ” ، الى والده ” حسن الحلاق ” أو الى عمه ” جاسم الحلاق ” ليحلق لنا في سوق العشار على الشط بالقرب من جسر ساعة سورين حيث كان هناك بيتنا الذي كثرما زاره رجال أمن النظام السابق لاعتقال أخواني وشقيقاتي وأمي، حتى بعد هروبي من قبضتهم بعد إعتقالي الأول والثاني أثناء وفود البيعة للامام الصدر الأول قدس الله نفسه الزكية، وبعد أن أصبح صدام رئيساً للعراق. 

كان ” رشنابادي ”  يتميز بذكاء وقدرة على التحليل السياسي” فطرية “. وقد اكتشفته كمايفعل مخرجو السينما، وأخرجته من حوزة قم الدينية ، وغيرت مجرى حياته وطريقة لبسه وشعره ولحيته ( تخيلوا من حوزة السراديب والزهد المصطنع مرتدياً ملابس تشبه الجندي المكلف أبو خليل عندما يلبس مدني، الى طهران ومراوداتها العصرية…  ولكل مقام مقال ) ،حيث رافقني في أكثر محطات عملي الاعلامية والسياسية حيوية..  مترجماً خاصاً لي في نشاطاتي وترجمة مقالاتي التي كانت صحيفة ” أبرار” اليومية تنشرها لي كأفتتاحية لها عندما كنت أركز يومذاك على نقد سوء معاملة السلطات الايرانية للمهاجرين والمهجرين العراقيين والأفغان.

طبعاً سعيد أعتقل معي في سجن إيفين للضغط عليّ، وقد وقع في الفخ وأستخدمه محققو وزارة الاستخبارات ضدي لتقييم مقالاتي وما إذا كانت سلبية تضر نظام الجمهورية الاسلامية أم لا فسقط في الامتحان ولكنني رفضت أمام القاضي العادل ” محمود توليت ” تقييمه وترجمته لصالح ” الاستخبارات “، وطلبت مترجماً من وكالة الأنباء الايرانية الرسمية شهد لصالحي بينما خذلني رفيق دربي الذي كان يرافقني في ” الخلوات الروحية ” في أماكن منها مسجد جمكران خارج قم .. لتطهير النفس وبحثا عن العدل المطلق.

في تلك الفترة كانت فصائل المعارضة العراقية الاسلامية والعلمانية تتبادل الاتهامات بالعمالة لهذه الدولة أن تلك مع ملاحظة أن العمالة لم تكن للدول الكبرى الا في حالات محدودة عندما كانت المعارضة المحسوبة على المرجع السيد محمد الشيرازي تتهم حزب الدعوة وحتى الشهيد الصدر بالعمالة لبريطانيا، وماعدا ذلك فان الجميع موزعون بين العمالة لسوريا وليبيا،زطبعا إيران ، والقليل من الأشخاص كان لهم “شرف ” الارتباط بالانجليز والأمريكان، وقليل ماهم، وهؤلاء لم يكونوا يجرؤو على زيارة ” العملاء ” في طهران قبل غزو النظام السابق لدولة الكويت.

كان الانقسام في المعارضة يشكل هاجساً لدى المخلصين من المعارضين ” أفراداً ” من جميع الفصائل ، وكنتُ واحداً ممن حاول إيجاد أرضية مشتركة للاتفاق بيننا كعراقيين بعيداً عن الانتماء الحزبي وصراعاته، فقد كنت ألتقي بالسيد محمد باقر الحكيم وأتعاون معه أيضاً في وقت كانت الدعوة تعمل على تسقيطه وإضعاف دوره في قيادة المعارضة الشيعية. وكنت ذهبت الى السيد الشيرازي وطلبت منه أن يبرأني الذمة لأنني كنت حالي في ذلك معظم الدعاة، أشكك في مرجعيته أمام أنصاره ومقلديه.وتعاونت مع أقطاب من تنظيمات تابعة له منهم الاعلامي البارز أزهر الخفاجي وأقنعت حينها النائب ومستشار رئيس الوزراء السابق للاعلام ياسين مجيد ” أبو إدريس ” للعمل معه في مشروع صحافي لترطيب الأجواء بين الدعوة ومنظمة العمل الاسلامي وعموم الخط الشيرازي بعد أن كان اللقاء بين الدعوجي والشيرازي من المحرمات! .

كما كنت من أوائل من سعى مع السيد كمال الحيدري وآخرين منهم الشهيد القيادي الكبير في فيلق بدر لاحقا ” أبو لقاء الصافي  ” الى إيجاد تجمع غير حزبي يضم المعارضين من الاتجاهات المختلفة. كما أنني مددت جسوراً قوية مع بعثيين منشقين منهم النقيب آنذاك ” ماجد الساري” الذي أعتقل في طهران بسبب ماقيل عن إرتباطه بسوريا وكان لجأ  الى إيران بعد اندلاع الحرب العراقية الايرانية.

وإزدادت تلك الأيام حملات التخوين بين المعارضين العراقيين وطرأت ل” سعيد رشنابادي” فكرة أسرّها لي قائلاً ببراءة :

 – أرى أن تكتب مقالاً صريحاً وواضحاً بعنوان ” ياعملاء العراق ..إتحدوا” وتدعو الى مؤتمر يضم المعارضين لتكوين تجمع موحد منهم جميعا على قاعدة ” كلنا عملاء ” ، والاسراع باسقاط النظام.

 قلت له  وأنا مقتنع بالفكرة لأن سعيد كان ينطق من حبه للعراق والرغبة في العودة الى البصرة حيث ولد وتزوج من بنت خالتي التي أعدم نظام صدام شقيقيها ” طبعا أنا من زوجهما “:

 – وهل تعتقد أنهم سيوافقون على الاجتماع ؟!.

 رد ساخراً لكنه كان يعني مايقول : 

 – ولم لا .. لقد أصبحت كل فصائل المعارضة العراقية عميلة، ولا يوجد فصيل يمكنه المزايدة في الوطنية على باقي الفصائل، لكن مايحتاجونه هو عصاً أجنبية قوية لاتوفرها لهم دول مثل إيران وسوريا وليبيا.

وهذا ماحدث بالضبط بعد سنوات؟ عندما نجح ” الحجة ” زلماي خليل زادة في جمع المعارضة العراقية في مؤتمر لندن سيء الصيت والسمعة منتصف كانون أول ديسمبر 2002، بعد تحضيرات إمتدت منذ 1991 قادها “عملاء “عراقيون للسي آي أيه 

وإنني إذ أسجل لسعيد حسن رشنابادي نظرته الثاقبة وأعرب في نفس الوقت لأنني لم أكتب ذلك المقال الذي لو كتبته لن يجد طريقه للنشر ( قبل أن يخلق الانترنت ) ، فانني أنتهز الفرصة  في ظل تبادل الاتهامات بين ” المقاولين السياسيين) حول الفساد وسرقة المال العام، والذي جعلهم منقسمين الى ” لصوص وحرامية ” فإنني أدعو مخلصاً الى إجتماع عام تحت شعار ” يالصوص العراق إتحدوا ” ويحضره الحرامية أيضا الى جانب اللصوص. ويكون هدفه المعلن :  ” لكي نحافظ على ماتبقى من وطن قبل الانتخابات المقبلة “.

فالربيع لايكون بوردة واحدة…

والعاقل يفهم!.

مسمار :

علي عليه السلام :  (الدنيا – جيفة – فمن أراد منها شيئا ً، فليصبر على مخالطة الكلاب ..!)..