19 ديسمبر، 2024 12:57 ص

يافرحة .. ماتمت !( العقرب الباغية) الى متى ؟

يافرحة .. ماتمت !( العقرب الباغية) الى متى ؟

•     فشل الحكومات المتعاقبة باستثمار علاقاتها
•     تجاوز مجلس الأمن صلاحياته لم يتكرر
•     الفصل السادس بعد السابع والآتي صعبا

لاأحد  ينكر ان قرار (مجلس الأمن الدولي) رقم 2107 المتعلق باخراج العراق من (البند السابع) من ميثاق الأمم المتحدة  , مناسبة تحمل من التفاؤل الشيء الكثير ,  وكم كان بودي  الاحتفاء بهذا القرار, ولكن فرحتي وفرحة العراقيين به ماتمت..بسبب من آثاره الضارّة والظالمة على اجيال من العراقيين, شملت أوجه تفصيلية في الحياة المعاشية للشعب العراقي , وقد وصف بكونه (بند الحرب) , وهو احد البنود ال 19 التي انطوى عليها ميثاق الأمم المتحدة , ولكنه في الواقع أخطرها ! لم يعد العراق  تحت طائلة البند السابع ! هذا امر صحيح , ولكننا يجب ان نبحث في خلفيات هذا القرار الدولي , الذي يبدو في ظاهره وبعض نتائجه المتوقعة , منجزا سياسيا (لتحرير) العراق من (ظلم كويتي بشرعنة دولية ) قادت اليها رغبة معاقبة نظام (سرق دولة ) !
وفي ذلك مفارقة حدثت عندما دعى صدام حسين (هانس بليكس) ,كبير مفتشي الأمم المتحدة الى حفل عشاء فخم في (القصر الجمهوري) , وقد عبر (بليكس ) لصدام حسين عن انبهاره بهذا العشاء ! عند ذلك قال صدام للمفتش الدولي “ان الحصار كما ترى لايؤذينا .. بل يؤذي الشعب العراقي “.
لاشك في ان (مجلس الأمن الدولي ) قد أرتكب حالة فريدة , لم تتكرر في تأريخه , تتمثل في تجاوز صلاحياته المحددة فقط في ( استخدام القوة من اجل اعادة الأوضاع الى حالها قبل الإحتلال ) وقد تدخل في كثير من الإختلافات القائمة تأريخيا بروح الإنحياز الى (الطرف الكويتي) على حساب الوقائع التأريخية , ولكنه تجاوز ذلك الى اصدار قرارات اصبحت ملزمة للعراق في ظل غياب ارادته وعداء الدول النافذة له وتأييدها ل(الكويت) , وذلك بتشكيل أجهزة تفتيش ورقابة ذات طابع قضائي لم تتسم بالحيادية والعدالة , لتدمر كيان دولة العراق الرائدة في انشطة الأمم المتحدة ! وكانت الأمم المتحدة في هذا عاجزة عن اتخاذ موقف صحيح وعادل , في ظل الضغوط الأمريكية والبريطانية والأوربية على مختلف دول العالم , وممالئة تتسم بالقصدية من قبل الرئيس المصري حسني مبارك وامراء دول الخليج وبدوافع سياسية ودينية ,مثلت الخلفية التي جعلتها الادارة الأمريكية مؤسسة لجميع الأنشطة الحربية والسياسية الموجهة الى العراق, بعد ان وفرت لها الفرصة  سياسات النظام العراقي , المتسمة بقصر النظر والفشل في قراءة المواقف والإصطفافات السياسية العالمية !
وكان من المتوقع ..بل كان ذلك أحدى ادعاءات الولايات المتحدة الأمريكية , لتبريرغزوها للعراق  من انها” تسعى لتحرير سيادة العراق من البند السابع” , وخلال عشر سنوات تنصلت خلالها الولايات المتحدة من وعودها , وعجزت الديبلوماسية العراقية عن اثبات مظلومية الشعب العراقي والبحث مع الكويتيين بأهمية اخراج العراق من البند السابع , وفشلها في استثمارعلاقاتها المتحالفة مع أميركا وأعضاء مجلس الأمن ..فمن احتل العراق بالإضافة الى الولايات المتحدة (منظومة جيوش دول الناتو) ,فلو عملت الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003 على (تحرير العراق) من هذه العقوبات , لأسهم ذلك بشكل كبير في الحفاظ على الثروة العراقية , رغم مايمكن ان نتوقعه من ان هذه الأموال أيضا ستذهب الى حسابات النافذين في الحكومة العراقية واعضاء حزب (الدعوة) .
الحكومة (فرحانه  مثل بزون يفرح بعمى اهله), وتريد اقناعنا بان هذا القرار يمثل الخلاص من كل مشاكلنا مع (الكويت) ! وانه يوم السيادة العراقية (ناسية) انها اعلنت من قبل اياما متعددة لإستعادة السيادة العراقية ! فقد “نجحت الدبلوماسية العراقية بدفع مجلس الأمن الدولي” المعتدي على العراق في الأصل , بسبب من (فرادة وقسوة  وقصديّة  وسرعة ) اصدار القرار الدولي, في ظل ظروف من العدائية  للنظام العراقي القائم آنذاك ,ليعود اليوم الى  اصدار قراره (باخراج العراق من البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة )  اعتمادا على موافقة (الكويت) , وهذا يعني من حيث الشكلية القانونية  تحريره من :
•      العقوبات الدولية المفروضة عليه  بسبب احتلاله (الكويت ) والتي  تخص علاقاته السياسية والإقتصادية والعلمية .
•      المفترض اعفاءه العراق من التعويضات المالية المفروضة علىه  والبالغة نحو 55 مليار $ , وقد  تبقى منها نحو11 مليار $ لم تسدد لحد الآن , فيما سدددت النسبة الأعظم منها ! ولنا أن نذكر بحقيقة أن  تلك التعويضات حملت أرقاما خرافية قصديّة , لاتتناسب مع الواقع , وكمثال  نذكره للتبسيط ..ان العراق كان ملزما بالتعويض عن رواتب وتقاعد اية خادمة (سيرلانكية ) عملت في اي بيت كويتي ! وللقاريء الكريم النظرة بسعة أكثر الى كثير من التفاصيل المتعلقة  بالمؤسسات والشركات والمصالح المالية .الكبرى  , وكأن تلك التعويضات رسمت من اجل انشاء (دولة كويتية جديدة ) وهذا ماحصل فعلا !..
•      اليوم استلمت (الكويت ) جل مطالبها المالية الا من 11 مليار$ لمّا تزل تطالب بها , وتقترح لها مشروعا خطيرا يتمثل في جعلها رأسمالا لمشاريع كويتية ستعلن عنها , بهدف التغلغل في الإقتصاد العراقي ولتأمين السيطرة عليه بأساليب (مكر التجار) !
•      كما أن (الكويت) جرّت نفسا عميقا وطويلا بمصادقة الحكومة العراقية على اتفاقية ترسيم الحدود الإذعانية , وقدتسابقت السلطات العراقية مع السلطات الكويتية لإنجاز ذلك , حتى على حساب ثلاث حقول نفطية منتجة ومساكن ومزارع ومصالح قديمة في الجانب العراقي بمساحة 85 كم داخل العمق العراقي, وقد شملت نصف أراضي (أم قصر ) , ول (لفلفة) ماجر من جريمة  ارتكبها وزير خارجيتنا  بعد صداقة وهديا  نعلم القليل عنها , تمثلت في ضم اراضي عراقية الى (الكويت), اعتمادا على قرارات تجاهلت حقائق ووثائق (جيوتاريخية) , انضجتها الظروف السياسية الانفعالية التي سادت الدول الغربية النافذة وقادة بعض الدول العربية المنتفعين من الرشى الكويتية,عقابيل احتلال العراق (للكويت) المثقلة بمشاعر العداء والكراهية لصدام حسين ونظامه..حيث جرد العراق من محاميه ومدافعيه , حتى أختزلوا ب(باص مريم  ومنظم رحلاته جورج غالوي) . في وقت  أعيد فيه العراق الى ثلاثينات القرن الماضي , وفي ذلك هدر هائل لأمكانياته الإقتصادية ومركزه السياسي الإقليمي والدولي ونسف لمرتكزات بناءه الحضاري.
وقد وجدت دولا من مختلف انحاء العالم , بضمنها دول عربية  مستفيدة  من النفط العراقي المصدر اليها مجانا , او بنصف ثمنه في الاسواق العالمية ,مثل (منشار نجار) نفسها, في حرية من اية قيود ,لتصادر اموالا لشخصيات  ومؤسسات وبنوك عراقية تحت لافتة مقاطعة العراق وحجز امواله ,وفق مقولة (اذا نلتم من الثور اكثروا من
سكاكينكم ) !
•      كل ذلك صبر عليه الشعب العراقي مرغما !
والآن  ماالذي يعنيه خروج العراق من (البند السابع)؟
موضوعيا ..لنا ان نقول :
القرار لم يخرج العراق نهائيا من العقوبات الدولية ..نعم أخرجه من (البند السابع) , ولكن مجلس الأمن أحاله الى (البند السادس) المكنى ب ( بند السلام) , وهو يعني حل ذيول قرار العقوبات من خلال المفاوضات , (وهذا ايضا ارتهان مستمر للسياسات الكويتية), التي تشكل (استراتيجية) إذلال العراق أهم مرتكزات علاقاتها المرسومة معه, منذ  نسيت التهديد الإيراني” بتصدير الثورة في اعقاب الثاني من آب 1988 , حيث توقفت الحرب العراقية الإيرانية , وقد برز (الخبث) الكويتي الموجه اميركيا وبريطانيا  باستغلال الحقول المشتركة  والسحب المائل للنفط العراقي وبرفضها اعفاء العراق من مليارواحد $ , فيما وافقت مضضا على اعفاءه من  9 مليار$ ..وهنا تكمن القصديّة في الموقف الكويتي ! وكان ذلك قد مثل الأساس الشكلي ( المتحجج) لتأسيس المشكلات والحروب اللآحقة !
اذن (البند السادس)  سيمثل هو الآخر مرحلة ستعمل (الكويت ) بالتأكيد على استثمارفضاءاته في فرض المزيد من التعقيدات على علاقاتها مع العراق , لإبتزازه في مجالات تفصيلية مثل مايسمى ب(الحقول المشتركة ) في الرميلة , وغيرها وهي حقول نفطية عراقية سحبت منها (الكويت) آلاف الأطنان, ولمّا تزل مفردة (نفوط الرميلة) ثابته في جداول انتاج النفط الكويتي , وتصديره الى العالم !
ولم تنجو أيضا قضية (المفقودين الكويتيين ) من جر وعر ستشهده المرحلة القادمة الى جانب قضية الأرشيف الكويتي ..الا أن مسألة اقرار المجتمع العراقي بترسيم غير عادل للحدود العراقية الكويتية لايمكن أن يعكس اثرا مطمئنا لدى الكويتيين انفسهم , بعد ان كان مخفر (المطلاع) يمثل خط الحدود التأريخية بين محافظة (الكويت) التابعة ل (آيالة) البصرة  منذ العهد العثماني , وحتى سبعينيات القرن الماضي ..(فوبيا) الكويتيين العارفين بحقيقة حجمهم السياسي والتأريخي , وطبيعة كيانهم السياسي الهش , والتناقضات الحادة داخل مجتمعهم , تجعلهم يحاولون النفخ في قرب تتيح لهم  الإستحواذ بالخديعة والرشوة على المزيد من الأراضي والثروات العراقية , التي لايمكن ان تبقى في بطن (العقرب) الكويتي ..ومن  من ؟ من  حقوق العراق والعراقيين ؟
كما ان (الكويت) وعلى لسان وزير اعلامها “سوف تستمر في تلقيها مانسبته 5% من عائدات العراق النفطية لأستكمال تسديد ال11 مليار المتبقية ! أما الآن فالعراق لم يخرج بعد من البند السابع ” !
 هؤلاء  (الأخوة) بمن يحميهم , بحاجة الى نظرة واقعية ل(تأريخية الجغرافيا ) والمتغيرات السياسية و(الببلوغرافية) في المنطقة , والإعتبار بحقيقة أن السياسة خادمة للمصالح , وان التأريخ يحفل  بأمم سادت ثم بادت , وهي تنظر الى علاقاتها بحماتها من الأمريكان والبريطانيين,خاصة وان (الراديكالية المذهبية الأيرانية ) لاتفصلها عنهم سوى بحيرة تجوبها اساطيل الإيرانيين وزوارقهم !
الذي اتوقعه ..تركيزا كويتيا مشددا على وضع العقبات أمام اية مفاوضات عراقية كويتية ,حول ذيول العلاقات بين البلدين,تخص تفصيلات لم تكن لتبرز في الماضي ,حيث كان التركيز على (البند السابع) . بسبب من ان (الكويت) لم ولن تتخلص من عقدها المعروفة ك (دونية الدولة وعقدة ايذاء العراق) بحجج ثأرية بدوية متخلفة  , طالما تنازل عنها  امراؤها ورؤساء وزاراتها ووزراؤها امام قادة العراق , منذ اربعينات القرن الماضي حتى عام 2003  , وقد لمست ذلك شخصيا عبر مشاهدات للقاءات المسئولين الكويتيين مع القادة العراقيين  منذ السبعينيات .
هواجس الشعب العراقي مشروعة , ونحن نرى مؤشرات قلقه واضحة , بسبب من عدم ثقته بشفافية أطراف في السلطة الآن , ازاء أموال عراقية هائلة , سيتم اطلاقها بأمر الرئيس الأمريكي لتوضع في (صندوق تنمية العراق ) أو (صندوق النفط مقابل الغذاء) اللذان أزكمت رائحة الإختلاسات فيهما الأنوف , بدءا من اختلاسات ورشوات ابن (كوفي عنان) , ومرورا بسرقة  ثمانية مليارات $ من قبل (بول بريمر) , وانتهاءا بالإنفاق الإداري الباهض ,وتغطية المظاهر البيروقراطية للعاملين الدوليين في البرنامجين ..كل ذلك يبرر القلق الشديد في امكانية ضياع هذه الأموال . بعد ان جرب العراقيون انفاق عائدات النفط البالغة 400 مليار$ خلال السنوات العشر الأخيرة من دون وضوح كاف في تنفيذ مشاريع استراتيجية تخص البنى التحتية في الأنتاج والخدمات وتطوير حياة الشعب !
الشعب العراقي الذي خبر بالتجربة والوثيقة والملموس والمحسوس , أن الغاطس من اسرار خلفيات القرارات يفوق المعلن منها وهو الأخطر في حياة العراقيين , يتوقع كما ظهر خلال اليومين الماضيين من توجسات وتوقعات تشكل على خلفيات اصدار القرار الدولي , معبرة عن ثقة مفقودة  بمواقف عراقية حكومية مفترضة لوقف زحف (الكويت) المغطى بشرعية دولية مثلومة ,على أراض وممتلكات وحقول نفط عراقية , هي ليست ملكا لأية حكومة تتصرف بها كما تشاء , بل انها ملك للشعب العراقي . وجوهر هذه الأضرار يتعلق   بضم اراض عراقية نفطية الى (الكويت), وتفاصيل كثيرة يتوقع الخبراء ان تكون الدبلوماسية العراقية قد (لفلفتها) من أجل انضاج القرار الدولي , اعتمادا على مقولة الخارجية العراقية من أن (البند السابع لن يرفع علن العراق مالم يتم تلبية كافة المطالب الكويتية ) ..ولا أدري أين ذهبت مهارة الدبلوماسية العراقية ؟ واين ذهبت اتفاقيات العراق الحميمة مع الولايات المتحدة الأمريكية ؟ قطب العالم الأعظم ..واين ذهبت نتائج احتلال أميركا للعراق الهادف الى جعله (النموذج الأمريكي) في المنطقة ؟..وما هو دور مهارات وحنكة السياسيين العراقيين في ايقاف الأطماع الكويتية عند حدها !
وللتدليل على تلك (اللفلفة) المشار اليها آنفا أسقاط رأي (مجلس النواب) , وتهميش أي دور يمكن له القيام به في تحليل ودراسة خلفيات هذا القرار, الذي جاء بأسرع مما توقعه المراقبون ..بكلمة واحدة من الكويتيين رفع القرار.. وقد كانوا على الدوام يضعون اللوم على مجلس الأمن لعدم  رفع البند السابع عن العراق ..وهذه أحدى أوجه (الفبركات) الكويتية .
لست متفائلا من أن رفع البند السابع عن العراق سيفضي الى حل مشاكله مع (الكويت ) ..ربما سيمثل مرحلة من مراحل التقدم , ولكنه لن ينهي مثل تلك المشكلات , التي سخرتها (الكويت) ك(هولوكوست كويتي) تبتز به العراق والعالم ..وفي هذا لن يطول وقت حتى تفضح الأكذوبة والأهداف ..عند ذلك سيأخذ الزمام جيل عراقي يعرف كيف يتعامل مع (العقرب) باستخدام  دواؤها الوحيد ….!
ورود الكلام …
ورودي.. انعشت هذا الأسبوع باتصالات ورسائل نصيّة وتلفونية مع اصدقاء واحبة نوروا مدن العراق والعالم , في ربيع اوربي مندى بقطرات مطر خجولة , اقتحمت ملايين الاوربيين (المتخففين) , من البسة ثقيلة ,منحوا لأنفسهم الحرية في الغابات وعلى الشواطيء وساحات التجمعات العامة ..
اصدقاءي د مليح صالح شكر من (واشنطن) وجمعة اللآمي من (الشارقة) وايمان البستاني من (كندا) الغارقة بغضب الأنهارالكندية , ولاامطار بغداد , و خالد الحلي من (استراليا) ود. رعد العنبكي (بريطانيا) و(جلال جرمكا) سويسرا و عماد آل جلال من بغداد و اللواء الطاف عبد الحميد من (الموصل ) ود, حسين سرمك من الديوانية..  مع الأمل بحياة أفضل .