9 أبريل، 2024 1:29 م
Search
Close this search box.

ياسين الحافظ

Facebook
Twitter
LinkedIn

كان ياسين الحافظ كاتبا سياسيا بارزا في ستينات وسبعينات القرن الماضي ٠ وقد اختير بين مائة مثقف، هم ابرز رموز الثقافة والسياسة العربية في القرن العشرين ٠ يقول الكاتب السوري ياسين الحاج صالح : ( يدين كثيرون لياسين الحافظ بانه حررهم من ( سباتهم الدوغمائي ) وفتح عينهم على الواقع ٠٠٠ كان بمثابة جسر نحو خيارات سياسية وفكرية اكثر ديمقراطية ونقدية ) ٠ المفارقة ان كاتبا مغربيا كتب عنه يقول : ( ياسين الحافظ مفكر سوري يعرفه المغرب وينساه المشرق ) ، فقد كان ملهما للكثير من الحركات السياسية هناك ، وكان كتابه ( الهزيمة والايديولوجيا المهزومة ) محور سجالات بين طلبة الجامعات المغربية في الثمانينات ٠
ولد ياسين الحافظ في اسرة متوسطة الحال ، في مدينة دير الزور ( سوريا ) عام ١٩٣٠ ٠ ابوه حكمت حافظ ، من عشيرة ( البقارة ) التي يفاخر افرادها بانهم حسينيون ٠ وامه ارمنية مسيحية ، من اللواتي نجون من مذبحة الارمن – عام ١٩١٥ – وقد تزوجها والده وهي فتاة صغيرة دون السادسة عشرة ، ولم تعثر على امها ، الا بعد زواجها بسنوات ٠ وقد ماتت امه – عام ١٩٤٦ – وعمرها خمسة وثلاثين عاما ٠ الشيء بالشيء يذكر ، كثيرا مانجد في دير الزور ، نساء ارمنيات ، انقذهن الاهالي من المجازر العثمانية ، فعشن بينهم وتزوجن من شباب المدينة ٠
تخرج في كلية الحقوق ، وعمل لفترة قصيرة في المحاماة بدير الزور ، ثم انتقل لدمشق ، حيث عمل موظفا في وزارة الشؤون الاجتماعية ٠ وهناك تزوج من فتاة دمشقية هي سلوى الحموي ، وانجب منها ولدا وبنتين ٠ وكان قبل ذلك قد خدم ضابطا مجندا ، حيث التقى بالياس مرقص ،والذي كان ايضا ضابطا مجندا، ليشكلا منذ ذلك التاريخ ثنائيا فكريا وسياسيا ، حتى فرقهما الموت ٠
انتمى للحزب الشيوعي السوري عام ١٩٥٥ ، ثم انسحب اوفصل منه في العام التالي او الذي يليه ، بسبب رفضه لعبادة الفرد ونقده لتبعية الحزب للسياسة السوفيتيه ٠
في تشرين الاول عام ١٩٦٣ ، كتب هو والدكتور جمال الاتاسي ، ( بعض المنطلقات النظرية ) ، والتي تم اقرارها من قبل المؤتمر القومي السادس لحزب البعث ٠ فكانت سببا في اشتعال صراعات وانشقاقات داخل حزب البعث في سورية ، امتدت تأثيراتها الى العراق ولبنان والاردن وغيرها ٠
فقد خرج جمال الاتاسي وآخرون من حزب البعث وشكلوا ( الاتحاد الاشتراكي العربي )٠ وفي العراق تشكلت ( لجنة تنظيم القطر ) ، وانشقت مجموعة اخرى تحت اسم : المنظمة الثورية العمالية ٠وشكل الحافظ وآخرون ماعرف ب ( حزب البعث اليساري ) ، والذي انبثق منه – في نهاية عام ١٩٦٥ – ( حزب العمال الثوري العربي ) ، والذي كان الحافظ امينه العام حتى وفاته ٠
فشل حزب العمال في كسب المثقفين والشباب ، وظل حزبا نخبويا محدودا ، ذلك رغم انضمام اسماء سياسية كبيرة له ٠ فقد انضمت له في العراق مجموعة علي صالح السعدي ، وابرزهم حمدي عبد المجيد ، ومحسن الشيخ راضي ، وهاني الفكيكي ، وحميد خلخال ، وابو طالب الهاشمي ، وغيرهم ٠ ويبدو ان وجود نظامين بعثيين صارمين في سوريا والعراق حال دون انتشار الحزب ، وكذلك لان الحزب يُعنى بالثقافة عناية خاصة ، على حساب التوسع والحضور السياسي ٠
اعتقل الحافظ في سوريا – عام ١٩٦٦ -لبضعة اشهر ، وقد كان رفيقه في الزنزانة ، الدكتور جورج حبش مؤسس حركة القوميين العرب ، والامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ٠ وبعد اطلاق سراحه ، غادر سوريا نهائيا ، وعاش في بيروت ، حتى وافته المنية في ٢٨ تشرين الاول ١٩٧٨ ، عن ٤٩ عاما ، اثر اصابته بالسرطان ٠
وقف ياسين الحافظ ضد انخراط اليسار اللبناني والمقاومة الفلسطينية في الحرب الاهلية اللبنانية ، معتبرا اياها حربا طائفية قذرة ٠
وقد تأثر في سنواته الاخيرة ، بكتابي الدكتور عبد الله العروي : ( الايديولوجية العربية المعاصرة – ١٩٧٠ ) و( العرب والفكر التاريخي – ١٩٧٣ ) ٠ فقد تلقف فكرة المفكر المغربي بأن التأخر العربي ، ناتج عن عدم المرور بمرحلة الليبرالية ، بمعانيها الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية ٠ ولهذا انتقل التركيز عنده الى مفاهيم : ( الفوات التاريخي ) و (التأخر ) و ( الديمقراطية ) و( العقلانية ) و( العلمانية ) ٠ باختصار شديد امسى تفكيره مطبوعا بتلوينات ليبرالية ٠
ففشل تجربة عبد الناصر ، والذي كان موقفه منه ايجابيا رغم كرهه لنظامه ، وقد عبر عن هذه الاشكالية بقوله : ( موقفي من الناصرية : دعم ونقد ، ترجي ويأس ) ٠ و الهزائم العربية المتكررة ، والحرب الطائفية اللبنانية ، دفعت الحافظ إلى إعادة النظر في أولوياته ، وغيرت الكثير من ملامح تفكيره ، او بعبارة اخرى ، طمست معالم مشروعه السابق : تعريب الماركسية ، والوحدة العربية ، والعداء للامبريالية ٠ لقد اصبح شغله الشاغل : موضوعة التأخر العربي ( وليس التخلف) ٠ فهو يقول : في السياسات العربية ، لسنا ازاء اخطاء فحسب ، بل ازاء تأخر ، لسنا ازاء سياسة يمينية فقط ، بل سياسات لاعقلانية ، لسنا ازاء تأخر الاقليات المهيمنة ، بل تأخر البنية السياسية العربية بجُماعها ، وبكلمة انها سياسة قرية في عالم مدن ٠

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب