23 ديسمبر، 2024 4:54 ص

“ياخة” ابو هيا و اطماع السلطان

“ياخة” ابو هيا و اطماع السلطان

لم نكن نعلم بان حركة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بترتيب ياخة (ياقة) رئيس حكومتنا الرشيدة مصطفى الكاظمي خلال زيارته لانقرة قبل نحو شهرين ستكون مكلفة لهذه الدرجة، على الرغم من حملة سخرية كبيرة رافقتها على جميع جداريات مواقع التواصل الاجتماعي حتى اصبحت نكتة يتداولها اغلب “عباد الله” في مشارق ومغارب بلادنا المبتلية بهذه “الحفنة” من السياسيين.
لكن في الجانب الاخر كان سلطان الترك يفكر بثمن تعديل “هندام” رئيس وزراء الدولة الجارة التي يحلم بالعودة لفرض سلطته على بعض اراضيها باعتبارها واحدة من ولايات الدولة العثمانية لاحياء امجاد اجداده وهي امنيات لا يخفيها السيد اردوغان، حينما ابلغنا خلال مؤتمر صحفي عقده قبل ايام لا تتعدى اصابع اليد الواحدة، في حديثه عن عملية المخلب الثانية التي ينفذها الجيش التركي داخل حدود اراضينا وخاصة في قضاء سنجار التابع لمحافظة نينوى، بانه “لم يعد بإمكان أي دولة أو مؤسسة أو كيان أو شخص مساءلة تركيا عن عملياتها في العراق، لانها حصلت بموافقة حكومة بغداد واقليم شمال العراق”، (كما فضل تسميته)، لملاحقة حزب العمال الكردستاني، ليكمل حديثه قائلا “سنبقى في المناطق التي دخلناها وحققنا فيها الأمن وفق ما تقتضيه الضرورة”، لكن بمراجعة بسيطة لما تسرب خلال زيارة الكاظمي إلى تركيا، نسجل ملاحظة تكشف، بان رئيس وزراء حكومتنا ابلغ اردوغان بعدم قدرته على تنفيذ الاتفاق بين بغداد واربيل بشأن السيطرة على سنجار وابعاد مقاتلي العمال الكردستاني عنه، ليمنحه الضوء الاخضر بدخوله عن طريق “حيلة خبيثة” يستخدم خلالها حلف الناتو كتغطية لمهاجمة القضاء الذي يمثل معقل الايزيدية في البلاد.
تلك “الفضيحة” لم يحدثنا عنها ابو هيا حينما خرج علينا “غاضبا” بعد اكتشافه حجم السخرية التي تعرض لها بسبب تعديل الرئيس التركي لياقة قميصه، لكنه اخبرنا بمعلومة جديدة كنا نجهلها سابقا، بان علاقته باردوغان اساسها صداقة قديمة ومن حقه التدخل في ترتيب ملابسه، فقضية الصداقة بين “ممثلي الدول” لدى رئيس حكومتنا يبدو انها تختلف عن معناها الحقيقي، في الاهتمام بمصالح الناس من خلال استغلال تلك العلاقات بمنع التعدي على المواطنين الآمنين الذين ترعبهم يوميا طائرات السلطان التركي ودبابات جنوده التي تجاوزت الحدود بعشرات الكيلومترات واتخذت من قمم بعض الجبال قواعد لها، في وقت يستمر دولة الرئيس بتقديم التنازلات حفاظا على تلك الصداقة وليست لتامين حدود السيادة.
وبالعودة… للضوء الاخضر الذي منحه الكاظمي لانقرة من خلال استخدام حلف الناتو كواجهة لمهاجمة سنجار، اثبتت تلك التسربات صحتها حينما ارسل الناتو 1000 جندي إلى محافظة اربيل كدفعة اولى بحجة الحفاظ على الاستقرار الامني بعد القصف الذي تعرضت له اربيل باستهداف قاعدة حرير الامريكية بصواريخ الكاتيوشا، لكن مهمة تلك القوات تختلف بواقعها المتمثل تهيئة الظروف المناسبة لاستمرار عمليات الجيش التركي في المناطق الشمالية من دون معرقلات تقودها اطراف عراقية قد الحشد الشعبي في مقدمتها، وبهذه الطريقة يضمن الكاظمي هدفين الاول التخلص من تهديدات الحشد الشعبي بمنع تسليم سنجار للحزب الديمقراطي الكردستاني والثاني حماية نفسه من المساءلة في البرلمان باعتبار ان قوات الناتو حلف دولي يمكن الاستعانة بها في اوقات الازمات، وليس توغلا تقوده القوات التركية.
الخلاصة… أن ضعف الكاظمي وحكومته فسح المجال للعديد من الجهات لابتزازه، فمرة يكون الطرف خارجيا بالتوسع على حساب اراضينا، واخرى من عناوين داخلية كما يفعلها زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر الذي حصل على غالبية مناصب وكلاء الوزارات مقابل عدم استخدام جمهوره لتهديد كرسي الكاظمي، حتى وصل الامر لصفقة اللقاح ضد فيروس كورونا الذي كان السيد الصدر ووزارة الصحة التابعة لتياره تعرقل استيراده، لكن بعد حصوله على نسبة من الاموال المخصصة للصفقة تطوع السيد الصدر بتغريدة على تويتر تدعو للاسراع باستيراد للقاح… اخيرا… السؤال الذي لابد منه…. هل كلفتنا تعديل “ياخة” ابو هيا تسليم الاراضي لاردوغان؟…