23 ديسمبر، 2024 10:05 ص

ياحريمة ..البلد ينباع ..وصارلهم غنيمة !!

ياحريمة ..البلد ينباع ..وصارلهم غنيمة !!

كان الشاعر الشعبي العراقي الكبير ناظم السماوي منذ أكثر من أربعة عقود مضت ، يعتصر قلبه ألما، وتتمزق أحشاءه وجوارحه ، عندما يرى أن الحب يمكن أن يباع ، وإذا بالحبيبة التي كانت تبادله مشاعر حبه وهيامه بها ، ويعلق عليها الآمال، في أن يظفر بحبها الجميل ، وإذا هي من تغدر به وتبيع علاقته معه ، دون وازع من ضمير أو رادع خلقي!!

كان الرجل يردد قصيدته التي أحرقت قلوب ملايين العراقيين : ياحريمه أنباكت الجلمات..من فوكَـ الشفايف..ياحريمه ياحريمه..!

ربما لم يدرك الشاعر ناظم السماوي في وقتها أن الوطن يمكن أن يسرق أو يباع ، أو تعرض نفائسه في سوق النخاسة !!

كان يعاتب حبيبته ، حين كانت تبادله مشاعرها المتوقدة شوقا لرؤيته، وكان يعاتب الكلمات والشفايف ، وهي ترتجف خجلا ، عندما تريد أن تنطق بكلمة حب، تعبيرا عما تكنه خلجات قلبها من مشاعر الود ، وهي التي أحرقت قلب الشاعر بفتونها وجمالها الساحر الأخاذ ، ولم يدر في خلد الشاعر أن ياتي زمان أن الوطن يمكن أن يباع ، ويروح بعض أهله من المنحرفين والمأجورين والقتلة ، يتخلون عن قيمهم وأعرافهم وتقاليدهم، ليجهزوا على آخر معالم العراق وقدرات شعبه، من ثم يبيعونها لمن يشتري من الجيران، بأرخص الاثمان!!

وفي قصيدة أخرى وعلى نفس وتر الخيانة الذي يشتكي منه ، راح يبحث الشاعر ناظم السماوي عن محبوبته التي كان يعدها نجمة الثريا، ومن يعتقد انها هي من كانت تنير الكون بسحرها وفتونها ، وإذا به لم يجدها وقد غابت عن الأنظار، بحثا عن غنيمة أخرى أو مغنم جديد، بما لايساوي في تاريخ العشاق ، شيئا يمكن أن يضيف اليه ما كان يحلم به من آمال وتمنيات!!

كان الرجل يصدح بأعلى صوته ، وجروح قلبه الدامية تنزف من شدة الوجع ، وهو يردد:

دوريتك .. بين نجمات الثريا وما لكَيتك

يا وسفة تبيعني برخص الأمس يل مادريتك

روحي وحشه وطيفك الغايب عبرها

وليلي جلمة عشكَـ عذبها صبرها

ولك لو تسوى العتب جا عاتبيتك..

وكيف يكون العتاب ، لمن فقد بصره وبصيرته، وتخلى عن أهم ما يمكن أن يكتنزه من قيم الأجداد وتراث أهله وعشيرته وعائلته، وهو قد وصل الى مرحلة لم يعد فيها العتاب مجديا..وهو لو كان يستحق العتاب لما عاتبه : والله لو تسوه العتب جا عاتبيتك !!

آخر تقليعة للسفلة والساقطين واللقطاء ، بعد جرائم ساسة البلد وبيعهم لمقدرات شعبهم، وتسليهم رقاب أهله للأغراب ، هم ممن راحوا مؤخرا يسرقون معدات الكهرباء ، وأعمدة الضغط العالي وإنتزاع حديدها ونحاسها ، لكي يتم بيعه لايران، التي لم تبقي للعراقيين سوى أراض قاحلة وصناعة وزراعة متدهورة ، وبلد أفرغته من أي معلم يكون بمقدوره أن يقف على رجليه، بعد إن إستحوذت من مع يتعاون معها من بائعي الضمير، وإرتضى أن يكون لها عميلا صغيرا ، وفاقدا للشرف، حتى بنوا إيران بثروات العراق، ونهبوا أرصدة البلد بالمليارات ووضعوها كاملة في خدمة إيران ، وكانت آخر تقليعة هؤلاء هي: كيف يكون بمقدورهم تجريد العراق من آخر قلاعه وهو الكهرباء!!

آخر الأخبار التي تداولتها الوكالات والمواقع الإخبارية ، وليس أخيرها ، ما أعلنته محافظة السليمانية عن قيام عملاء مأجورين في منطقة “سنكاو” بسرقة معدات وقابلوات أبراج النقل المجهزة للطاقة للسليمانية وكرميان..وباقي مدن كردستان ، وما تبقى من هياكل محافظات الوسط والجنوب ، لتكون محطة اللصوص والسراق الأخيرة لتدمير آخر ما تبقى في العراق من قدرات!!

ولو إن سراق البلد ولصوصه إختشوا وحافظوا على بقايا خلق ، أو كان في دواخلهم وخزة من ضمير ، لما باعوا كل مقدرات العراق وسرقوا ثرواته ،بثمن بخس دراهم معدودة، وقبلوا أن يسلمونها للأغراب والطامعين والحاقدين على بلدهم وحضارتهم ، على هذه الشاكلة من نكران الجميل وضياع القيم!!

ومع هذا نبقى نردد ما سبق للشاعر ناظم السماوي أن ردده قبل عشرات السنين:

ياحريمه أنباكت الجلمات..من فوكَـ الشفايف

ياحريمه ياحريمه

ياحريمه أسنينك العشرين مامرها العشكَـ والعشكَـ خايف

ياحريمه ياحريمه

لا ولك ..لالا على بختك ماني سالوفه صرت بين الطوايف

ياحريمه ياحريمه

يازلف يتغاوى ويه الليل بطراف الكَصيبه

هاك روحي الما غفت والطيف مامره حبيبه

هاك جرحي الما تعطب وانت عطابه ولهيبه

هاك عمري الظآكَـ حنضل وأنت برحي

ياحريمه ياحريمه..!!