22 نوفمبر، 2024 11:45 م
Search
Close this search box.

ياحبذا الخيانة..! ياطيب التخاذل..! مرحى بالتواطؤ..!

ياحبذا الخيانة..! ياطيب التخاذل..! مرحى بالتواطؤ..!

يبدو ان مبدأ الثواب والعقاب، لايصح في كل الأزمنة والأماكن، كما أنه قد لايصح مع كل فرد من بني آدم، وهذا ما أثبتته لنا بعض القرارات التي تصدر من لدن الدولة العراقية الحالية، سليلة حضارات السومريين والبابليين والأكديين، ومن شخوص تتربع على عروش قيادية من المفترض أن يكونوا أحفاد حمورابي ونبوخذ نصر، إذ الجميع ينتظر منهم التصرف السليم والرأي السديد في اتخاذ القرارات، ولاسيما السياسية منها، ولكن رياح العراقيين على مابدا تأتي دوما بما لاتشتهي السفن.

لقد كوفئ الرجلان الراعيان المسؤولان عن رعاياهما.. القائدان.. الضابطان.. الفريقان (الأولان الركنان) بهدية قيمة من لدن القائد العام للقوات المسلحة العراقية العريقة، التي بلغ عمرها تسعين عاما ونيف، وهي لم تترك رقعة جغرافية من أرض البلدان العربية تناديها، إلا هبت لنصرتها ولتحريرها من أٌقدام من وطأها عنوة، فلطالما رفعت راية العروبة في أراض سورية وفلسطينية وأردنية بعد أن نكستها اعتداءات اسرائيلية في العقود الستة المنصرمة. وسجلت بهذا وجودا وهيبة قد يظن البعض ان حماقات المقبور صدام قد نالت منها، لكن في حقيقة الأمر إن هيبتها مازالت موضع احترام وتقدير، إلا أنها اتخذت مكانا قصيا في عمق البحر المتلاطم بأمواج من القيم الوضيعة التي علت على سطح المفاهيم الانسانية، وهذا أمر طبيعي..! إذ الزبد هو الذي يطفو على السطح فيما تكمن الدرر في القاع، فقد قال تعالى: “فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ”.

نعم..! فلقد كوفئ (عبود گنبر) و (علي غيدان).. بإحالتهما على التقاعد، أي سيقضيان بقية عمريهما معززين مكرمين.. مضموني الحقوق، وحتما سوف (يسولفون) لأحفادهما عن بطولاتهما وصولاتهما وجولاتهما على الأراضي العراقية، وكيف كان دفاعهما عن محافظات العراق كدفاع الأسد عن عرينه! وقطعا سيسشتهد (گنبر) ببيت للمتنبي فيقول لأولاده:

ضممت جناحيهم على القلب ضمةً

تموت الخوافي تحتها والقوادم

ثم يسترسل في سرد الصعوبات والمحن التي لاقاها في سوح الوغى، في الذود عن أخواته وبناته العراقيات في نينوى وصلاح الدين فيصدح من شعر المتنبي:

بضرب أتى الهامات والنصر غائبٌ

وصار إلى اللبات والنصر قادم

وحتما سيصدقه المساكين أبناؤه وأحفاده فيجيبونه على لسان المتنبي أيضا:

تمر بك الأبطـال كلمى هزيمـة

وطرفك وضاح وثغرك باسـم

وقفت ومافي الموت شـك لواقـف

كأنك في جفن الردى وهو نائم

تجاوزت مقدار الشجاعة والنهى

إلى قول قوم أنت بالغيب عالم

أما (غيدان) فهو الذي قالوا عنه: (جاب الذيب من ذيله).. وحتما هو ليس بأقل من صاحبه شجاعة وبطولة وبسالة، إذ سيستعين بقصيدة المتنبي ذاتها فيرعد ويزبد قائلا:

ومن طلب الفتح الجليل فإنما

مفاتيحه البيض الخفاف الصوارم

نثرتهـم فـوق الأحيـدب كلـهِ

كمـا نثرت فوق العروس الدراهـم

رحم الله المتنبي.. وأستميحه عذرا على استعارة أبيات من قصيدته التي قالها في سيف الدولة، واستخدمتها -مجازا- في مقالي هذا للحديث عن اثنين لايمكنني القول أنهما من قادة الجيش العراقي، بل هما من سقط المتاع.

هنيئا لكما تقاعدكما.. فنحن في زمن يثاب فيه الغدار.. ويكرَّم الخائن.. ويكافأ المتواطئ، وتصرف لهم حقوق تقاعدية من صندوق أموال اليتامى الذين استشهد آباؤهم وراحوا ضحية فعل المحالين على التقاعد.

أما لمن منحكما هذا الحق فأقول: “عليك تخصيص ميزانية كبيرة لمن ستحيلهم على التقاعد في قادم الأيام، فقد فتحت بابا على مصراعيه، بامتيازات مغرية ثوابا للخيانة والتخاذل والتواطؤ، وسيقف على هذا الباب الكثير.. الكثير.. الكثير.. من أشباه (عبود گنبر) و (علي غيدان) في المعارك التي تنتظرك في باقي محافظات عراقنا، فمادام الخائن في مأمن من العقاب، وله على فعلته جنات ونعيم وطيب مآب، فياحبذا الخيانة..! وياطيب التخاذل..! ومرحى بالتواطؤ..!”.

*[email protected]

أحدث المقالات