22 ديسمبر، 2024 7:43 م

يابه تره الجماعة باعو السمج و هو بالشط

يابه تره الجماعة باعو السمج و هو بالشط

لم اتمالك نفسي وشعرت بحالة من الاحباط  والخجل وانا ادخل شارع الرشيد من جهة ساحة الميدان فلم اجد  في هذا الشارع التراثي  الذي يمتد تاريخه الى اكثر من مائة سنه لاتطوير ولا تنوير .. فلم اجد غير تزويق وتلفيق  وان الكلام  عن تطوير الشارع كان مجرد  تخدير .. تمالكت نفسي واكملت مسيري وسط انقاض شارع خربة وابنية متهرئة  آيلة للسقوط  بعد ان انتقلت لهذا الشارع عدوى الفوضى فاصبح  “شارع الهرج ”  تيمنا  بسوق الهرج  المخصص ببيع الخردة  .. في وقتها  تأسفت على  الحال الذي وصل اليه العراق وايراداته النفطية تجاوزت مئة مليار دولار سنويا  ويعجز عن تطوير شارع  لايتجاوز طوله الخمسة كيلومترات يعتبر من اشهر الشوارع في المنطقة العربية .. وانا في هذا الموقف  تذكرت ابيات  من اشعار شاعر العراق الشعبي المعروف ملا عبود الكرخي والذي قال فيها ” بغداد مبنية بتمر فلش وكل خستاوي .. بغداد مبنية ابتمر ماينكضي هذا العمر ” ترحمت للشاعر الكرخي الذي اشتهر بمشاكساته لشخصيات نافذة  كانت تحتل مواقع  مهمة خلال عهد النظام الملكي ومنهم رئيس الوزراء نوري سعيد ومن  هذه المشاكسات بحسب الروايات ان الشاعر الكرخي شاهد في احد الايام رئيس الوزراء واقفا يتبضع في سوق شعبي لبيع الاسماك فاقترب منه االشاعر الكروامخي وامسك بسمكة  وبدأ يشم ذيلها  فلفت انتباه رئيس الوزراء الذي كان بالقرب منه وبادره قائلا ” ملا السمجه ايشموها من راسها مو من ذيلها ” فقال له الشاعر الكرخي ” باشا الرأس عرفنة خايس بس دنشوف الخياس وصل للذيل ” كلام الشاعر الكرخي كان واضحا وهو رسالة انتقاد وجهها لمن كان يسمى بثعلب السياسة العراقية  الذي تقبلها برحابة صدر .. اليوم وبعد اكثر من سبعين عاما  شعرت باحساس غريب حرك مشاعري للكتابة وانا اقرأ في احدى الصحف المحلية خبر اشعرني بمدى التمادي في الضحك على ذقون العباد  وبحسب المثل المصري ” خلي الطبق مستور “ومفاده ان امانة بغداد وجهت دعوة لعضو مجلس النواب النمساوي رئيس بلدية النمسا عمر الراوي لحضور الاحتفالية المئوية لشارع الرشيد ويوم بغداد متناسية ان بغداد باتت اسوأ مدينة في العالم حسب المسح العالمي الذي اجرته مجموعة ” ميرسر الاستشارية ”  فيما تحتل مدينة فيينا المرتبة الاولى  كافضل مدينة على مستوى مدن العالم بحسب المسح الذي اجرته  المجموعة ويقول الراوي المولود في بغداد والذي طور مدينة فيينا  وجعلها  المدينة الاولى من حيث الخدمات المقدمة في تصريح اجرته معه احدى الصحف الاجنبية  “اشعر بالفخر بان المدينة التي اعمل فيها تنتخب للمرة الرابعة على التوالي كأفضل مدينة في العالم ويعتصرني الألم بان تكون بغداد المدينة التي ولدت فيها اسوأ مدينة في العالم ” كان تقرير المجموعة اسوأ صفعة وشتيمة توجه للعراق فقد اعتبرت بغداد من المدن السيئة من حيث  سوء الخدمات وتدني مستوى المعيشة  وانعدام الامن ” و خلي نكعد اعوج و نحجي عدل .. يابه تره الجماعة باعو السمج و هو بالشط .. 
وماكذب الشاعر ملا عبود الكرخي عندما قال  “يهواي دبرلي الامر التين اصبح لاوي .. بغداد مبنية بلقم وتربتها سيسي وبطم .. للطم على راسي لطم وانحر المناوي ” ونعود لسالفتنا حول الدعوة  الموجهة لعمر الراوي  فقد اعتذر عن الحضور الى بغداد لانشغاله بخدمة المواطنين في فيينا  نعم خدمة المواطنين  لاسيما وانه يكره الايفادات ” مو مثل الربع يتراكضون على المخصصات ” لانها في النتيجة تخدم الاغوات والباشوات واصحاب الرغبات في جني الثمرات وبالنتيجة فهو ليس مثل اصحاب الحضوة  في بلاده العراق الذين يسعون لاعتلاء المناصب ممن يعشقون التزويق والتلفيق والنفاق  والشقاق وسوء الاخلاق .. ” خلي انكمل سالفتنه ونكول .. كان ياما كان في قديم الزمان كان  هناك بلد اسمه العراق وعاصمته بغداد  يتوسطها شارع اسمه شارع الرشيد وهو اقدم واجمل شوارعها حيث  يمتد من الباب المعظم الى منطقة سيد سلطان علي وكان  الشارع مكانا تدور فيه احداث  الكثير من الروايات  العراقية المهمة واحتوى الكثير من الاحداث الاجتماعية والسياسية التي كان لها الاثر في الحركة الوطنية العراقية والتاريخ العراقي المعاصر ولعل اشهرها حادثة اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم وضم الشارع عبر تاريخه العديد من المقاهي ودور السينما والجوامع واهم الجسور التي تربط منطقة الكرخ بالرصافة والشوارع الفرعية والعديد من المحلات الشعبية والاسواق ودور السينما  ومن اهمها سينما رويال والحمراء وسنترال والرشيد والزوراء والوطني والرافدين الصيفية وروكسي وريكس والتي اصبحت اليوم اماكن لخزن البضائع  والخردة .. ومن معالم شارع الرشيد وجود تمثال الشاعر الكبير معروف الرصافي  الذي اقيم احتفال افتتاح الشارع مؤخرا  قربه  لكني وما ان تمعنت في وجه تمثال الشاعر الرصافي حتى وجدته عابسا  غاضبا   وما ان اقتربت منه واعتليت منصته حتى همس في اذني وقال لي ” امانة عليك ان تتدخل شخصيا  لدى الجهات المسؤولة لنقلي الى مكان اخر يكون اكثر دفئا وهدوءا يبعدني عن  هذا المكان الموحش  الذي بات مرتعا للمتسولين ”