23 ديسمبر، 2024 5:01 ص

يأجوج ومأجوج…… أخبار الماضي…… وأحاديث الحاضر…… وروايات المستقبل

يأجوج ومأجوج…… أخبار الماضي…… وأحاديث الحاضر…… وروايات المستقبل

يأجوج ومأجوج قد جاء ذكرهم في الديانات السماوية الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلامية وقد عرفوا باسماء عدة فسماهم الصينيون في القرن الثالث قبل للميلاد باسم هسيونغ نو Hsiung_ nu وسماهم الأشووريون في القرن السادس قبل الميلاد باسم السكيثيون Scythians اما الأوروبيون في القرن الرابع الميلادي فقد اطلقوا عليهم اسم الهون Hun واحتفظ لهم القرآن الكريم في القرن السابع ميلادي باسم يأجوج ومأجوج وعرفوا فيما بعد عند المسلميين والصينيين والأوروبيين في القرن الثالث عشر الميلادي بإسم “المغول والتتار” .
وهم قوم من بني البشر من نسل النبي نوح عليه السلام لأبنه الثاني يافث وهم على التوالي ((جومر ومأجوج و ومادي وياوان و وتويال و وتيراس)) واندمجوا ابناء يافث فيما بعد وذابو ببعضهم بتعاقب الأجيال وشكلوا فيما بعد أمة تعرف باسم يأجوج ومأجوج وهذا الإسم وان بدا كا الأسمين الا انه اسم واحد اشتق من مادة واحدة وجاء حرف الواو في صورة الواو العاطفة وذلك ليتحول اللفظين معاً كلمة واحدة مركبة ومن اصلابهم تفرقت البشرية في الأرض بعد الطوفان وهم موجودون وسيخرجون ويراهم الناس في اخر الزمان فهم عراض الوجوه ومسطحة صغار العيون وغائرة وذات جفون مسترخية الشعر اسود خشن وانوفهم فطساء ولون بشرتهم ضارب الى الصفرة اما قامتهم متوسطة وصدورهم واسعة يتميزون بشخصيتهم وكيانهم الفريد عن سائر ابناء البشر فهم يتصفون بالشر والخراب والقوة لهذا اصطبغوا بصبغة التأجج والأجيج والأجيج هو اجيج النار اذا اضطربت وصار لهيبها يتداخل مع بعض ويقال أيضاً من الأجاج الماء شديد الملوحة ومنها انتزع اسمهم فكانوا اسماً على مسمى وغرزة بذرة التأجج في اصلابهم فظلت تنتقل من سلف الى اخر وظل اسمهم راسخاً في ذاكرة الإنسان ومتداولاً بينهم ومثبت في الوحي المنزل على الرسل والأنبياء منذ ذلك الزمن البعيد الى يومنا هذا بل حتى الى اخر الزمان.
وتذكر الدراسات ان المنطقة التي استقروا فيها جيلاً بعد جيل تقع في منطقة تعد من اكثر مناطق اسيا والعالم ارتفاعاً ووعورة فتحيط بها الجبال من جميع اتجاهاتها فتبدو كالحلقة الواسعة وترتبط بالعالم الخارجي عن طريق ممرات صغيرة بإتجاه الصين واعلى قمة في سلسلة الجبال كلها هي قمة جبل ” تابون بوكدو اولا”والتي يزيد ارتفاعها عن خمسة عشرة الف قدماً فوق سطح البحر فسميت تلك الأرض بادئ الأمر باسمهم ولما شاع الإسم وتداولته السنتهم في مختلف العصور خضع لقواعد لغاتهم وطرق نطقها وحرف وبدل فيه إلى ان صار اليوم (منغوليا).
وفي القرن الخامس الميلادي خرجت جموع يأجوج ومأجوج قاصدة العالم الروماني ووصفهم المؤرخ الروماني جوردانيس ((ليسوا ببشر وليس لهم لسان مفهوم ولا حرفة عندهم الا الصيد وادخال الرعب في قلوب اعدائهم وقسوتهم تجاه ابنائهم لاتعرف لها حدود فقد كانوا يخدشون وجنة الرضع بالسيف قبل ان يسمحوا له بالرضاعة والقصد من وراء ذلك ان يشعروا كل طفل من اطفالهم بالام الجروح قبل ان يستشعر لذة لبن الأم ولهذا السبب تصبح وجوههم مشوهة وقبيحة تبعث الخوف والرهبة)) .
وشهد ابقراط الفيلسوف والطبيب اليوناني في اواخر القرن السابع قبل الميلاد اقوام السكيثيين فقال معبراً عما رأى بعينية ((والسكيثيون يتشابهون فيما بينهم بمقدار مايختلفون عن سائر الشعوب ولونهم احمر مشرب بسمرة)) ويرد ابقراط سبب اختلاف وجوههم وشذوذ الوانهم الى المناخ مابين الحرارة الشديدة والبرودة القاسية اما نظامهم الجسدي فقد تأثر أيضاً بالتغيرات المناخية ووصفهم ((السكيثيون ضخاماً سمنهم يحجب مفاصلهم وابدانهم رطبة وتجاويفهم ولاسيما السفلى ملأنة رطوبة فسمنهم وترهل جلودهم يجعلهم مشابهين بعضهم البعض)) اما سبب استرخاء ابدانهم وضخامتهم وقصرهم فيعود الى :
١- انهم لايستعملون القماط كما في بلاد مصر ولايتبعون هذه العادة ليحسن جلوسهم على ظهور الخيل.
٢- لعيشتهم اذا يلبثون اغلب اوقاتهم جالسين ولايمشون على ارجلهم لأنهم دائماً في ترحال.
ومن ثم ظهر المغول في العالم الإسلامي بعد عدة قرون من ظهورهم في اوربا ومارآه المسلمين لايختلف كثيراً عما رآه الاوربيون فهم متشابهون في الخلق والخلقة ومن المسلمين اللذين شهدوا المغول الشاعر الفارسي امير خسرو اذ وصفهم ((ملامحهم لاتسر عيونهم ضيقة جداً ورائحة أجسادهم نتنة مقززة اما رؤسهم تبدو للعيان كما لو كانت قد وضعت على اجسادهم دون رقبة ولصدورهم لونان ابيض واسود مغطى بقمل يظهر كأنه حبيبات السمسم)) كان هذا اقتباساً من بعض ما نقله المؤرخون الذين عاصروا التتار والمغول.
ثم جاء نبينا الكريم محمد صل الله عليه وعلى آله وسلم اذ وصفهم (( ان يأجوج ومأجوج من ولد ادم ولو ارسلوا لأفسدوا عن الناس معائشهم ولن يموت منهم رجل الا ترك من ذريته الفاً فصاعداً ان وراءهم ثلاث امم تأويل وتاريس ومنسك)). وهذا دليل واضح على ان يأجوج ومأجوج هم بشر وليس كما وصفتهم الروايات المختلفة بأنهم كائنات غريبة بعضهم طوال القامة بطول شجر الارز وبعضهم الأخر اقزام وطولهم مساوي لعرضهم ولهم اذان طويلة يفترشون احدها ويتغطون بالأخرى كل هذه خرافات لاتمت للصحة بشىء وليس هناك زمن محدد لخروجهم ففي قوله تعالى ((حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون) ) (الأنبياء 96) فمن الجائز أن يكون السد قد فتح ما بين اقتربت الساعة ويومنا هذا وتكون غارات المغول والتتار التي اجتاحت بلاد الشرق هي من قوم يأجوج ومأجوج وهذا يستند الى حديث عن زينب بنت جحش زوج النبي – صل الله عليه واله وسلم – قالت: استيقظ الرسول – صل الله عليه واله وسلم – من نومه وهو محمر الوجه وهو يقول: ((ويل للعرب من شر قد اقتربت فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا)) وحلق بإصبعيه السبابة والإبهام قلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: “نعم إذا كثر الخبث” وهذه الرؤيا كانت منذ اكثر من ثلاثة عشر قرناً ونصف ووقعت غارات التتار بعدها ودمر ملك العرب واسقطت الخلافة العباسية على يد هولاكو في عهد المستعصم اخر ملوك العباسيين.
لكن هناك رأي اخر فمن العلماء من يرى خلاف ذلك ويذهب إلى أن هؤلاء القوم لم يخرجوا بعد وما زالوا محبوسين ينتظرون الوقت الذي يؤذن لهم فيه بالخروج والسؤال هنا اذا اذن الله لهم هل سيجيئون بأكثر مما جاء به هؤلاء الأقوام؟ اذ لم يعرف تاريخ البشرية جرائم ومذابح ابشع من تلك التي ارتكبها المغول او التتار وهذا مانراه في قول ابن الأثير عن غطرستهم ((لقد عقمت الليالي أن تأتي بمثله وأن الله لم يخلق فتنة منذ خلق آدم إلى قيام الساعة تعادل هذه الفتنة أو تدانيها ولا حتى فتنة المسيح الدجال وأنهم كانوا أشد فتكاً وأسرع سيراً من ذي القرنين والأسكندر الأكبر وان ما حدث لبني إسرائيل من القتل والتشتيت والأسر على يد بختنصر لا يبلغ معشار ما حدث للمسلمين من القتل والتشتيت والأسر على يد التتار))
وما تذكره الروايات عنهم انهم وحوش بجسد بشري لا يمرون بشي الا افسدوه ولا بشر الا قتلوه وحين خروجهم يمرون ببحيرة طبريا فيشربون جميع الماء الموجود فيها اذا يمر أوائلهم فيشربون ما فيها ويمر آخرهم فيقولون : “لقد كان بهذه ماء” وهذا مايدل على كثرة عددهم اذا يفر الناس منهم لبطشهم ويتمادون بوحشيتهم فلا يكفيهم اهل الأرض فيرمون سهامهم الى السماء فتعود مخضبه بالدم فتنة لهم فيقولون ((قهرنا اهل الأرض وغلبنا من في السماء)) وهذا لشدة فسادهم وكفرهم فيرسل الله عليهم دوداً يخرج من خلف رؤوسهم فيقتلهم جميعاً ويقال ان الله يرسل طيوراً فتحمل جثثهم وتطرحها حيث يشاء او تصبح طعاماً لدواب الأرض حتى تسمن من كثرة لحومهم ويعم الأمن والسلام ويحج المسلمون إلى بيت الله الحرام كما جاء في الحديث الشريف (ليحجن البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج) وهذه الأحاديث التي تذكر نهايتهم تختلف تماماً عن نهاية المغول اذ كانت نهاية المغول على يد المماليك وليست عقاب من الباري بخروج الدود من رؤوسهم فالربما لايزالون يحفرون السد الى يومنا هذا ويعيد الله ردمه كما كان ويذهب تعبهم هباءاً الى ان يأذن الباري بخروجهم.