17 نوفمبر، 2024 9:49 م
Search
Close this search box.

و ماذا بعد ؟

حتما أن الخروقات الأمنية التي حصلت مؤخرا في العاصمة بغداد ، هي ليست الأخيرة ، و تفيد التقارير الأمنية  أن الأيام القادمة ستشهد عمليات إرهابية من هذا النوع ، بسبب تبدل إستراتيجية تنظيم داعش ، من كونها تملك السيطرة على جغرافية واسعة إعتقدت أنها حققت عليها حلمها العقائدي ( إقامة الدولة ) ، إلى الاذعان  ان خساراتها المتواصلة  لقسم كبير من هذه الجغرافية و عدم قدرتها على إيقاف التقدم العسكري للقوات العراقية الوطنية في إستعادة ما تبقى من مناطق غرب الانبار و الفلوجة و الشرقاط و الحويجة و الموصل ، بعد العمليات الناجحة في مركز الانبار ، و تحديدا ( الرمادي و هيت و الرطبة و ما بينهم ) ، دفعتها إلى تحقيق الجزء الممكن من مشروعها ، و هي عمليات القتل بكل من تعتقدهم كفار مشركين ( و هم جميع الخلق بإستثناء من ينتمي الى أيدولوجيتهم ) ، يجري هذا وسط الجدل الغريب بين المؤسسات الامنية  عن الصلاحيات و المسئوليات فيما بينهم ، مؤكدا أن الخروقات هذه تعني أن الأزمة البنيوية لا زالت قائمة على الرغم من كل الحديث عن المساعي في إعادة هيكلة المؤسسات الأمنية و حفظها من داء المحاصصة و التأثيرات السياسية و الحزبية .
الأمر هذا سيجعل كل الانتصارات التي يبذل من أجلها الغالي و النفيس في المحافظات الغربية و الشمالية تفقد بريقها و أهدافها الكبرى ، و هو تحقيق الأمن الوطني ، إلا أن الملفت للنظر أن هذا السياق الأمني رافقه دعوات جادة جاءت ضمن المطالبات بالإصلاح تضمنت فكرة أن الأزمة الامنية في العراق هيَّ محصلة للمحاصصة و الفساد بإشكاله كافة ، و هو قول وجيه و لم يعد أحد ينكره ، و من أجل هذا خرجت تظاهرات عارمة و مطالبات من الرموز الدينية ( أبرزهم المرجع الاعلى السيد علي السيستاني ) ، إلا أن هذه الحركة بدأت بأخذ مسارات غريبة عن جوهرها ، ففي الجمعة الاخيرة شاهد الجميع كيف حصلت عملية مواجهة بين المطالبين بالاصلاح و بين القوات الامنية ، بعد خرق المتظاهرين لقواعد التظاهر و إختراق الحواجز الامنية و الاصرار على عصيان القرار الامني القاضي بتواجدهم في منطقة محددة للتظاهر ، و من هنا بدأت أسئلة حرجة ينبغي أن تطرح و بقوة :
ـــ أي إصلاح هذا الذي يواجه فيه المطالبين القوات الامنية و في هذه المرحلة التي كنا نتحدث عن سياقاتها !؟
ـــ أي إصلاح هذا الذي يرى بإن إرعاب السلطات هو السبيل لتحقيق مطالبه !؟
ـــ أي إصلاح هذا الذي يقدم للعالم الدولة العراقية ، و هي في كل مرة تقتحم مؤسساتها العليا و يعبث بمحتوياتها !؟
اقتحام و احتلال المؤسسات العليا مؤكدا هي رسائل سياسية ، يعرف فحواها أطرافها فقط ، أما رجال الأمن و المتظاهرين فلهم معرفة و نتائج مختلفة عنها ، و هذا لعب فيه من الخطورة ما يجعل وجود هذه الدولة معرض الى أكبر انواع الخطر ، على الجميع أن يدرك إن بقاية الدولة العراقية بسبب هذه الاساليب تتعرض الى الزوال ، و بعدها لا سامح الله الذهاب الى المجهول ، و تمثلاته قاسية و هي ( الحرب الاهلية ) . 

أحدث المقالات