17 نوفمبر، 2024 6:43 م
Search
Close this search box.

وِليـَـةُ غُمّـان أو المَنفَضَةُ بدرجةِ 7000 بَهَهَيْهايت!

وِليـَـةُ غُمّـان أو المَنفَضَةُ بدرجةِ 7000 بَهَهَيْهايت!

7000 بههيهايت
على ذمَّةِ خبراءِ الاِخصاءِ[1]
يفوقُ تعدادُ سكّانِ العراقِ اليومَ ثلاثينَ مليون نَسَمَة
يفترشُ خمسون مليوناً منهم المنافيَ وقصاعَ المُحسنين
تسعون مليوناَ ماتوا من شدَّةِ الفرفحة
خمسةٌ وسبعونَ مليوناَ مصابون بداءِ الونّه الانتقالي
خمسونَ مليوناً يتابعون المسلسلَ العراقي اليومي توم و جيري
وثلاثمائة مليوناً بلغتْ عندهم النرفزةُ أعلى من 500 درجة بههيهايت[2]

هؤلاءِ الثلاثمائةُ مليونَ عراقياً بكلِّ عددِهم وعُدَتِهم
مُنرفِزونَ ومُستنفرون ومُسنفِرون بلا حدودٍ
لم تنفعْ معهم حبوبُ الهلوسَةِ
ولا أولُ صلاةِ التراويحِ
ولا ثاني مخلوطِ الفياغرا
ولا سابعُ كراماتِ السيدِ مرادِ علمدار [3]

إنهم يحثّون الخُطى بمسيرة مليونية راجلة
والشررُ يتقادحُ من أعينِهم
كلٌّ منهم يُزنِّرُ خصرَهُ وأكتافَهُ بدزينةٍ من الأسلحةِ الفتّاكةِ:
سبعةُ أحزمةِ حْريشي[4] مستوردٍ خصّيصاً
وأربعةُ مخازنَ قزّالقرت[5] خارقٍ حارقٍ
وتسعُ عبواتِ زقنبوط[6] سريعةِ الانفجارِ
ومُفَخخاتُ طْرْكَاعهْ[7] كاتمَةِ الصوتِ

كلٌّ منهم عابسٌ ولا يقطعُ وجهَهُ المنشارُ
يَسْيمّون و يَمْيسّون [8] مُسنفرين في طريقِهم الى المريخِ،
ومنهُ إلى فضاءاتِ الكونِ المتراميةِ
يمرّون خفافاً كأنّما تحملُهم الريحُ
أو خيولٌ براقيةٌ تجري بهم على ايقاعِ اليسيم
ومهوّسُهم يرفسُ بكعبهِ كتفَ الثُريا زهواً
ومُهلهلتُهم بلغتْ لعلعةُ لسانِها تخومَ الكونِ البعيدةِ

ثلاثمائةُ مليونَ عراقياً في طريقِهم الى المَحْقَقَةِ
لابدَّ من أن يعرفوا الآنَ، وقبلَ بزوغِ فجرِ اليومِ التالي:
مَن هيَ أمُّ النملةِ التي وبَّختْ سليمانَ بنَ داوود
ومَن هوَ أبو الهدهدِ الذي عصى أوامرَ سليمانَ بن داوود
ولماذا كشفتْ بلقيسُ عن ساقيها في قصرِ سليمانَ بن داوود
وما هو مصيرُ العصا التي كانَ يتكأ عليها سليمانُ بن داوود

لن يهدأَ بالُ ثلاثمائة مليون عراقياً مُسنفِراً، ولن يقرَّ لهم قرارٌ
حتى يتمَ انجازُ المهمّةِ الآنَ وعلى الفورِ،
في المريخِ أو أقصى أصقاعِ مجرةِ دربِ الذُبّانةِ![9]
وحتى لو بلغَ مستوى النرفزةِ 7000 درجةَ بههيهايت!
   
 مَنفَضَــةُ سَجائر …حتى يثبتَ العكسَ
عزيزي المواطنُ، عزيزتي المواطنةُ
طُوبى لكَ، وطُوبى لكِ أنتِ أيضاً
وفقاً لدستورِ البلادِ النائمِ،
فنحنُ مجردَ منافضَ سجائر
يستخدمُنا الساسةُ لرمي أعقابِ سجائرِهم وبصاقِهم
وتدونُ الدولةُ أسماءَنا في سجلاتِها الرسميَّةِ
على أساسِ جهةِ المنشأِ ونوعِ الماركةِ ورقمِ تسلسلِ الإنتاجِ

ذاتَ يومٍ،
حلمتْ منفضةٌ منا أنَّها ليستْ منفضةَ سجائر،
وإنما شجرةٌ وارفةٌ
شجرةٌ في بستانٍ مترامي الأطراف
البستانُ يمرُّ بوسطِهِ  نهرٌ
فوقَ النهرِ جسرٌ
على الجسرِ يمرُّ أناسٌ كثيرون
وعيونُ كلِّ المارِّة ترنو إلى تلكَ الشجرةِ
وتحلِّقُ نظراتُهم إليها كطيورٍ تأوي إلى أعشاشِها

انتشرَ ذلكَ الحلمُ سريعاً بين منافضِ السجائرِ
وأخذتْ كلُّ منفضةٍ تروي الحلمَ وتزيدُ قليلاً
حتّى وصلَتِ الوشايةُ آذانَ السُلطاتِ
فبادرتْ، بليلةٍ غابَ عنها القمرُ،
الى قطعِ الشجرةِ
ونسفِ الجسرِ
وتدميرِ البستانِ

لا تريدُ الحكومةُ أن يتوقفَ إنتاج منافضِ السجائرِ
كيفَ يمكنُ تصّورُ الحياةِ
دونَ منافضَ سجائرَ محليَّةِ الصُنع!
ما الذي يمكنُ أن يفعلَهُ السياسيُّ لترويجِ بصاقَهُ؟
ما الذي يمكنُ أن تفعلَهُ الحكومَةُ لتشغلَ يومَها؟
لا بدَّ من وجودِ هذهِ المنافضِ على الدوامِ
حتى تستمرَّ حياةُ السياسيِّ وعملُ الحكومةِ
لذلكَ وردَ اسمُنا في صدارةِ الدستورِ الثابتِ للبلادِ:
“باسمِ المنافضِ محليِّةِ الصُنعِ”
هكذا كرَّمونا بالبسمَلَةِ
ورصّعونا بطلاسمِ اللاهوت

نحنُ منافضُ سجائرَ؛ ليس الا 
مَنْفَضونا كما يشاءون
مَنْفَضونا في الدستور
وفي مراسلاتِ الحكومةِ
وفي برامجِ السياسيين والقتلةِ
ودعاياتِ النوّاب والانتهازيين
في مواعيدِ اجتماعاتِ اللّصوصِ
وعندَ صياحِ ديكِ المُغتاظةِ
وقبلَ الأكلِ بثلاثةِ تفجيراتٍ
وبعدَ التعزيةِ بسبعةِ أكاذيب ساطعة

يستطيعُ كلُّ مَنْ أرادَ مَنفَضَتَنا أن يفعلَ ذلك
يستطيعُ ان يُمَنفِضَنا على هواه
فلسنا سوى منافضَ
هذه هويتُنا الرسميةُ، وهكذا سنظلُّ، حتى نثبتَ عكسَ ذلكَ
ولكي يحدثُ ذلكَ،
لابدّ من تعميرِ البستانَ الذي دمَّرَتهُ الحكومةُ
وإعادةِ زرعِ الشجرةِ التي قطعَها اللصوصُ
وتشييدِ الجسرِ الذي نسفهُ الساسةُ!
لنخرجَ من شرنقةِ السياسيِّ وحكومتِه:
وننزع عنا:
جهةَ المنشأِ ونوعَ الماركةِ ورقمَ تسلسلِ الإنتاجِ!

وليــــةُ غُمّــــان
نحنُ بحاجةٍ الى فيلقٍ كاملٍ من الجرّافاتِ
جرّافاتٌ هادرةٌ خرجتْ للتوِّ من مرجلِ الغضبِ
بأُمرةِ السيدةِ أمِّ عامرٍ [10] الباسلةِ
لتجرفَ جبلَ الغُماميَّةِ،
الذي يجثمُ بكوابيسِهِ الثقيلَةِ على صدورِ الناسِ

السيدةُ أمُّ عامرٍ خبيرةُ أحزانٍ مزمنةٍ
وهي تعرفُ جيداً من أينَ تؤتى الغُماميّةُ
هي كفيلةٌ بدكِّ صروحِها، الواحد تلو الآخر

أمُّ عامرٍ التي، بدلاً من أن يُطعِموها،
وضعوا في يدِها مايكروفوناً لتتحدثَ عن جوعِها
على الهواءِ مباشرةً
وبدلاً من أن يستروا فاقتَها،
طلبوا منها أن تكشفَ سوءاتِهم
“جا هيه ولية غمّان؟
ملينه، عمي ملينه!”

تبتسمُ أمُّ عامرِ، وهي تصفعُ صفاقةَ وجهِ العالم
“وليةُ غمّان”
يقهقهُ السياسيُّ بغماميةٍ منقطعةٍ النظيرِ
وهو يتباهى أمامَ امرأته فاتلاً شاربيه:
لا شُكرَ على واجبٍ!
وتنتفخُ أوداجُ الحكومةِ خيلاءً وغروراً:
نحنُ بخدمةِ المواطنِ!
 
مرحى، وألفُ مرحى لهذهِ السيدةِ النبيلةِ
لنمنحْها فرصةَ قيادةِ أفواهِنا
لتُدَرِبَ ألسنتَنا التي أدمنتِ البلاهةَ على النطقِ
لتحرضّ أكداسَ التبنِ على الاشتعالِ
ومنافضَ السجائرِ على التمردِ
والمسنفرينَ في الفضاءِ على تغييرِ اتجاهِ البحثِ

بإمكانِ هذهِ السيدةِ
أن تجعلَ منا أطفالاً
لا يترددون عن قولِ الحقيقةِ
حين يرونَ الإمبراطور عارياَ [11]
ولا تسترُ عورتَهُ أيةُ مسبحة!
———————-
1- ليس هناك خطأ مطبعي
2- بههيهايت وكههيهايت هما وحدتا قياس افتراضية لقياس مستوى التغييرات التي تطرأ على المزاج العراقي –حصريا- صعودا وهبوطا.  درجات البههيهايت تمثل تغير المزاج في حالة النكوص القهري “النرفزة”، بينما يؤشر مستوى الكههيهايت الى ارتفاع الجذل “الفرفحة”. ولتبسيط المصطلح: حين يكون العراقي متذمراً يهز يديه قائلا: بههي! وحين يكون جذلا يقول: كههي. وحين يكون مضطرب المزاج يقول: بههي كههي!(2012 حقوق الطبع والاستخدام والاقتباس محفوظة للمؤلف!)
3- احدى شخصيات المسلسل التركي “وادي الذئاب”.
4- من المفردات الشعبية شائعة التداول في وسط وجنوب العراق.
5- تركية معناها (دود احمر يدخل بين الجلد والعظام الى ان يموت الشخص الذي هاجمه الدود).
6- تركية، على الأرجح، معناها نار جهنم
7- من المفردات الشعبية شائعة التداول في وسط وجنوب العراق.
8- اشارة الى الايعاز العسكري: يس، يم
9- التسمية العامية العراقية للذبابة
10- سيدة عراقية استضافتها احدى القنوات الفضائية العراقية للتحدث عن معاناتها ومعاناة عائلتها، فأحدثت انتقاداتها وسخريتها المبطنة للسلطات موجة هائلة من القبول والاستحسان الشعبي، وكانت بمثابة ناطق رسمي باسم معاناة الناس. وقد صارت مقولتها “ولية غمان” على كل لسان.
11- إشارة الى قصة “ملابس الامبراطور” الشائعة.
[email protected]

أحدث المقالات