18 نوفمبر، 2024 1:03 ص
Search
Close this search box.

وَهْمٌ كبير أسمه : قرآن واحد !!

وَهْمٌ كبير أسمه : قرآن واحد !!

هناك أعتقاد متوارث خاطيء ، ووهم شائع لدى الغالبية العظمى من أخوتي المسلمين ، الا وهو ان الديانة الاسلامية هي الأفضل بين ديانات العالم لعدة اسباب أهمها وأولها هو :

أن للمسلمين كتاب رئيسي مقدس واحد يسمى ( القرآن ) ولا خلاف عليه ، وهو يتضمن النص الحرفي لكلام الله مع البشر ، اي ان ( القرآن ) هو نص الرسالة الحرفية والتي لا يمكن تغييرها او التلاعب بها والتي ارسلها الله شفويا وبطريقة سرية الى الرسول محمد قبل اكثر من اربعة عشر قرنا ونصف القرن ، وهذا ما لا تجده في اي ديانة أخرى ، ويعتقد المسلمون خاطئين وواهمين ان هذا الكتاب مع أحاديث السيرة النبوية يُمثل شريعة الله الواضحة التي يجب على البشر الالتزام بها وتطبيقها وصولا الى العدل بين البشر ، والاهم من كل شيء الوصول الى رضى الله ونيل الجنة بعد الموت ، تلك الجنة المليئة ببيوت الذهب والفضة والمليئة بشتى انواع المأكولات الطيبة والماء الصالح للشرب (الذي كانت صحراء السعودية تفتقده ) ، مع ما لا نهاية من نساء جميلات وغلمان صغار ووسيمين ولا يكبرون بالعمر ولا ينزفون للتمتع معهم جنسيا دون قيود العَدَد !!

لا اريد بداية مناقشة موضوع ان الرسول ( محمد ) توفى دون ان يكون هناك كتاب جُمِعتْ فيه كل الآيات القرآنية التي أدّعى محمد انها تُرسل اليه سرا من الله ، وكيف ان محمد كان يستكفي بأن يَحْفظ ويُردد المسلمون تلك الآيات القرآنية ، لاسيما ان الكثير من الآيات كانت تخدم شرعية كل عمل كان يقوم به الرسول، مما يعنى ان اهتمام الرسول محمد بتلك الآيات كان بالاساس تأكيدا مباشرا لقيادته وترأسه لاولئك المسلمون في وقتها ، وتَذْكر المصادر الاسلامية ان الخليفة الثالث عثمان بن عفان ( الذي كان قد زوّج ابنته الى محمد طمعا في السلطة ، والذي تولى فعلا حكم المسلمين بعد مقتل خليفتين آخرين بسبب صراع متواصل على كرسي السلطة بعد وفاة محمد ) هو الذي قام بجمع وكتابة الايات القرآنية من أجل توحيدها بكتاب واحد يطلق عليه القرآن ، وهنا ظهرت ( ما لا نهاية ) من المعرقلات الكبيرة التي لا حصر لها ، حيث ظَهَرَ المئات من المسلمين حينها ممن يدّعون حفظهم لآيات قرآنية لم يعترف عثمان بصحتها لانها كانت تتعارض مع منهجه في الحكم ، وفعلا قام عثمان بن عفان بحرق أكثر من خمس نُسَخ مختلفة من ما جُمِع من آيات قرآنية لتكون بشكل ( قرآن ) مُدّعيا بأن تلك النُسَخ المختلفة من القرآن غير صحيحة ، وفوق كل هذا فأن هذه النسخة الوحيدة التي أعترف بها عثمان فُقِدَت بعد موته مقتولا ، بسبب صراع المسلمين على مدى صحة الايات في تلك النسخة من القرآن والتي سُمّيت حينها بـ ( قرآن عثمان بن عفان ) ، وتوالى الخلفاء المسلمون فيما بعد في كتابة ( قرآن ) جديد واحاديث وسيرة نبوية جديدة في فترة الخلافة الاموية في دمشق و قرآنا آخر وسيرة نبوية جديدة في فترة الخلافة العباسية في بغداد ، حيث كان كل خليفة يتبنى احاديث سيرة نبوية و( قرآن ) جديد يحوي آيات قرآنية لا تتعارض مع منهجه في الحكم ، الى ان تم بعد مرون مئات السنين وضْعْ الصيغة المتداولة حاليا من ( القرآن ) اثناء فترة حكم الخلافة العثمانية في تركيا ، علما ان كل خليفة يكتب ( قرآنا ) جديدا كان يدعى بأن قرآنه هو الصحيح لأن ( الله ) يقول في أحدى آيات هذا القرآن ، بانه أي ( الله ) أنزل هذا القرآن وهو يحافظ عليه ( وأنا له لحافظون ) !!

نُذَكّر بان اللغة العربية كانت قبل 1400 عاما لغة ( لفظ وكلام ) فقط ولم تكن لغة مكتملة في اصول حروف الكتابة ، فحروف اللغة العربية التي كُتِبَتْ بها تلك الآيات القرآنية في نُسَخ ( قرآن ) كل فترة كانت أحرف غير مكتملة النضوج كتابيا ، حيث لم تكن أحرف اللغة العربية تَحْمل التنقيط ولا علامات التحريك من فتحة وضمة وكسرة ، مما يجعل قراءة او كتابة كلمات الآيات القرآنية أمرا صعبا ويحتمل التأويل الى مئات بل وآلاف المعاني المتناقضة فى الجملة الواحدة ، فمثلا وليس حصرا ، فان حرف ( الباء ) حاليا ، كان يُكتب بدون نقطة في الاسفل ، وهذا يعني انه من الممكن ان يُقْرأ هذا الحرف على انه حرف ( ياء ) او انه حرف ( نون ) او انه حرف ( تاء ) او انه حرف ( همزة مكسورة ) ، اضافة الى وجود خيارات اخرى للفظ كل حرف واحد حسب اختيار نوع علامة تحريك او لفظ الحرف ، حيث يختلف معنى الكلمة في الجملة حسب نوع تحريك كل حرف داخل كل كلمة في الجملة ، فمثلا وليس حصرا ، فان حرف ( الباء ) في الكلمة قد يكون مُحَرّكا بالفتح او الكسر او الضم ، وعند تحريك كل حرف من احرف الكلمة فان تلك الكلمة ستعطي معنا مغايرا للجملة ، مما يعني ظهور آلاف أخرى من المعاني لمعنى الجملة الواحدة في كل آية قرآنية واحدة ، وبالنتيجة سيكون لدينا ( مليارات ) لا حصر لها من نسخ القرن المختلفة فيما لو تم الأخذ بالأحتمالات المختلفة لقراءة ولفظ حروف كل كلمة في ايات القرآن !! ومثل هذا الواقع يلغي تماما ما يظنه المسلمون بأن لديهم كتابا مرسلا من الله فيه نصوص لا تتغيير ، فالمسألة واضحة جدا ، فنحن ورثنا اوراقا مكتوبة حروف كلماتها بلا تنقيط وبلا تحريك ، ولا يمكن حسم مثل هذا الموضوع الا لو كان الله ارسل اوراقا مكتوبة بحروف لغة كاملة لا تحتاج من الانسان التدخل من اجل اختيار وضع الحرف الصحيح في شكله المناسب داخل الكلمة ، او ان الله كان ارسل تسجيلا صوتيا بصوت احد الملائكة او بصوت الرسول ، وحينها فقط بأمكاننا القول بأن لدينا النص الكامل والصحيح لكلام الله ، وبدون ذلك فنحن امام فرصة وجود ( مليارات من نسخ القرآن المختلفة والتي لا يمكن الاعتماد على صحة احدها بعد أستنادنا على وسيلة ( قيل ) و( قال ) ، والا ما فائدة القرآن بأعتباره نصا مرسلا من الله !!

ومثلا وليس حصرا نُذَكّر بالعديد من الايات القرآنية التي حاول الباحثون اللغويون تغيير تنقيط الحروف بها ولينتج منها جُمَلا مقبولة المعنى ومتناسقة مع الجمل السابقة والتالية لها في حين تُقْرأ هذه الآيات حاليا وهي تعطي معنا غريبا غير متناسق مع الايات السابقة واللحقة لها ، اضافة الى تَوَصّل الباحثون اللغويون الى معرفة ايات كثيرة اخرى لا يظهر لها الآن معنى متناسق داخل الاية الواحدة اضافة الى عدم وجود تناسق مع الآيات السابقة واللاحقة الا حين لَفْظْ وتحريك حروف بعض كلمات الآية بشكل آخر بحيث يؤدي بتلك الكلمات لئن تصبح كلمات سريانية وليست عربية ولتؤدي المعنى المنطقي المتناسق مع معاني بقية كلمات الآية القرآنية والمتناسق مع الايات الاخرى المحيطة بها ، علما ان الراهب المسيحي الكلداني ( السرياني ) ورقة بن نوفل ، وهو ابن عمة زوجة محمد المسيحية حسب ما تذكره المصادر الاسلامية ، كان هو من يُمْلي على محمد الكثير من الآيات القرآنية ، ويحوي القرآن الحالي فعلا العشرات من الكلمات السريانية والفارسية ، كما ان كلمة ( القرآن ) نفسها هي كلمة سريانية وترجمتها العربية هي كلمة ( قراءة ) !!

بعد وفاة هذا الراهب ورقة بن نوفل ادّعى محمد ان ( الله ) تَوَقَف ( ربما بسبب اجازة مرضية ! ) عن ارسال المزيد من الآيات القرآنية اليه ، واستمر ذلك زهاء ثلاث سنوات الى ان استطاع محمد من العثور والاتفاق مع راهب سرياني آخر يُدْعى ( بحيرة ) ، وحينها عاود محمد استلام الآيات القرآنية سرا من الله حسب ادعائه ، وتَعَرّضَ هذا الراهب الأخير الى القتل فيما بعد ، ولا تَذْكر المصادر الاسلامية سَبَبَ مقتل الراهب بحيرة ، بينما تَذْكر مصادر تاريخية مستقلة ان مَقْتل الراهب بحيرة جاء بسبب خلاف كبير بينه وبين محمد على تقاسم حصص الاموال التي كان يحصل عليها محمد خلال مهنته كزعيم ديني وسياسي او رسول من الله حسب ادعائه .

ان أحتمال وجود ( مليارات غير متناهية العدد ) من نسخ ( القرآن ) المختلفة عن نسخة ( قرآن ) الخلافة العثمانية الحالي يَنْسف من الاساس اعتقاد المسلمين بأفضلية الدين الاسلامي عن بقية الاديان بسبب وجود نص رسالة الى البشر مكتوبة بشكل واضح من قِبَل ( الله ) بصيغة نسخة ( قرآن ) واحد !!

أننا لو تجاهلنا جدلا كل ما ذكرناه من امور هامة تَنْسف اعتقاد وجود ( قرآن واحد ) ، رغم ان ذلك لا يمكن تجاهله مطلقا ، نقول لو تجاهلنا كل ذلك وافترضنا جدلا بأن نسخة ( قرآن ) الخلافة العثمانية الحالي والموجود بين ايدينا كمسلمين هو فعلا يتضمن النص الكامل والحقيقي للآيات القرآنية التي ارسلها الله سرا الى رسوله محمد ، فأن ذلك ايضا لا ولن يعنى ابدا صحة كون آيات او جمل هذا الكتاب بنسخته العثمانية الحالية والمسمى لدى المسلمين بـ ( القرآن ) هي جُمَل مُرسلة من الله وتتضمن شريعته المرسلة سرا الى محمد ، للاسباب المنطقية الرئيسية التالية :

اولا : جدلا ، نقول : لو حاول اي انسان يتقن اللغة العربية اتقانا بارعا قراءة نسخة كتاب ( القرآن ) العثماني الحالي ، دون ان يكون مُطّلعا على الاحاديث والاحكام والاركان والتفسيرات المهمة جدا لاصول الديانة الاسلامية السائدة بانواعها المختلفة بين السنة والشيعة من المسلمين ، فان هذا الانسان سوف لا ولن يتمكن من فهم او معرفة معظم الاركان والاحكام الألاهية الهامة والمفترض وجودها بصورة واضحة في كتاب ( القرآن ) ، رغم ان القرآن مكتوب ( بلسان عربي مُبين ) كما يقول القرآن عن نفسه في احدى اياته .

الاسلام كـ ( دين ) مُمَثلا بكتاب ( القرآن ) العثماني الحالي لا يُمْكن ولن يُمْكن فَهْمه ابدا لولا لجوء القاريء الى وسيلة بائسة تسمى وسيلة الـ ( قيل ) والـ ( قال ) في احاديث السيرة النبوية وفي الاحاديث المنقولة بالقيل والقال وفي تفسير آيات القرآن التي تستند الى القيل والقال ايضا !!

فأي نَصْ شريعة مرسلة حرفيا من الله هذه اذا كانت لا تُفْهَم دون أحاديث وسيرة ( قيل ) عن فلان ، و( قال ) فلان !! واختلف فلان مع فلان ضد فلان وفلان !ّ!

وهل الله عاجز عن قول ما يريده في ( كتاب واحد ) ليُفْهَم كلامه في كل وقت وزمان ، دون حاجة البشر الى اللجوء الى سيرة وأحاديث وتفسيرات بشر تستند الى كلام ( قيل وقال ) !!

بل ما فائدة كلام الله المباشر اصلا اذا كان ذلك الكلام المباشر لا يُفْهم الا بوسيلة القيل والقال !

نعم ، ما هي فائدة وجود ( كتاب ) يتضمن النص الحرفي لكلام الله ، اذا كان هذا الكلام لا يُفْهَم الا حين اللجوء الى وسيلة مئات الكُتُب من مؤلفات البشر في : قال فلان نقلا عن فلان وفلان وفلان وفلان الذي عاش ومات قبل مئات السنين ؟

ان اسلوب لـ ( قال ) والـ ( قيل ) وما يتضمنه من صحة قول هذا وضعف قول ذاك يقود بالنتيجة الى ما لا نهاية من الاحكام والتأويلات المتناقضة تماما بشكل ينسف مسألة وجود كلام مباشر من الله يتم الاحتكام والالتزام به ، وهذا ما يجعل المسلمين هم اصحاب اسوء ديانة في العالم دائما ، حيث انهم اسوء شعوب العالم منحا لحقوق الانسان المسلم فيها ، كما انهم أكثر شعوب العالم في تواصل خُلّوها يوما بعد آخر من كافة ذوي الأديان الاخري فيها ، اضافة الى قيام المجتمعات الاسلامية بين حين وآخر بأنشاء المنظمات الارهابية لقتل بقية سكان الارض من الاديان المختلفة تطبيقا حرفيا لتفسيرات ونصوص الآيات القرآنية والسيرة النبوية حسب ما وَرَدَت في احاديث وسيرة قال فلان نقلا عن قول فلان ، حيث لا يمكن فهم وتطبيق القرآن ابدا دون استخدام وسيلة ( القيل والقال ) البدائية !!

نقول : اذا كان نَصْ كلام الله المباشر ( القرآن ) متناقضا ولا يمكن فهمه دون اللجوء الى احاديث القيل والقال في السيرة النبوية المتناقضة والمتضاربة ، تلك الاحاديث المنقولة عن بشر ماتوا قبل مئات السنين ، فما هي فائدة هذا القرآن الذي بأمكاننا الان كتابته بمليارات الاشكال من الكلمات !! ثم كيف يقول الله ان كلامه مكتوب بلسان واضح ومبين ولا لبس فيه ؟!

هل يكذب الله علينا ، ام ان الأصح ان محمدا كَذّبَ علينا وادعى ان هذا الكلام يرسله الله اليه سرا دون وجود ولو شاهد واحد !!

من جانب آخر ، نقول ان الذي يقرأ آيات او جمل القرآن سيجد مثلا وليس حصرا ، آية يقول الله فيها ان كل انسان حر في اختيار دينه ، وفي آية أخرى يقول نفس هذا ( الله ) بأن على المسلمين قَتْل كل من لا يؤمن بدين الاسلام ، وفي اية أخرى مثلا وليس حصرا يقول الله بأن على المسلمين الاعتداء على الآخرين بمثل ما يتم الاعتداء عليهم ، بينما يقول نفس هذا ( الله ) في اية اخرى بأن على المسلمين قتل كل انسان كافر في كل زمان وفي كل مكان ، وفي أية اخرى يقول الله مثلا وليس حصرا بان الصيام ليس اجباريا ، ويقول نفس الله في اية اخرى بانه يجب الصيام ، وغير ذلك من آلاف التناقضات في المواقف والاحكام ، وكل ذلك لا يُفْهَم الا حين لجوءنا الى وسيلة لـ ( قيل ) والـ ( قال ) لمعرفة وقت ونوع وتفاصيل الحدث الذي يخص الآية القرآنية ، وهذا ما لا يمكننا الحصول عليه الا باللجوء الى وسيلة القيل والقال عن فلان وفلان ، ولذا من الطبيعي والمنطقي ان تظهر آلاف التناقضات والاختلافات الأخرى بين آراء ومواقف هؤلاء الذين ( قالوا ويقولون قبل مئات السنين ) وحسب صحة او دقة او عدم دقة ما نُقِل عنهم خلال مئات من السنين المتعاقبة وما تتطلبه مصالح القائلين والناقلين لقول القائلين !!

نقول : اذا كان القرآن الذي هو من المُفْترض ان يكون نصا حرفيا لكلام الله تم الاختلاف على نص آياته بعد أيام معدودة فقط من وفاة محمد !! فكيف لا نتوقع ان نجد في كتب واحاديث السيرة النبوية والفقه والتفسير الاف التناقضات والاختلافات المبْنية استنادا على وسيلة القيل والقال لاناس ماتوا قبل مئات من السنين !!

الا ينسف وَضْعْ عدم التمكن من فهم الكثير والكثير من الاحكام الدينية الرئيسية المتناقضة ولاسيما تلك التي تَخُصّ سلامة وأمن وحياة البشر الآخرين المحيطين بالمسلمين منطق الاحتكام الى ( القرآن ) في ظل الاختلافات والتناقضات الكبيرة والخطيرة المتوقعة والموجودة فعلا في آراء وأحكام الناقلين عن فلان وفلان وفلان مِمْن ماتوا قبل مئات السنين !!

فأين هو كلام الله اذن ؟ بل ما فائدة القرآن اصلا اذا كان مبهما ومتناقضا الى تلك الدرجة التي لا يمكن الاستفادة من احكامه الا بالرجوع الى قال فلان نقلا عن فلان ونقلا عن فلان الذي ينقل من فلان الذي بدوره ينقل عن فلان الذي مات قبل مئات السنين !!

ثم من يضمن لنا صحة ما ينقله فلان من فلان ومن فلان ومن فلان ومن فلان ؟؟ أليس ( القرآن ) مُفْترضُ وجوده لكي يُزيل التباس واحتمال عدم صحة نَقْل فلان عن فلان ، ام ان الله عاجز عن التحدث بصورة واضحة وليكون كلامه مفهوما في كل زمان ؟

البشر بضعفه وامكانته التي لا تُقارن بمدى قدرات الله ، قادر على كتابة كتاب في اي مجال كان بحيث يكون مفهوما لكل انسان وفي اي وقت كان !! فهل ذلك هو أمر صَعْب على الله ؟

أم ان الصواب هو ان ما يسمى ( القرآن ) ما هو الا جُمَل متفرقة الّفها محمد لمعالجة المواقف المعينة لاحداث حياته اليومية مُدّعيا انها تُمثّل كلام الله ، بينما لم ينجح في الانتباه الى ضرورة ان يَدْرج نوع وتفاصيل الحدث ووقت حدوثه ضمن مضمون ما ادّعاه انه آيات قرآنية لكي يكون مفهوما ما القصد من ( كلام الله ) حول تلك الاحداث خلال (وقت وتاريخ حدوثها المحدد ) ، وحين ذاك فقط سنعرف ونفهم القصد او الحكم او الشريعة التي تتضمنها كل آية ، بَدَل ان يضطرنا الله الى وجوب الرجوع الى القيل والقال نقلا عن فلان ونقلا عن فلان قبل مئات السنين ..

القرآن بصيغته الحالية مَثَله مَثَل مُذكرات كاتب بشري كَتَبَ مذكراته دون ان يكتب فيها وقت او مكان او نوع الحدث الذي اضطره لكابتة مذكراته حولها ، مما يجعل مثل هذه المذكرات ضربا من الهراء غير صالح للنشر ابدا لان مثل هذه المُذَكرات لا تدل ولا تفيد القاريء بشيء !!

اننا كمسلمون حين نستمر بالاعتقاد باننا لدينا كتاب مقدس واحد يُمْكننا الاحتكام اليه في كل تفاصيل حياتنا وعلاقتنا مع الآخرين من البشر يعنى اننا مِثْل الذي يغمض عينيه ويكشف جسمه العاري معتقدا ان لا احد يراه !!

فنحن بقرآننا العثماني الحالي لدينا ( مليارات ) من الكتب الدينية المقدسة المتناقضة مع بعضها ، وهذا يعني اننا أسوء ديانة عرفها التاريخ البشري نظرا للاعداد اللامتناهية من الكتب الدينية المتناقضة التي نظن انها جميعا مرسلة من الله الينا ، ونظرا لما تحويه هذه النسخ من تجاوزات على الحقوق الانسانية للانسان المسلم حسب منطق عصرنا الحالي بصدد حقوق الانسان ، ولما تحويه ايضا من تجاوزات ارهابية على حقوق بقية البشر من غير المسلمين !!

ثانيا : الذي يقرأ القرآن ، والذي يسمى خطأ بأنه ( كتاب ) ، سيجد بأنه سوف لن يعرف مثلا كيف واين ومتى نزل الوحي على محمد ، وسوف لا يعرف الكثير والكثير من القضايا الدينية المهمة مثلا :

من هو ( عدو الله ) الذي يجب على المسلمين ارهابه وقتله ؟

هل ان عدو الله هو كل مسلم لا يَتْبع ( البخاري ) او ( صحيح مسلم ) كما تُؤمن به منظمة القاعدة او داعش الارهابية ونحن في القرن الحادي والعشرين مثلا ، ام ان عدو الله هو ( جماعة السنة ) ، ام هو ( الشيعة ) ، ام هو كل انسان ينتمي الى دين آخر ولا يؤمن بمحمد ، ام هو كل انسان كافر او ملحد لا يؤمن بوجود الله ؟ ام ماذا ؟

كل انسان يقرأ القران سوف لا يعرف عن معركة بدر او معركة أحُد ، وغيرها كثير من الاحداث الهامة في حياة محمد والتي نزلت بها آيات قرآنية لا يمكن فهمها او تفسيرها الآن دون الرجوع الى تفاصيل تلك الاحداث واشخاصها واوقاتها .

وكل هذا لا نعرفه من القرآن الا عند رجوعنا الى ( قال ) فلان نقلا عن ( فلان ) بكل تناقضات وتعاكسات ( القيل والقال ) !!

ما هي الحدود ، وكيف ومن اي منطقة تقطع يد الساق ؟ وكيف وبأي شدة واسلوب يتم الجلد ؟ وكيف يتم اثبات الزنى باربع شهدود ، فهل ان ذلك يتطلب حضور اربعة رجال او رجلين واربعة نساء لمشاهدة عملية جنسية غير شرعية امام اعينهم ليتم اثبات الزنى ؟ وماذا لو تم اثبات الزنى دون وجود اي شاهد عدى الفحص والتحليل الطبي العلمي بالاجهزة العلمية الحديثة مثلا ؟

لم يَذْكر القرآن أي شيء عن ختان الذكور والاناث ، ولم يذكر القرآن شيئا عن عيد الفطر او عيد الاضحى ولا عن صلاة العيد ولا صلاة الاستسقاء ولا صلاة الجنازة ولا صلاة الكسوف ولا عذاب القبر ، ولا عن الأذان ولا عن الوضوء وكيف يتم ، كما لم يذكر القرآن شيئا عن ما يجب على المسلم قرأته من القرآن اثناء الصلوات اليومية وكم هي عدد السَجّدات مثلا ، واختلف القرآن نفسه في تحديد عدد فترات او مرات اداء الصلاة اثناء اليوم الواحد ، كما لن تجد في القرآن اي شيء يُذْكر عن عدد الطواف اثناء الحج ولن تجد شيئا عن رمي الجمرات ولا عن لباس الاحرام ولا عن الحجر الاسود ، ولن تجد في القرآن شيئا عن مقدار الزكاة ومتعلقاتها ، ولن تجد في القرآن مقدار ( الجزية ) التي يجب فرضها على ذوي الاديان الاخرى ، كما لن تجد في القرآن شيئا يفيد لمعرفة من هم ( الصحابة ) ، وهل ان الصحابة عدول ، ولن تجد في القرآن ان هناك من الصحابة من هم سيحفظون جميع الايات القرآنية من بدايتها لنهايتها ، بل ان القرآن لم يُحدد عدد آياته اصلا ، كما انك لن تجد في القرآن مصطلح ( اركان الاسلام ) مما ادى الى اختلاف المسلمين في تحديد عدد اركان الاسلام كدين ،

الذي يقرأ القرآن سوف لن يَجِد اسم ( آمنة بنت وهب ) مثلا ، ولن يجد اسم ابو سفيان مثلا ، وسوف لن يَعْرفَ من هو ( زيد ) الذي ورد اسمه في آية قرآنية مهمة جدا ، فهل يُقْصَد به ( زيد ) كرمز لاي انسان مثلا ، حيث جرت العرب على تسمية ( زيد ) كرمز لاي انسان حين التحدث في الامثال ، ام ان القرآن يقصد انسانا محددا ، فمن هو هذا الانسان ؟ ولماذا لم يوضح القرآن ذلك ليتسنى لنا فهم الموضوع الهام الذي تتناوله الآية القرآنية ، هل ان الله يريد بنا الاضطرار الى الانجراف الى الطريق الذي ينسف دور القرآن في كونه كلام الله الواضح المبين وليضطرنا ذلك الله الى سماع اقول قد تكون كاذبة او محرفة كونها تستند الى وسيلة قال فلان نقلا عن فلان الذي سمع من فلان !!

ثم من هو ابو لهب ؟ ومن هي زوجته حمالة الحطب ؟ لا نعرف ذلك ابدا الا اذا اضطررنا الى اللجوء الى طريق الالغام المسمى قال فلان نقلا عن فلان قبل مئات السنين ، ومن يضمن لنا ان فلان نقل فعلا ما قاله فلا ن ؟ وبعد ، فما الذي عمله القرآن لنا ؟

معروف في اللغة العربية وربما في كل لغات العالم بانك حينما تُجيز لاحد اخذ شيئا ما ، فانك تقول له : خذ واحدا او اثنين او ثلاثة او اربعة او ما مَلَكت ايْمانك اي خُذْ ما تستطيع اخذه ، وهذا يعني ان الاية التي تخص عدد النساء المسموح للرجل المسلم نكحها هو عَدَد غير محصور ، وهذا ما فعله محمد فعلا ، ولا غرابة في ذلك فهو قدوة المسلمين في تطبيق القرآن باعتباره رسول الله حسب ادعائه ، ثم مَنْ ذا الذي يقول بأن ( ما ملكت ايمانكم ) يقصد الله بها النساء اللائي يحق للمسلمين اختصابهم اثناء المعارك ضد من لا يؤمن بمحمد ؟ وكيف عرف ذلك ؟ هل استند الى وسيلة القال والقيل في هذا الموضوع المهم جدا والذي يخص عدد النساء اللائي يحق للمسلم ( نكاحهم ) !!

نعم ، كل ذلك لا نعرفه من القرآن رغم اهميته الكبرى الا باللجوء الى ( القيل والقال ) ، وقال فلان نقلا عن فلان ، ذلك النقل الذي من الطبيعي ان تشوبه الشوائب طالما انه نَقْل لأحاديث وحوادث تاريخية قام به بشر ماتوا قبل مئات من السنين !! فما فائدة القرآن اذن اذا كان لا يُمْكن فهم احكامه الهامة الا عن طريق قال فلان نقلا عن فلان ونقلا عن فلان !!

(قل اعوذ برب الفلق ) مثلا والتي ورت في القرآن هل هي دعاء ام ماذا ؟ وماذا تعني ؟ ، اضافة الى مئات الايات القرآنية المبهمة والتي وردت بين مجموعة آيات أخرى لا علاقة او ربط بينهم ، ولا يمكن تفسير ذلك دون الرجوع الى وسيلة ( قال فلان نقلا عن فلان ) الغير مضمونة بصحة كونها منقولة بصورة صحيحة ام محرفة ام انها ملفقة اصلا !!

كما انك لن تجد في القرآن اسباب نزول الآيات او وقت نزولها ، كما لن تجد في القرآن ما هو الناسخ وما هو المنسوخ ، فنحن مثلا لا نعرف هل ان الاية التي تفيد بان الخمر به منافع ومضار هي التي اُرْسِلت اخيرا الى محمد او انها الاية التي تفيد تَجَنُب الخمر ، كما انك لن تجد في القرآن أجابات لما لا حصر له من الاسئلة الهامة الاخرى حول مواضيعه المُشَتتة ، اضافة الى ان القرآن لا يُشير ولا يوضح لنا كيف جُمِعَت آياته ، وكم هو عددها .

هذا الغموض في القرآن أدى بالمسلمين الى القول بأن الشريعة الاسلامية يجب ان تتضمن القرآن مضافا الية ( السيرة النبوية ) ، والسيرة النبوية هي عبارة عن مجموعة جُمَل تمثل احاديث منسوبة الى محمد بوسيلة القال والقيل نقلا عن فلان وفلان وفلان ، ويتم الاستعانة بهذه الاحاديث لغرض فهم بعض الآيات القرآنية المهمة والغامضة ، ورغم كل ذلك يتم الاختلاف في فهم او تفسير تلك الآيات القرآنية ، وهكذا يفسر المسلمون الماء بعد الجُهد بالماء !!

ومعروف ان ( البخاري ) مثلا وليس حصرا ، وهو أحد ابرز مَنْ نَقَلَ للمسلمين احاديث وسيرة النبي المستندة على ( القيل والقال ) ، وهو قام بأختيار ( سبعة آلاف ) حديث فقط من مجموع ( ستة مائة الف ) حديث من احاديث ( قال فلان نقلا من فلان ) ، فكيف نعرف ان البخاري مثلا الغى فعلا مئات الالوف من الاحاديث الغير الصحيحة ، وكيف نعرف انه اختار فعلا الاحاديث الصحيحة ؟ ام ان البخاري هو الآخر رسول الله ويجب تصديق كل ما كتبه ؟؟

مُذَكّرين بأن سلسلة الكُتّاب المسلمين الذين نقلوا لنا هذه الاحاديث الخاطئة ( حسب ادعاء البخاري مثلا ) هم نفسهم مَنْ اوصلوا ايات القرآن الينا ، ومنطقي جدا ان الذي يَتَجرأ على ابتكار حديث كاذب لا يَتَردد في الغاء او تحوير او تغيير الآيات القرآنية نفسها !! فاحاديث محمد لها قدسية لا تقل عن قدسية الآيات القرآنية لان محمد هو رسول الله ، والذي يَلغي او يُحور حديث الرسول لن يَصعُبَ عليه تغيير او تحوير آية قرآنية قالها الرسول ، لاسيما اذا تذكرنا ان هذا حصل فعلا ومباشرة بعد وفاة محمد بساعات حيث اختلف اقارب محمد حول وجود او عدم وجود آيات قرآنية اضافة الى اختلافهم في تفسير تلك الآيات الى درجة ادت بهم الى حَمْل سيوفهم احدهم على الآخر وكل منهم يدعي دفاعه عن القرآن وعن احاديث الرسول وعن الاسلام كدين ، بينما ان كلا منهم كان يبحث عن وراثة كرسي السلطة المغري الذي تركه محمد بعد الوفاة !!

أخيرا ، نقول لبعض المثقفين المسلمين ممن يَدْعون الى اصلاح الاسلام بالاستغناء عن كُتب الاحاديث والتفسير المتاقضة فيما بينها في امور هامة تهدد حقوق وحرية وسلامة الانسان المسلم مثلما تهدد حرية وحقوق وسلامة الانسان الغير مسلم :

انكم يا سادتي المثقفون المسلمون ما زلتم تعيشون في وهم كبير ، فالقرآن بصيغته الحالية لا يصلح تسميته بـ ( كتاب ) لانه لا يتضمن سوى جملا متناقضة او متكررة لا يمكن الاحتكام بموجبها او الرجوع اليها لتكون منهجا او شريعة يتم العمل بموجبها لأن ( القرآن ) باختصار شديد هو عبارة عن مجموعة مُذكرات ألّفها محمد خلال اوقات وحوادث حَصَلت له ونحن نجهل اوقات وامكنة وتفاصيل تلك الحوادث ، وهذا ما يجعل هذه المُذكرات غير صالحة للنشر نهائيا ، حيث ان كاتِبا بشريا مبتدأ ربما سيكون أكثر توفيقا في كتابته !!

أحدث المقالات