23 ديسمبر، 2024 10:42 ص

ويسألون عن النزاهة

ويسألون عن النزاهة

نزِهت الأرض “بكسر الزاي” اذا تزينت بالخضرة.
وفلان نزيه اذا كان بعيداً عن اللؤم، والنزاهة البعد عن الشر وعن الأقذار.
وبما ان المال “وسخ الدنيا” كما يقول العراقيون. وهو الشر بعينه إذ بحفنة دولارات يُذبح العراقي من الوريد الى الوريد، اذن فالمال هو الشر وهو القذر!.
وفي كتب تفسير الاحلام، إن من رأى نفسه وسط القذارة والنجاسات فمعنى ذلك انه سينال مالاً. وهذا دعم للدليل اللغوي.
وقد قرأتُ في كتاب ديني قديم، انه حين ضُربت الدنانير قال ابليس الشرير: “بهذا سأسقط بني آدم”، واظن انه قد فعلها وهذا دعم آخر للتفسير اللغوي، وعليه تكون النزاهة هي عدم تلطخ الأيدي بحقوق “أموال” الآخرين.
وأموال الدولة هي أموال العراقيين، وكل فساد حصل في دوائر الدولة وراءه مال حرام.
بهذا المدخل حملت “تطوعاً” هموم لجنة النزاهة التي صارت تحتاج لوزارة للنزاهة .
فبمن سيبدأون، وكيف سيعملون؟!.
ينزهون مَنْ، ويطهرون مَنْ، ومَنْ سيغسلون؟!.
والجميع يعلمون ان القوانين وحدها لا تكفي إن لم تكن مدعومة بسلطة تنفيذية قوية ومصحوبة بضمير حي رادع ورقيب إذ بموته تموت كل الفضائل وتضيع كل القيم وتنتفي الحاجة للعلاقات الانسانية، وتصبح الحياة بلا معنى.
قد يتصور البعض إن تفشي الفساد في دوائر الدولة وأجهزتها المتشعبة بهذه الفضاعة جاء نتيجة للإنفلات الأمني وغياب الرقابة بعد التغييرات الديمقراطية الجديدة، صحيح ان هذه العوامل ساعدت كثيراً على تفشي حالة كهذه ولكنها في الحقيقة إمتداد لقاعدة الفساد الكبرى التي اشادت عليها سلطة القهر المقبورة كيانها حين تفنن اعضاء حكومة القرية وكلٌ من موقعه في نهب خيرات العراق وبأساليب لا تشبه بعضها ساهمت بشكل متعمد في اشاعة الخراب الشامل وعلى مدى اربعة عقود سود تجذّر هذا “الفيروس” الفتاك وصار حالة طبيعية بمرور الزمن ليتفاقم في ظرف ملائم غابت فيه السلطة، وتفرعنت المسوخ!.
لقد ساعد وضع الحكومات المتعاقبة منذ 2003واساليبها الفاشلة في ادارة الدولة حين تركت الحبل على الغارب وتساهلت مع المفسدين والمجرمين ،ولم تستعن بالاكفاء والمختصين ..لقد ساعدت هذه الحكومات الضعيفة  على تفشي حالة الفساد بحيث اصبحت تحتاج الى “وزارة للنزاهة”.
ترى في ظل هذه الظروف وهذا التخبط كيف سيتسنى للجنة النزاهة معالجة الامور؟!.
يضاف لهذه المعضلة عدم توفر الحماية والاسناد بسلطة رادعة لما تقرره هذه اللجان
فأي خراب شامل سيعالجون، ومع من يتعاونون؟، بمن يبدأون، بالوزارات والرواتب والتخصيصات، بالمنح الدولية والاعانات، بالتعيينات والايفادات، بالمنهوبات والمهربات، بتخصيصات الاعمار والمؤتمنين على الاعمار.بتخصيصات المهجرين والنازحين ..؟.