18 ديسمبر، 2024 10:48 م

ويسألونك عن فخامتهم

ويسألونك عن فخامتهم

قبل عدة سنوات جمعتني جلسة صحفية مع سياسي اصبحت تصريحاته في هذه الايام مادة دسمة لمواقع التواصل الاجتماعي والشامتين بالعملية السياسية ورجالها، ومن خلال تبادل الحديث اسرني في حينها وهي يبستم بان العراق سيسجل في كل دقيقة اربعة احداث وسيكون مركز استقطاب لوسائل الاعلام العربية والاجنبية ولن تتوقف فيه المفاجآت، تذكرت تلك الكلمات وحديث السياسي المخضرم بعد المسرحية الهزلية التي دارت فصولها بين هيئة النزاهة والقضاء وصحيفة الصباح الحكومية، وكان ابطالها فخامة نواب الرئيس الثلاثة، الذين انتفضوا بطريقة استعراضية على خبر تحدث عن إحالتهم للقضاء بتهم فساد، لتنقلب الدنيا بعدها ولَم تقعد فخرج الجميع يهتف بالنفي ويمجد السادة النواب وبعضهم توعد مطلقي تلك الاتهامات التي تهدف لتشويه سمعة ونزاهة قادة الركب ورعاة الأمة، الكارثة ان تلك التجربة (ان صحت التسمية) عكست الحجم الحقيقي للمشكلة التي يعيشها العراق وعجز القضاء عن محاسبة رؤوس الفساد الذين تعهد رئيس الوزراء حيدر العبادي بالاطاحة بهم في اول فرصة.

الساعات الماضية كانت صعبة على القضاء والنزاهة والصحيفة الحكومية، فتقدم من هو على هرم تلك المؤسسات ليبرر ما حصل وليجد الأسباب التي تقنع نواب الرئيس بان ما حصل مجرد “خطأ مطبعي” ولَم يكن مقصودا الاساءة لجنابهم الكريم، لكن أشد المتصدين كان رئيس هيئة النزاهة الذي تشهد له تصريحاته خلال الأشهر الماضية، بانه سيكون في طليعة محاربة الفاسدين و”لن تاخذه في الحق لومة لائم”، لكنه فر مذعورا عند اول اختبار وهرول ليبرئ نفسه وهيئته المصونة من تشويه الصورة الوطنية لاصحاب السعادة، في حين كان اسامة النجيفي ابرز المعترضين على اتهامه وأكثرهم إطلاقا للتهديدات حينما دعا الى “محاسبة من ارتكب هذا الفعل غير المسؤول”، والذي جعله كعادته في خانة الاستهداف السياسي، ولَم يكتف النجيفي بهذا التهديد انما ذهب ابعد من ذلك حينما توهم بوجود ثقة بينهم وبين المواطنين وان هذا الفعل سيعمل على هدمها.

في حين كان استنفار مكتب المالكي هذه المرة اقل حدة من غريمه النجيفي، حينما دعا الصحيفة الحكومية الى الاعتذار والابتعاد عن تضليل الرأي العام، لكنه لم يتطرق الى نظرية المؤامرة التي يُؤْمِن بها والتي كانت تتصدر جميع خطابات المالكي خلال عصره الذهبي، وما يثير الاستغراب في اعتراض فخامة النواب هو بيان السيد النائب أياد علاوي الذي اصبح بشكل مفاجئ يعلم بجميع القضايا بعد ان كان “ميدري” حينما تحدث عن استهداف “الرموز الجهادية” وطالب العراقيين بـ”الاقتصاص من الخونة”، نعم سيد علاوي جميع من يطالب بمحاسبتكم وإبعادكم عن المشهد السياسي يجب ان يكون خائنا، فسيادتكم حققتم للعراق ماعجز عن تحقيقه عظماء العالم لشعوبهم، ولو كان غاندي موجودا لجعل من سيرتكم وإنجازاتكم مثالا يحتذي به الهنود، ولو كان تشرشل على قيد الحياة لكان اعترف بهزيمته امام حنكتكم السياسية ودهائكم في ايجاد الحلول للمشاكل المستعصية.

فخامة نواب الرئيس لا نعلم كيف نعتذر لكم عن هذا “الخطأ” وماهي الطريقة المناسبة للتكفير عن ذنبنا هل معاقبة عدد من الصحفيين “الخونة” تكفي ام نبحث عن فتوى تحرم المساس بفخامتكم وتحاسب من يطالب بحقوقه ويدعو لمحاربة الفساد، اعذرونا فنحن شعب لا نستحقكم ويجب عليكم هجرنا.