18 ديسمبر، 2024 8:50 م

ويسألونك عن الطنطل ، قراءة سياسية

ويسألونك عن الطنطل ، قراءة سياسية

في أيام الطفولة ونحن نتحولق حول جدتي أنا وإخوتي وأبناء عمومتي بدائرة نصفية تتوسطنا صوبة علاء الدين ذات النار الزرقاء فتنطبع أشعة لهبها على صفحة وجه جدتي الذي غزته التجاعيد على عجل وكأنها أخاديد ووديان أحدثتها ليلة ممطرة في ارض رملية ولا نملك ساعتها سوى الصمت إزاء ما ترويه من حكاوي وقصص شعبية موروثة عن آبائها وأجدادها وكأنها رسالة سماوية تتناقلها ذاكرة الأجيال وقد شدنا واسر عقولنا أسلوبها الممتع في السرد وكان القاسم المشترك لكل الحكاوي هو البطل المنفرد ذو السيادة العامة والذي اسمه ((الطنطل)) والذي كان الوسيلة الوحيدة بيد جدتي في الالتفاف حول حراكنا الذي لا ينقطع طوال النهار بالعبث والمقالب الصبيانية التي يتهاوى أمامها الجبل دكا دكا وبالتالي سرعة تسرب النعاس إلى عيوننا فترى احدهم وقد آثر النوم خوفا من تمادي الجدة بسردها المرعب وآخر نام رغما عنه بسبب التعب نتيجة لعب وشيطنة نهار كامل إلا أنا , أبقى متحمسا لمتابعة الحكاية حتى نهايتها وحتى لو انتهت الحكاية فاني لا استسلم لسلطان النوم بل أضع راسي على مخدة مصنوعة من ريش البط المهاجر مغمض العينين و صورة الطنطل تراودني دون أن تعطيني مجالا كي أغفو قليلا ثم بعد ذلك ونتيجة لبلوغ التعب والجهد العقلي مبلغه أغيب نائما على فراشي لكن صورة الطنطل تلازمني في كل أحلامي فكنت أتخيله بعدة أشكال لحيوانات مختلفة او صورة معلم القراءة الشديد مع التلاميذ إلا إن إحدى هذه الصور كان مثار جدل ونقاش لفترة طويلة فكنت أتخيله بصورة صديقي الكردي (شيركو) ابن (الحاج نوزاد) الذي كان يأتي مع أبيه ليبيع العسل وبعض أنواع الأقمشة في مدينتنا (العمارة) ويشتري من أبي شيخ السماكين (أبو ناصر) السمك والجري الذي لا يجد له سوقا في العمارة بسبب كون الجري وحسب موروث العمارة الشعبي كان يعاكس الإمام علي حينما أراد أن يشرب الماء من النهر فخلطه عليه بالطين فلم يستطع الشرب فلذلك استحق هذا الجفاء من أهل هذه المدينة البسيطة فهو محرم لا يؤكل حتى من قبل العاصين وشاربي الخمر فترى (الحاج نوزاد) وابنه (شيركو) يأتون هم وغيرهم من سكان المنطقة الشمالية والغربية وبالذات الموصل والأنبار لشراء الجري بسعر رخيص .. ولا اعلم السبب الذي من اجله حلمت بالطنطل بصورة هذا الكردي الصغير رغم انه ولد جميل ذو بشرة بيضاء وشعر أشقر كما انه ودود ويحب اللعب معنا إلا إني لم اخبره بهذا الأمر خوفا من أن يعرف أبي فيهديني تفلة وجلاق كما حدث عندما التقينا أول مرة بالحاج الكردي وابنه عندما تصافحت معهم ولم اقبل يد الحاج لان أبي كان يعزهم كثيرا ويعتبرهم إخوان لنا وهو نفس الشعور لدى الحاج فلا زلت أتذكره حينما توفي والدي سنة 1987 واتى إلى العمارة لتعزيتنا وهو يجهش ببكاء يهد الصخر ..
ماتت جدتي ومات أبي وكبرت وكبرت أحلامي والطنطل (شيركو) للآن يلازمني دون أن يغادر ذكرياتي وأحلامي ولكنه بدا يتطور بزيه حيث كان أيام الصبا يزورني وهو يرتدي الشروال وبعدها في مرحلة الفتوة بزي ضابط وعدة نجمات صفراء مبعثرة على أجزاء جسمه وكان يردد على أسماعي انه هو الطنطل الذي كانت جدتي تقص حكاياته علينا وانه هو (شيركو) بعينه الذي كان يرافق أبيه في زياراته التجارية إلى العمارة إلا إنني رغم هذا كنت استيقظ صباحا وليس لـ (الطنطل) ولـ (شيركو) أي مكان في مخيلتي هذا من ناحية التصديق بما رأيت أما من ناحية مداورة الأمر والتفكير به ..لا.. فهو يأخذ حيزا كبيرا من جهدي العقلي.
وفي إحدى نوبات القراءة للكتب التي تقع في يدي بمختلف أشكالها وأنواعها ومؤلفيها ومحتوياتها قرأت كتابا في سنة 1984 غلافه غير موجود وبالتالي لا العنوان ولا الاسم متوفر فيه وهذا كان حال أكثر الكتب التي اعثر عليها في بيتنا أو عند احد الأصدقاء والكتاب حسب محتواه ديني شيعي وهذا الأمر اعزوه لان النظام السابق كان في حرب طاحنة مع هكذا نوعية من الكتب ومن يعثرون لديه على واحد منها فطريقه ميسور نحو الاعتقال والتنكيل فلذلك يزيلون القارئون الغلاف كنوع من التمويه أي تأخير التدقيق في نوعية الكتاب وبالتالي تأجيل الاعتقال ولو لساعات .
الكتاب احتوى رواية صعقتني ولكنها رسخت لدي قصة (الطنطل شيركو) فالرواية تقول إن أصل الأكراد هو من الجن و نتيجة طبيعية لسفاح احد الجن مع إحدى نساء الإنس المصابة بمسهم فتكاثروا وأصبحوا بهذا العدد وكأن الكتاب يقول لي ما كان يراودك من أحلام .. هو حقيقة جلية والأكراد ليسوا ببشر وهم يتقنون أفعال الجن بكل أريحية فهم مخاتلون وشريرون وأصحاب مؤامرات وهم السبب الرئيسي بكل ما يجري في العراق من مشاكل وانهيارات للثوابت والقيم . والرعب الخفي الذي تسرب الى البشر من العراقيين سببه هم لا محالة لان الإنسان ليس له من عدو سوى الشيطان ونفسه الأمارة بالسوء ومن أين أتيت والى أين ذهبت فالنتيجة واحدة إن كانوا يمارسون الشيطنة بأيديهم أم بوسوستهم من خلال مؤامراتهم للعراقيين المحسوبين على البشر منذ أن استيقظنا من عالم العدم فوجدنا أنفسنا في ارض يقال لها العراق.
ما أريد قوله بصراحة في هذه الكلمات مجرد تحليل منطقي للواقع السياسي للأكراد العراقيين سابقا ولاحقا .
فلو القينا نظرة فاحصة لمجمل تاريخ الأكراد وبالذات التاريخ الحديث فلا نجد منهم باتجاه بلدهم العراق أي شيء ينبئ بولائهم لهذه التربة أو ما يشي بطاعتهم لنظام وقانون البلد فهم على مدار سنين مضت تآمروا مع الشاه ومع الجمهورية الإسلامية ومع أمريكا ودول الخليج وتركيا وكل من له خلاف مع العراق واليوم تراهم في كل ما يطفو إلى السطح السياسي العراقي من حوادث وأفعال منذ أيام (بريمر) إلى هذا اليوم قد أدمنوا وضع العصا في العجلة يمنون النفس بالحصول على أقصى المنافع السياسية والشخصية والقومية لو على حساب عامة الشعب وكما يقول الموروث الشعبي ((ياكل ما ينوكل)) وكم من مرة تعطلت قوانين وتشريعات هم سببها لو صوت عليها لكان للعراق مدى كبيرا يختال به بين الدول فهم ما انفكوا يطالبون بدولة كردية جنية شيطانية تمتد من (زاخو) إلى (جلات) في العمارة لتستعيد صورة (شيركو) متمثلا بالشيطان حيز ذهني وهواجسي حينما كان يأتي للعمارة وكأنه يزور إحدى محافظاتهم الكردية الجنوبية وقضية مصاحبته لأبيه لا تخلو من تخطيط مسبق رائده المستقبل هي من باب التربية والتعليم للأجيال بان أرضكم أيها الأكراد ذات حدود تبدأ من (العمارة) إلى (زاخو) .
كما يجب أن لا ننسى تصرفهم الأخير والغريب والعجيب بإيواء رجل خارج عن القانون متهم بقضايا إبادة لشعب مكلوم عانى الأمرين ألا وهو المتهم (((طارق الهاشمي))) ويرفضون تسليمه الى السلطات القضائية وهي مخالفة تنبي بتازيم الوضع الى اقصى درجات الاحتدام السياسي كما لها من تاطير صورة غير محبذة لدول العالم بضعف شديد يعتري الحكومة العراقية التي تعجز عن اتخاذ أي ردة فعل اتجاه ابناءها الخارجين عن الخط القويم .. وبتصرفهم هذا كأنهم دولة كاملة السيادة تؤوي من تشاء ولها قرارتها وقوانينها الانفرادية.. وهنا نتوقف عند هذه الديمقراطية المخزية التي جلبت لنا المتاعب وارهقت توجهاتنا فبدل ان تكون التوجهات نحو ترميم الواقع المر للبلد بشكل عام ننحرف نحو معالجة شروخات سياسية وقفزات جمبازية من هذا الطرف او ذاك ضمن المنظومة الديمقراطية المتهرئة التي اصبحت حجر عثرة في حصول الناس على حقوقها … وهذه ليست المرة الأولى في عملية التمرد الكردي الشيطاني وليست أخراها بل سبقتها وستليها الكثير الكثير من التصرفات البعيدة عن الأخلاق والعرف العام على اقل تقدير ومن لا يعلم ليسال المقبور صدام …
ولكن السؤال هل هناك علاج لهذا الأمر وهل بمتسع بغداد أن تلوي عنق الشيطان وتدفعه في حظيرة الطاعة مع منع الأكل والشرب عنه ليكون عبرة لغيره وهل هناك من عمل يقي العراق بشكل عام من خطر التقسيم الذي يلوح به الشيطان الأكبر للعلم الشيطان الأكبر ليس أمريكا إنما أس الشياطين وهو السياسة الكردية وحسب رأيي العلاج هو وحسب ما قالت جدتي بان (الطنطل) علاجه الوحيد هو أن تهدده بالملح والسجين أو الخيط والإبرة فسيحترق أو يهرب منك ولا يقترب نحوك أبدا
وهنا أقولها للمالكي وانأ الواثق من نفسه بلا وجل أو خجل إذا أردت أن تقضي على تطلعات الأكراد الشيطانية في خلق إسرائيل جديدة تقض مضاجعنا كل حين , إذا أردت أن تجعلهم عامل ازدهار لا تهديم فقم بترويضهم واستخدم معهم ما قالت جدتي رحمها الله الملح والسجين , فالملح مادة كيماوية لهم معها ذكريات جميلة فمجرد رنينها في أسماعهم تستكين كل نيرانهم وتنطفئ وقد طأطئوا رؤوسهم صاغرين .. والسجين حديد ونار تلهب ظهورهم كي يركعوا أمام الوحدة العراقية (وتخرس السنة قوم يتشيطنون) كما إن الإبرة والخيط لهما دلالة مرعبة تزيل غطرستهم الفجة فالإبرة دبابيس تعلمهم دروسا وعبر كي يراجعوا أنفسهم عما بدر منهم وحتى يفكر كبيرهم وصغيرهم ألف مرة قبل أن يكون ملاذ آمن لمن تمرد على الوطن الأم كما إن للخيط معنى رائع وإشارة جميلة في إن مصير من يحاول خيانة الوطن والأمة سيكون مصيره خيط وحبل المشنقة التي أراها ربطة عنق تليق بكل من خالف ويخالف السائرين على درب الوطن الواحد والمصير الواحد.
لله درك أيتها الجدة الحكيمة وأنت تسطرين ملحمة القول الفصل في كيفية مواجهة جيش الشيطان وأعوانه الذين ابتلى بهم العراق وأهله وهي هدية على طبق من ذهب للسيد نوري المالكي ولكن … ويجب أن نضع تحت هذه ألـ (لكن) مليون خط احمر , إن مصلحة الوطن والشعب فوق كل المجاملات وفوق كل الماضي الذي جمع حزب الدعوة والمجلس الأعلى والأكراد عندما كانوا في خانة واحدة في العداء لصدام حسين رغم تباين المناهج والتوجهات فالمسيء يجب أن نقول له قف وهذا عقابك والمحسن نقول تابع سيرك ونكافئه ونرفعه على الأعناق وهذا ثوابك .