18 نوفمبر، 2024 3:41 ص
Search
Close this search box.

ويحكم: إني أعرف بهذا الفتى منكم إنه الجواد!

ويحكم: إني أعرف بهذا الفتى منكم إنه الجواد!

يروى أن يحيى بن أكثم، جادل المأمون حول الإمام الجواد (عليه السلام): فقال: جعلت فداك، ما تقول في محرم قتل صيداً؟ فأجابه الجواد (عليه السلام) قائلاً: أفي حل أم حرم؟ عالماً كان أم جاهلاً؟ قتله عمداً أم خطأً؟ حراً أم عبداً؟ صغيراً أم كبيراً؟ مبتدئاً بالقتل أم معيداً؟ من ذوات الطير كان الصيد أم غيرها؟ صغارها أم كُبارها؟ مصراً على فعله أم نادماً؟ ليلاً أم نهاراً؟ مُحِرماً بالعمرة أم بالحج؟ فتلجلج القوم لحكمة ما سمعوا!
حياة الإمام الجواد (عليه السلام)، مليئة بالشرف، والحكمة، وكمال العقل، والفطنة، لأن شجرته إرتوت من منهل النبوة، وينبوع الرسالة، كيف لا وهو حفيد مدينة العلم، وبابها يعسوب الدين، (عليهم صلواته تعالى أجمعين)، إنه الإمام القانع، التقي النجيب، المرتضى الزكي، الكريم كجده الإمام الحسن (عليه السلام)، ورث العصمة من بيت الكرامة، والرسالة، والإمامة، والمباهلة، إحتضنت جثمانه الشريف، فردوس الكاظمية المقدسة، مع جده الإمام الكاظم (عليه السلام)، فإزدانت ألقاً، وشموخاً، وصبراً، وهيبةً، وعظمةً، إنه جواد الأئمة!
لاتزال يداه تهطل بالعطايا، فهو الكريم في معترك السؤال، مثبت في ساق العرش الإلهي، إنه من أهل البيت (عليهم السلام)، الذين أبعد الخالق (عز وجل) عنهم الرجس، وطهرهم تطهيراً، بيد أن رزية الإمام الجواد (عليه السلام)، فاجعة جاءت بنفس السم العباسي البغيض، حيث أستشاط المأمون غضباً من حب الناس لإمامهم، فقال: ويحكم إني أعَرفُ بهذا الفتى منكم وسأزوجه إبنتي أم الفضل، وقد تشربت الكره والحقد، فتسول لها نفسها الأمارة بالسوء، وضع السم للإمام (عليه السلام)!
مهما أتى المبغضون لأهل البيت (عليهم السلام)، من قوارع الطعن فهم لن يضروهم شيئاً، حيث مختلف الملائكة وباب نجاة الأمة، والأصل الثابت في السماء، فلا يدركون أن ذكاء الفروع، يكمن بذكاء الأصول الراسخة في الأرض، فإذا أخذ الناس ظمأ شديد، فلا حل لمعضلة وإلا وبيت علي لها، فأين الثرى من الثريا؟ بل إن الفضائل الكريمة، والخصال الحميدة لأهل البيت، تدون ملحمة خالدة، لكنهم لا يستكينون للظلم أبداً، أحراراً كجدهم سيد الشهداء، الإمام الحسين (عليه السلام)!
نورك المشرق، وضياؤك المتألق، لن يغفو بين جدران مقبرة الكاظمية المقدسة، بل إن أثرك في الأرض باق، ما دامت منارتك وقبتك، تتلألأن خيراً وبركة، وإن كنت قد عشت حياة البساطة، والتواضع، والحرية، فذلك لأن آباءك وأجدادك، أقاموا دولة العدل، والرحمة، والتسامح، فأيد اللهم دولة تعز بها الإسلام وأهله، وتذل الكفر وأهله، إنك سميع مجيب، أما وقد حان وداعك، فإنا لفقدك محزنون، (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون).

أحدث المقالات