23 ديسمبر، 2024 12:31 م

ويحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم

ويحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم

الزنا
مرض اجتماعي فتاك وكبيرة من الكبائر التي نهى عنها الله تعالى في الكثير من الآيات ونهى عنها رسوله الكريم واهل بيته الاطهار في الكثير من الاحاديث والروايات ولكن لما كان الكل يعرف ذلك ولكن الاغلبية بل قل الكثيرين لا يتعظون ولا ينتهون عنه فيجب مناقشته من وجهة نظر اخرى اجتماعية وصحية فهو اقرب الى الترهيب منه ومن عواقبه لأن المعنيين يعيشون للدنيا ولها فقط ولا يخشون مما بعد الموت بل ولا يحسبون له اي حساب.
يفتخر الكثير من شبابنا بل ويتباهون بمغامراتهم الجنسية متناسين عواقبها المدمرة والوخيمة عليهم وعلى غيرهم فمن انتقال الامراض الجنسية الخطرة الى فساد الانساب الى استحقاق العقوبة الالهية في الدنيا قبل الاخرة الى تعريض اعراضهم للانتهاك ف(الزنا دين تدفعونه من اعراضكم) وهذا ليس مجرد كلام بل هو وعد من لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى ولا يقولن احدهم انه يصون عرضه ويعبث بأعراض الاخرين! فهو اما يعلم بفساد عرضه وانتهاك شرف امه واخته وزوجته وأبنته وكل اقاربه من النساء ويسكت خشية الفضيحة والعار او انه لا يعلم وها هو الرسول الكريم (ص) يخبره بأن الامر حق عليه لا بد ان يدفعه ولو بعد حين.
ازدواجية وتهاون
من خلال احاديث الشباب (بل وحتى الكهول في عصر الساتلايت والانترنت والموبايل والبلوتوث) يمكن الاستنتاج بأن هؤلاء اما ان تاريخهم العائلي مليء بالمفاسد فكانوا شر خلف لأتعس سلف واما انهم بلغوا من اللامبالية واللامسوؤلية درجة تجعلهم يستهينون بالأعراض بسهولة ولا فرق عندهم ان كان عرضهم هو الهدف التالي لهذه المفاسد المستمرة! او انهم يدعون صيانة اعراضهم والخوف عليها من الهدر والهتك وفي نفس الوقت يرضون ذلك للغير في ازدواجية مقيتة وعجيبة لا تنم الا عن سوء خلق وجهل مطبق فالمعصوم (ع) يخبرنا ان نرضى دائماً من الناس ما نرضاه لهم من انفسنا فهنيئاً لكل زاني الزنا بعرضه ولو بعد حين.
اسباب ومبررات
يدعي بعض هؤلاء انه لا يجد ما يعينه على الزواج والسير في الطريق الحلال وهم نسبة قليلة من المعنيين ولا عذر لهم في ذلك فالرسول (ص) يخبرنا انه يستطيع المرء الذي لا يجد النكاح ان يصوم فأنه له وجاء وكذلك فأن المؤمن القريب من ربه لا تنازعه نفسه بالمنكرات ولو صارعها الدهر كله فأنه بقوة ايمانه يصرعها ولو كان ابليس والف من اعوانه للنفس الامارة بالسوء ظهيراً، ويدعي اخرون انهم لا يجدون في نسائهم ما يكفيهم ويشبع رغباتهم وهؤلاء ايضاً لا عذر لهم ولا تبرير فالزواج مفتوح لأربعة ومسؤوليات الحياة وواجبات الانسان تجاه ربه من معرفته تعالى وطاعته وعبادته وواجباته تجاه عقله من تغذيته وتعليمه والسير في تكامله وواجبات البشرية اليوم تجاه المعيشة وتكاليفها لا تترك للمرء المجال للعمل فقط على اشباع الغرائز دون الوقوع في المحذور فلا يجب ان يسخر الانسان وجوده فقط لإشباع البطن والفرج فلا فرق حينها بينه وبين الحيوانات اجلكم الله بل انها تكون افضل منه لأن كثير من الحيوانات تعمل في مجتمعات متكاتفة ومتعاضدة ومنسجمة ومنسقة في حين يتقلب المنحرفون بين موائد الحرام واحضان العاهرات غير مكترثين ولا مبالين بما كان وما سيكون متناسين انهم خلقوا لأجل هدف وان ورائهم حساباً وعقاباً.
يدعي اخرون انهم لا يأبهون لحلال ولا حرام ولا صح ولا خطأ  والسؤال الى هؤلاء: افلا تهمكم صحتكم؟ افلا تبتغون العيش طويلاً وبصحة وعافية؟ افلا تريدون الذكر الحسن بين الناس؟ افلا تحبون ان تمتدحوا بحسن السير والسلوك؟ فكل هذه وغيرها الكثير تفقدونها بسلوك هذا الطريق الباطل القصير الشائك المعقد افلا تعقلون؟
مقترحات للحل
لما كان الزنا معادلة بين طرفين (رجل وامرأة) فلا نستطيع هنا تبرئة ساحة نسائنا اليوم فالكثير منهن قد باعت الحجاب والحياء والشرف واشترت متعاً زائلة وسمعة سيئة واصبحت بضاعة رخيصة سعياً وراء المال الذي يمكن تحصيله بأي وسيلة الا بيع الشرف وقد قيل قديماً (تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها) فما بال النساء اليوم تلهث وراء الجنس للمتعة او للمال او ركضاً وراء احلام الزواج ووعود المخادعين من الذئاب الذين يؤملون الغافلات انهم سيتزوجونهن بعد اكمال ((التعارف)) وضع خطين تحت كلمة تعارف فهو للأسف لم يعد يقتصر على التعارف اللفظي بل بدأ يتعدى ذلك بمراحل كثيرة وسط غفلة الاهل وتهاونهم في بعض الاحيان ووسط ضياع المعايير الدينية الحاكمة وحتى المعايير الاجتماعية التي كانت الى وقت قريب تحكم وبقيضة من حديد على كل اصحاب هذه المفاسد بالعار والشنار والقتل لغسل العار والطرد والملاحقة للمفسدين في الارض. ومن هنا يجب للحل ان نبدأ بالشخص نفسه رجلاً كان او امرأة ونوعيه ونثقفه للمخاطر والعواقب البائسة لعمل كهذا ولا نكتفي بالقول والترك بل يجب ايضاً مراقبة المراهقين والشباب في دنيا الضياع التي نعيشها اليوم وينتقل الحل الى الدور الابوي والرقابة الاسرية بالمنع والتحذير والتوبيخ والمعاقبة لكل ما يمكن ان يقود الى هذه المفاسد وينتهي الدور الى المؤسسات التربوية والتعليمية بالسعي لدرء المفاسد وسد ابواب الفتن والمغريات والعمل على اشاعة ثقافة الدين والخلق والعادات والتقاليد المجتمعية الصالحة الاصيلة حتى لا ننجرف الى ما لا تحمد عقباه ونصل كما وصل من قبلنا الى اختلاط الانساب وانتشار الامراض المميتة والخيانة الزوجية والهواجس والتخوين والشك من طرف لأخر فالذي يجرب هذه الامر يندر ان يثق بشريك حياته بعدها ويصاب بداء الوسواس والتشكيك والضغط على الزوج الاخر والوصول الى الطلاق او قتل احدهم الاخر كما يحصل بكثرة منذ عام 2003 ولحد الان والسجون خير شاهد ودليل على ذلك. يبقى اخيراً ان نوجه الانظار الى ان سياسة الدولة في العقوبة الرادعة والترهيب من الخطأ والترغيب بالحلال وتسهيل الزواج والسعي لتقليل متطلباته واعانة من يبتغون الحلال كلها عوامل مساعدة على الحل والخلاص من هذا الداء المميت للمجتمع والذي يجعل مستقبله حالك السواد مجهول المصير.