23 ديسمبر، 2024 8:16 ص

ويأتيك بالأخبار من لم يزود !!

ويأتيك بالأخبار من لم يزود !!

تشتد الفبركات الإخبارية في الازمات، لتضليل الراي العام، او تسويق نموذجا ما، او لاستهداف جهة او شخص بعينه، مشكلة القائمين على هذه الفبركات، عدم القدرة على صياغة الحدث المفبرك، او حتى تزييف واقعة موثقة بالصوت والصورة.

ظهرت نماذج مما يعرف بـ ( الجحوش الالكترونية) خلال المنافسات الفجة بين اقطاب العملية السياسية في عراق اليوم ، كل منهم يسعى ترويج قادة لا يمتلكون من مقوماتها غير الأسماء الغبية ، فتحولت إدارة الراي العام الى إدارة مواقع التواصل الاجتماعي، كل منها يسعى الى فرض قناعات تمثل وجهة نظر ربما وقتية عند ممولها ، دون الاخذ بعين الاعتبار ان هذا التنافس غير المقبول عرفا في مهنة الصحافة والاعلام ، يمكن ان يؤثر سلبا على السلم الأهلي ، ويؤدي الى تضارب مصالح ينتهي الى ما انتهت اليه انتفاضة ساحات التحرير اليوم .

ما يثير الشكوك اكثر وأكثر تلك المسمات المجهولة، عن مواقع ممولة بحسابات مدفوعة لموقع (غوغل) لضمان مساحة الانتشار، تنشر توقعات عن حدث الغد في ساحات التحرير او حولها ، بما يكشف سذاجة الناشرين ، حينما يقارن اسلوبهم عند محترفي مهنة الصحافة والاعلام ، فيما تشيع هذه الاخبار المزيفة والمعلومات المفبركة ، ما بين تحليل وخبر ، يقترب من نموذج عرف باسم ( الصحافة الصفراء) التي تتخصص بفنون الاعلام الفضائحي، ومعضلة بعض الشخصيات المرموقة في الكثير من الكروبات على الواتساب او الانسغرام ، انهم يقومون بنقل هذه الاخبار المزيفة ، اما لجهل منهم ، او لكونهم محفزين من احزابهم ، او أولياء نعمتهم في مناصب الدرجات الخاصة، ليكرروا بثها على اكثر من كروب بعنوان ( منقول) او ( هكذا وردني )، والأكثر اشكالا ان الكثير منهم يقدم نفسه محللا استراتيجيا او امنيا او سياسيا ، فيما يقوم بمهمة (جاهل) لإشاعة خبر مزيف فقط لإرضاء اولي الامر على نعمته !!

قد يقول قائل، ان حرية التعبير مكفولة وفق الدستور العراقي لكن الحقيقة المغيبة، ان ذات الدستور ضمانة السلم الأهلي، والتعايش بين جميع العراقيين، دون المساس بحرياتهم، كون التعريف المتفق عليه في الحرية بانها تنتهي حين تبدأ حرية المواطن الاخر.

وفي مثل هذه الازمات، ومنها ازمة ساحات التحرير، تتعارض المصالح، وتتضارب الاهواء، وتتقاطع الأهداف، بما يؤكد ان تزييف الاخبار عما يحدث في هذه الساحات وحول موضوع المطالبة بالإصلاحات المنشودة، انما اضرارا متعمدا يتطلب تدخل قانوني من قبل الادعاء العام، الذي ما زال صامتا لا يحرك أي دعوى ضد هذه النموذج من الفبركة الإخبارية للأضرار بالسلم الأهلي.

الامر الاخر، ان الاعلام الرسمي للدولة يتعامل مع ردود الأفعال عما ينشر من اخبار مزيفة دون ان يقوم بالكشف عن الجهات التي ترتكب هذا الجرم المشهود على مواقع التواصل الاجتماعي، بل حتى لا تكلف الكثير من وسائل الاعلام الرسمية المكلفة بمكافحة حرب الاشاعات، او شبكة الاعلام العراقية، وهيأة الاتصالات والاعلام، انها قد كشفت عن برتوكولات نشر هذه المواقع المزيفة، والجهات اتي تقف وراء فبركة الاخبار عليها.

نعم ، الحرب خدعة ، لكن ساحات التظاهر العراقية ، ليست ساحة حرب بين العراقيين انفسهم ، لكي تسمح بعض الجهات الحزبية لنفسها باستخدام وسائل الفبركة العميقة في التعامل مع احداث اهدار الدم العراقي ، المطلوب ان يكون المتصديين للسلطة ، حتى مع اعتى أنواع مفاسد المحاصصة ورعونة المتمسكين بمناصبهم الخاصة في الحكومة العميقة ، اكثر عقلانية ، ومطلوب أيضا من النخب الاكاديمية والمثقفة احترام عقولها وعقول الاخرين في ترويج هذه المنشورات لعل وعسى تكون للعراق اخبارا متجددة تؤكد ان بلد الحضارات كالعنقاء ينطلق بجناحيه من ساحات التحرير … ولله في خلقه شؤون .