“لو تمثل لي الفقر رجلا لقتلته” ..هكذا كانت الصرخة المدوية لقائد الإنسانية علي بن ابي طالب امام المتقين.
منذ عقد من الزمن .. يتطلع العراقيين بعيون دامعة وقلوب منكسرة لطبقة سياسية واهنة ارتدت العباءة الدينية مع غياب مطلق لصوت الضمير.. قرأوا جميع الفتن في كتب التاريخ واستنهضوها لتأجيج الصراع في العراق .. سيطروا على محاور المال العام حتى أذلوا الناس بلقمة العيش وتم ربطها بدماء أولادهم شرطيا وجنديا او ميلاشيويا ضمن رقعة الأحزاب السنية والشيعية.
انهكوا القطاع الخاص بالبيروقراطية الوظيفية والانتقائية في توظيف مصالح الدولة لتكون بقرة حلوب لهذا الحزب او ذاك .. طيلة العقد المنصرم يعرفون جيدا ان هذه الوزارة كم تدر من الأموال لصالح الجهة السياسية التي تؤول اليها فهم يقسموا المال العام وكأنهم الوريث الشرعي تحت عباءة المقدس السني والشيعي ولا اريد ان أعفي الكرد من المشاركة في مشروع الفساد ولكن ما يشفع لهم صنعوا بيئة للاستثمار وتدفقت عليهم الشركات الاستثمارية مما خلق قاعدة تشغيلية للأيدي العاملة في تلك المشاريع جعلت من المواطن الكردي ان يجد لقمة عيشه بفرصة العمل التي توفرها تلك المشاريع.
منذ عقد من الزمن والعراق يعيش بلا موازنة تكشف اين تصرف الأموال التي قاربت من (٨٠٠ مليار دولار أمريكي) حتى تأتي نهاية السنة المالية ليقوم مجموعتان من الأُجراء في مجلس النواب مجموعة تتهم الاخرى ..التحالف الشيعي يتهم التحالف السني وبالعكس بتعطيل الميزانية ويهجم الكل على الكل حتى يجد المشاهد ان ساحة البرلمان ومجلس الحكومة هي ساحة صراع الجزارين الكل يحمل السكاكين ويعلو الصراخ ولكن لا احدا يستخدم السكين في طعن الاخر للكشف عن ما هو مغطى .. حتى بعدها يجلسون تحت جنح الظلام ليتقاسموا أبواب الصرف وكم يرصد للعقود الوهمية .. بعدها يغض النظر على الميزانية الختامية وكيف أنفقت ويصار لتشريع الميزانية الجديدة لكل عام بسيناريو المسلسل ذاته… اما السنة الاخيرة فقد رموا الميزانية خارج ظهورهم لان الغالبية يتوقعوا مغادرة الكرسي والبلد فلا مصلحة شخصية لإقرارها …
ويقال في وصف المشهد باللهجة العراقية “عركة كصاصيب”
الجميع ألقوا اللوم على الحقبة المالكية وقائدها الهمام المبدع في صناعة الأزمات ورعايتها وتطويرها وخلق قاعدة عريضة لرعاية سراق المال العام وتقاسم السلطة مع الميليشيات والجنوح تحت المظلة الايرانية وكل ما ال له البلد من نتائج، ولكن الأهم ان المالكي أوصل القطاع الخاص العراقي الى مهاوي الردى زراعيا وصناعيا وتجاريا حتى باتت السلطة المالية بيد سراق المال العام من أقطاب الأحزاب الاسلاموية الشيعية والسنية.
الجميع ألقى اللوم على المالكي كبش الفداء .. الأمريكان والإيرانيين والأتراك ومجلس الأمن والأمم المتحدة وحتى المرجعيات الدينية… وأعلن الجميع دعمهم لرئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي وقد مر ثلثا المدة الدستورية ولا نسمع الا اتفق الجميع وبعد يوم تقاطع الجميع ويوم ثالث تقارب بين الجميع ..
ولم يعلن الرئيس المكلف الخطوط العريضة لما له علاقة مباشرة بلقمة العيش اليومية للمواطن .. لم يفصح عن رؤاه الاقتصادية في توفير فرص العمل ورعاية القطاع الخاص ودعم المزارعين لتوفير سلة الأمن الغذائي ورؤيته في نقل تجارب العالم في تطوير التعليم وتلاقح الثقافات والاقتداء في التجربة العالمية في مشاركة القطاع الخاص بنظام (B.O.T) ، والوقوف بحزم بوجه الفاسدين سراق المال العام .. لم يتطرق لكل ذلك في اي برنامج واضح المعالم وكل الطروحات تحت مظلة الأمن والصراعات الطائفية وتقاسم بوابات السلطة بغية سرقة المال العام تحت مسمى حكومة الشراكة الوطنية…
دولة الرئيس …عليك ان تتحدث ببرنامج اقتصادي واضح المعالم من اجل الفقراء .. وتأكد انك اذ قدمت مشروعهم اولا .. فهم الوحيدين سيناصروا مشروع بناء الدولة ومقاتلة الدواعش واستتباب الأمن .. وكفى سفسطة في الروزخونيات.