23 ديسمبر، 2024 9:52 ص

وهم الوطن الواحد … (3)

وهم الوطن الواحد … (3)

للكورد مصلحة في بقائهم الصوري ضمن العراق الواحد الوهمي، حتى لو كانت مصلحة انية مبنية على ستراتيجية حلب الموارد الى اخر قطرة … ومع ذلك يتصرفون بالضد من هذه المصلحة ، ولا يبدون حرصا ولو اعلاميا على ترسيخ هذا الانتماء ، ويهددون بالاستقلال وتقرير المصير كلما (دق الكوز بالجرة) ولا يخفوا تطلعهم ليوم الانفصال الموعود!!… وكأن الانتماء الحقيقي لهوية ما يصبح عرضة للمساومة او التخلي لمجرد خلافات مع مسؤولي المركز!!

ولسكان المناطق الغربية (السنية) مصلحة ايضا في بقائهم ضمن العراق الواحد ولنفس السبب ايضا ، فعلاقتهم مع (الشراكوه والمعدان والفرس والهنود) في الجنوب قائمة على اساس (اعطني السلطة والنفط ، ولن اقبل بك حاكما او حتى شرطيا في منطقتي) ، ومع ذلك فالتهديدات لا تكاد تنقطع بالاقليم السني والثورة ومظلومية التهميش …الخ.

اهل الوسط والجنوب وهم اهل الثروة والاغلبية والطرف المستغني والمكتفي بنفسه عن الاخرين هم الاكثر حرصا ومناداة بالوحدة الوطنية الجائرة… ولا اعلم للشيعة سياسيا محنكا يمتلك رؤية ستراتيجية قادرا على وضع قواعد لعبة جديدة ، قائمة على اساس انا من يقرر شكل الملعب واللاعبين . ويوقف استنزاف ثروة الجنوب وارواح ابنائه في حروب لا طائل منها ولا مسوغ مع ثورات الاخوة الكورد منذ قرن وثورة الاخوة السنة التي يتوقع لها قرنا اخر.

في منتصف القرن الماضي سبب الصراع بين سنغافورة العضو في الاتحاد الماليزي والمركز صداعا بدا غير منتهي، فمن ازمة الى اخرى في خضم تجاذبات وتقاطعات لا تحصى، وكان الحل العملي الحاسم بيد قادة شجعان وسياسيين فاقوا اقرانهم بصيرة ونفاذ رأي.

يروي السيد (لي كوان يو) مؤسس ورئيس وزراء سنغافورة حتى 1990 (في كتابه،  سنغافورة من العالم الثالث الى العالم الاول)  كيف انه تفاجأ من اعلان السيد تانكو عبد الرحمن رئيس الوزراء الاتحادي عن منح الاستقلال لسنغافورة 1965 وفك الارتباط بها من طرف واحد ، وبذلك تخلصت ماليزيا من عبء بقاء سنغافورة ضمن الاتحاد ، كما اتاح هذا الانفصال فرص الانطلاق لكل من سنغافورة الحديثة وماليزيا الام. ولم يبك الطرفان طويلا على ماليزيا الموحدة .. هذا الانفصال ادى الى ماليزيا وسنغافورة قويتان .

طبعا ليس لدينا قادة بمستوى تانكو عبد الرحمن و لي كوان يو !!
لا اعلم سر اصرار القادة الشيعة على عراقٍ كبير اتحادي يشكل عبئا على ثرواتهم وامنهم وحياة ابنائهم، ولا يحصلون بالمقابل الا على تهم العمالة والتبعية والتكفير.

   لِمَ يقتل اباؤنا في تكريت والموصل والانبار …. يقولون لتحريرها …. مِنْ مَنْ ؟؟؟ اتحرر البلاد من ابنائها ، فمن استولى على الموصل وتكريت وطرد اجهزة السلطة منها هم اهلها، حتى لو بعناوين مختلفة سواءا داعش او ثوار العشائر او غيرها.

   قصة ان المسلحين جاءوا من خارج الحدود قصة سقيمة وسخيفة ، وهي نفس تبرير مدن الوسط والجنوب امام سلطة صدام ان من قام بانتفاضة 1991 هم المتسللين من ايران!! نعم لا شك ان هناك ارهابيون اجانب قدموا الى هذه المدن ولربما تزعموا بعض الفصائل ، ولكن كم عددهم؟ وهل سيصبح لهم تأثير بدون الاهالي المرحبين او المتواطئين الذين يوفرون الملاذ والحاضنة؟!!!

لم الاصرار على ان نكون ملكيين اكثر من الملك ؟!!

يجب ان نعي انهم يتقبلون حاكما او زعيما شيشانيا او افغانيا ، ولا يتقبلونه بصريا او نجفيا.

تروي احدى الصديقات انها اتصلت بصديقة لها في تلك المناطق الساخنة وكانت رحى المعارك تقترب من منطقتها، اتصلت الصديقة للاطمئنان عليها، فاخبرتها انهم بخير وانها فقط ساعات قليلة ويسيطر المسلحون على منطقتهم ويطردوا الجيش الصفوي منها، استغربت الصديقة المتصلة وابدت قلقها واستغرابها ، فاجابت صديقتها (اننا نرحب بداعش – فداعشنا منا وبينا).

اذا تلك المناطق يسيطر عليها اهلها وهم احرار فيما اختاروا ، وهم احرار ايضا فيمن يستضيفوا ويستقبلوا او يستعينوا.

فلم الاصرار على (تحريرها) او قل بسط نفوذ غير مرحب به للدولة عليها؟… ويكون الثمن اولادنا وثرواتنا.

تعلمت احترام خيارات الناس مهما كانت … حتى الخيارات الشاذة او الغريبة او غير الحكيمة برأي.. وعلى هذا احترم واحاول ان اتفهم خيارات سكان هذه المناطق ، وما ادى بهم الى هذا التطرف.

ولكن يصعب عليَّ تقبل او احترام سياسة قادتنا الشيعة برميهم فلذات اكبادنا وثرواتنا في اتون الحرب ، سعيا لوهم الوطن الاكبر نتحمل وحدنا ثمن بقائه الوهمي، وسلطة زائفة ليس لها نفوذ على ثلثيه مقابل تحمل تكاليف الكل!!!

 

*[email protected]