منذُ أن ادركتُ معنى الحياة في العراق وأنا اتخبط في حيرة وانتظار مرير ليس له نهاية مهما حاولتُ التعايش مع الحالة التي تحيط بنا نحن العراقيين بصورة عامة. أنهيتُ الدراسة الجامعية على أملٍ ان تتحسن الحالة المادية والاجتماعية التي تلفني كباقِ البشر في هذا البلد الجميل. ادخلنا الديكتاتور في حرب ليس لها معنى بكل ماتعنيه هذه العبارة من اصول لغوية وفكرية – لكن رغبة – القائد الفذ – في الظهور بمظهر المدافع عن البوابة الشرقية قذفتنا في اتون نار مستعرة قضمت الاخضر واليابس وجعلت كل عائلة من عوائل العراق تنتحب لفقدان عزيز او اكثر من احبائهم. جمهورية الخوف والرهبة لحدوث اشياء كثيرة غير متوقعة جعلت كل الاحلام المرتسمة في روحي هباءأً منثورا. سنوات من اجمل سنوات العمر راحت في مراحل خوف لاينتهي. وسقط الديكتاتور وجاءت افواج كثيرة لتحكم البلاد استبشرنا خيرا بها ورحنا نطلق الاوهام بحدوث تغير كبير في حياة كل شخص على ارض العراق. ماهي الا فترة زمنية محدودة واذا بكل الامال الكبيرة تتحول الى مسحة من فشل ودمار لأقتصاد هذا البلد الغني بثرواته التي لا تنضب ان استخدمت بالطريقة الصحيحة لنهضة اي بلد من بلدان العالم. يوما بعد آخر تزداد المخاوف وتعود جمهورية الخوف اقوى واوسع من تلك الجمهورية المخيفة التي كنا نحيا فيها في زمن العنجهية وفقدان ابسط انواع المعرفة لنهضة العراق. وازداد الخوف بشكل مهيب من ان ابسط حقوقنا كبؤساء ستتوقف ونعيش عندها في خوف من جوع لاينتهي..انه الراتب البسيط الذي نعيش عليه نحن الفقراء . البقية معروفة للجميع ليس هناك ضرورة للخوض في غمارها. انا كمتقاعد كنت احلم قبل سنة من ان الراتب الادنى للمتقاعد المسكين ربما سيزداد ليصبح 800 الف بالشهر ..اي حلم هذا واي تمنيات بسيطة لايمكن مقارنتها بتلك الاموال الضخمة التي حصل عليها بعض افراد هذا الوطن بلا مبرر.
اليوم احلم واتمنى ان يستمر نصف الراتب على ان لايتوقف لان توقفه معناه توقف حياة ملايين من المسنين والشباب الذين ليس لديهم اي مصدر الا تلك الدراهم المعدودة. اللهم ارفق بالعراق وبالفقراء وحافظ على مصدر رزقهم الوحيد… الراتب البسيط. انا اتحدث عن الفقراء فقط . انا لا ابحث هنا عن طريقة للوصول الى مصاف الامبراطوريات المادية التي وصل اليها كل من يتسنم منصب رفيع في هذا البلد الجريح …الامبراطوريات المادية التي جاءت بطرق معروفة للجميع…انا هنا ابحث عن طريقة للعيش بكرامة او لنقل وهم الكرامة.