الحديث والمطالبة بالإصلاح من قبل الجماهير ، وحتى المتصدين لإدارة الدولة ، هو اعتراف ضمني بوجود خلل لما يراد له الاصلاح ، والشيء الأهم من الاصلاح هو معرفة وتشخيص الخلل ، كما يقال في الادبيات الطبية ان التشخيص الصحيح للمرض هو نصف العلاج ، ومن اول أولويات الاصلاح هو تحديد نوع الإصلاحات ومساراتها وشمولها لكل مكامن الخلل في جسد الدولة ، وبخلاف ذلك سيكون الاصلاح وهماً نعيشه ، لا يمت لواقعنا بصلة من يريد تشخيص مكامن الخلل داخل منظومة الدولة العراقية ، عليه ان يوسع من مداركه وشمولية نظرته للمشاكل ، ولا يقصرها بجانب دون اخر ، كون الخلل ممتد في اغلب مفاصل الدولة ، التكنوقراط ، المواقع بالوكالة ، الهيئات المستقلة وجدلية استقلالها ، التشريعات والقوانين التي تعرقل عمل الحكومة ، اضافة الى المشاكل البنيوية للنظام ، والمركزية المقيتة ، وعلاقة المركز بالمحافظات المنتظمة وغير المنتظمة بأقليم ، نقل الصلاحيات ، والنظام الاقتصادي للبلد ، …….. الخ من يقصر الخلل بعدم وجود التكنوقراط ، ويجعل الحل الوحيد هو التغيير الوزاري الشامل ، هو اما لا يدرك حقيقة الخلل لقصر نظره ، وعدم معرفته بأدارة الدولة وخفاياها وأولويات الاصلاح ، او هي محاولة للالتفاف على الجماهير والعملية الإصلاحية بجرعات مخدرة للجماهير وبشعارات براقة ، وبكلمات رنانة ، لامتصاص الغضب الجماهيري ، وكسب التأييد ، وتسويق نفسه . الاصلاح يجب ان يكون شاملا ً ، لان المشكلة ليست مشكلة تكنوقراط بقدر ما هي مشكلة نظام شامل بكل ابعاده ، نحتاج الى ثورة تشريعية للخلاص من آلاف التشريعات المقيدة والمعرقلة ، التي شرعها النظام المقبور ومجلس قيادة ثورته البائسة ، وكذلك ثورة داخل السلطة القضائية ، وإعادة ثقة الشعب بهذه السلطة ، وإعادة النظر والتقييم لكل ما يوجد في السلطة التنفيذية من قرارات وتعليمات واليات وصلاحيات فشل هذه الخطوة في حال استمرارها في تشخيصها السطحي ، وغير الواعي لحقيقة الخلل ، سيؤدي الى فشلها ، وضياع فرصة ذهبية لتحقيق اصلاح فعلي سيصعب الحصول عليها في وقت اخر ، وسيفقد الجماهير الثقة بكل من ترأس هذه العملية الإصلاحية ، وان ادعى بتأييدهم المطلق