23 ديسمبر، 2024 5:36 ص

وهل النساء يشبهن ( وداد) 2 ؟

وهل النساء يشبهن ( وداد) 2 ؟

قبل أن يبدأ الشيخ بكلامه ، أمسكت بيده ، وأقسمت عليه متسائلآ : هل أكلت شيئا فأني أرى مخالب الجوع ظاهرة عليك ؟! . قال : لا ، فأنا لم يدخل جوفي شئ من الزاد منذ يومان ! ، طيب يا صديقي هلا قبلت عزومتي ؟ ليكن بيننا ( زاد وملح ) ! .. رفض الشيخ ذلك وقال : على حسابي أنا ! ، لافرق بيني وبينك كما تشاء ! .. توجهنا لمطعم في الجوار وتناولنا سمكا مسكوفا ، وصاحبي لم يتناول إلا لقيمات معدودات ! ، إحتسى بعدها قدحا من الشاي ، وقال لنذهب الى الشاطئ ، وعند وصولنا سبقني القول : ( ها أخ فلاح نسولف ) !… قلت : تفضل يا أبا …….. مزهر إسمي مزهر ليس لي أولاد ، لأني تزوجت ولم أتزوج !! .. خيل لي إن الخمرة قد دب دبيبها ! ، نظر لي مبتسما وقال : نعم ! تزوجت ولم أتزوج ، واستدرك قائلا : أنا مزهر بن …… ولدت في بغداد عام 1937 في محلة …….. ، كنت الوحيد لآبواي ، توفت أمي أثناء ولادتي ، تبعها والدي بيومين حزنا عليها ! ، تبنتني خالتي – رحمها الله – فأحسنت تربيتي ، واجهت الحياة بمفردي ، فأنشأت مشغلا صغيرا لخياطة الملابس النسائية ، تطور بعدها ليصبح معملا ، ثم نمت تجارتي وكبرت والحمد لله ، وعشت في بحبوحة من العيش الرغيد ….. وذات يوم حار جدا قفلت راجعا لداري ، وفي منتصف الطريق تعطلت سيارتي نتيجة لسخونة المحرك ، ترجلت قاصدا أحد البيوت ، فطرقت الباب طالبا ( جرعة ماء لأروي عطش هذه اللعينة !! ، فجأة فتح الباب وخرجت فتاة كأنها البدر في ليلة التمام ! ، من هنا بدأت محنتي ، وليتها مابدأت ! ، ألقيت التحية وطلبت ماءا للسيارة ، فقالت سمعا وطاعة ، بكل سرور ! .. شكرتها من قلبي الذي هام بها من أول نظرة ، وسألتها عن اسمها فقالت : ( وداد ) ، ولكن لماذا ؟ قلت ( دنيا ألف صديق ولا عدو ) ! .. ودعتها بجسدي لكن قلبي بقى معها ! ، ولما وصلت لداري لم اتمكن من الاستقرار ، وحاصرتني الافكار والوساوس ، وانتابني شعور لم اعرفه من قبل .. وبعد معاناة يعجز لساني عن وصفها استشرت الاقرباء والاصدقاء ذاكرا لهم ماجرى معي ! ، أرشدوني للتقدم لخطبتها على الفور ، فعلا حزمت أمري وجمعت ( عزوتي ) وتقدمت لها .. في الطريق هاجمتني الظنون مجددا ، أهي متزوجة ، أم هي عزباء ،هل ستقبلني زوجا لها ياترى ، وماذا أصنع بفارق العمر بيني وبينها ؟ هل … هل … ! شعرت بصداع كاد أن يحطم جمجمتي ، دعوت ربي مخلصا أن يعينني هذه المرة ! ، وصلت دارها ، طرقت الباب ، جاءني صوت كأنه صوت بلبل غريد : ( منووووو ) ؟ قلت أنا ضيف ، أجابت : ( هلا بالضيف ) ، قفز قلبي فرحا من قفصه الصدري ،! فتحت الباب قائلة : ( تفضل ) … وقفت في مكاني كالصنم لا أقوى على الحركة ! ، …( هاي شبيك ، تفضل ) ، عذرا سيدتي الجميلة ، أهناك رجل في الدار ؟ ، قالت : نعم لكنه معاق لايقوى على الوقوف والحركة ! ( ها ي شلون مصيبة ، من نكرة لدهديرة ) ! مع من سأتحدث ؟ ، قل ما عندك فهو يسمع جيدا ! ، قررت الهجوم المباشر وبلا مقدمات ! : انا فلان الفلاني جئتكم طالبا يد كريمتكم على سنة الله

ورسوله، فهل ستقبلون ؟! ، جاء ردها ( عين خير ) ! سننقل طلبك الى عمنا ( أبو سعد ) فهو ولي أمرنا !….. أترك لنا عنوانك ورقم هاتفك ! ، نظرت الى وجه ( وداد ) علني أجد مايسرني ، إلتمست عذرا وذهبت لجلب الشاي ، لا أريد شايا ولا ( قز القرت ) ! أريد جوابا !! ‘أنتظرت أياما متسمرا أمام الهاتف لعله يرن ليذهب عني الحزن ! … وبعد حين رن جرس الهاتف معلنا موافقة ( ابو سعد ) … وضعت سماعة الهاتف ورحت أرقص فرحا على الوحدة ونص ! وأتنطط هنا وهناك ، ونسيت الدنيا بما فيها ( إلا وداد ) .. هيأت نفسي لليوم الموعود وذهبت قاصدا دارها بموكب ( رئاسي ) لم يسبق لاحد أن جاء بمثله ! .. تم كل شئ بيسر وسهولة ، وحدد موعد العرس بعد اسبوعين ! ، لاتدري – أخي فلاح – مالذي صنعته في أيام قلائل ؟ لقد وفرت ( لوداد ) كل ماتشتهي ، وفي صبيحة يوم العرس ذهبت للحمام ( تعرف عريس ) ومنه للحلاق ، وعدت لبيتي من

اجل تهيئة سيارات الزفة ، هنا رن جرس الهاتف ، وليته لم يرن ، قلت أكيد أن هذه ( وداد ) تريد شيئا ، .. ا رفعت سماعة الهاتف قلت : ألو نعم ، سمعت صياحا ونواحا ، ظننت أن الدنيا أنقلبت على رأسي ! ألو تفضل يمعود أحجي مو حركت أعصابي ؟ تبين ان المتصلة أحدى جارات ( وداد ) فصاحت : عمو مزهر الحك وداد تكهربت بالسشوار !! ونقلوها للمستشفى ، وهنا بدأ الشيخ مزهر بالبكاء الشديد وأنا معه ورأيت جمعا من الشباب يبكون معنا بكاءا لايصدقه أحد ( إن يحسدوني على موتي فوا إسفي حتى على الموت لا أخلو من الحسد )، قلت : يا شيخ كفاك لقد مزقت قلبي ، يا شيخ هلا شرفتني وقبلت الزواج من شقيقتي ، مسح دموعه وأقترب مني وعانقني فقال : هيهات أن النساء محرمات علية إلى يوم القيامة ، وهل هناك من أمرأة تشبه وداد ؟ …. رحم الله الشيخ الجليل مزهر الذي ضرب أروع امثلة الوفاء ، أتصدقون أنه دفن بالقرب من محبوبته ؟