8 مارس، 2024 12:20 م
Search
Close this search box.

وهذا الطفل.. متى يكبر؟!

Facebook
Twitter
LinkedIn

كل فعل او سلوك أو قرار هو نتاج البيئة التي وجد فيها، والظرف الزمني الذي اتخذ فيه، والمستوى التفكيري الذي امتلكه صاحبه وقتذاك، ولذلك يتملكنا الحرج واحياناً الضحك على أقوالنا وتصرفاتنا وقت الطفولة والتي تعبر عن المرحلة التي ضمتها، والحياة مستمرة بهذا الصدد.

ولكن الغريب رؤية البعض لا يكبرون، فمهما شاخ وشاب محياهم، تبقى عقولهم وأرواحهم لم تتجاوز عقدها الأول!!

والحقيقة ان ذلك الموضوع يحمل من الجدّية الملفتة الشيء الكثير، لأن ما نراه أحياناً من طريقة ادارة، واسلوب تفكير، ما زال يدور في طور الطفولة وعدم النضوج، فكم نتحمل اليوم تحت هذا العذر وقوعاً في الخطأ، وتكراراً للإخفاق، وغلبة الصبيانية في السلوك؟!

ولأن الكثير من أطفالنا لم يكبروا، فهم يكررون خلط الأوراق، واثارة الفوضى في الأمكنة، وبعثرة الموارد والأشياء دون احساس أنهم فعلوا منكراً أو تصرفاً مرفوضاً، لأنهم في النهاية اطفال وان شاخت أعمارهم!!

وبذات الصدد اننا لما نأتي للمقارنة بين بيئتين نجد ان عامل النضج مفقود في احداها على العكس من الأخرى، مما يجعل الأول متأخرة في نموها، والثانية متقدمة او على الأٌقل مواكبة لمسارات الحياة.

وعدم نضوج بعض التجارب يجعلها تعود إلى الوراء في ازدياد، فيظل أهلها يتذكرون ما مضى من سنة أو عقد او قرن بالخير والانجاز، وكأنهم يسيرون إلى الخلف وهم يتوهمون التقدم إلى الأمام!!

إذن النضوج هو المطلوب، على مستوى التفكير والممارسة، مثلما ان البيئة الصالحة ليست إلا نتاج ارتقاء مستمر وتصحيح لازم متواصل للعمل، وعندما نصل إلى مرحلة نضوج البيئة والمحيط سيكون لازماً لكل المؤثرين على الساحة التعاطي مع ذلك وإلا فسيلفظهم الواقع والتاريخ لاحقاً، ومتى ما نجحنا في تغذية البيئة بعوامل التطور والتقدم أمكننا السير مطمئنين لا يؤثر على فعلنا حضور فلان او غياب آخر!

وهكذا نرى ان الفعل التاريخي دوماً في الساحات المختلفة كان ينضّج البيئات لتأخذ حظها من التفاعل والفاعلية، أما تلك التي بقيت لم تتقدم خطوة وكبر كل محيطها وهي لم تزل صغيرة فقد حكم عليها بالموت المبكر قبل أوانه، ومهما بقيت تلفظ انفاس احتضارها عقوداً وسنوات بل وربما قرون!

والنضج المطلوب فعل جماعي مؤسس على بناء فكري لا ينبغي التهاون فيه، وتراكم واحلال واستبدال، ومتابعة وتقييم، وصراحة في التزام الحق، وتمسك بالمبدأ دون تهاون، لمن يريد ـ بطبيعة الحال ـ أن يعيش!

وسيظل لسان حال المجتمعات المتأخرة: الجميع يكبرون.. وهذا الطفل ما زال.. فمتى يكبر؟!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب