في السبعينيات كنا مجموعةً نحمل هم المسرح العراقي من خلال المتابعة والعمل من أجل تقديم عروضٍ مسرحية فيها الكثير من الأبعاد الإنسانية التي تؤثر على الواقع الذي نعيشه ،وكان الفنان ” وهاب السيد ” هو واحد من هذه المجموعة الرائعة التي قدمت العديد من العروض والتي سأذكرها لأحقاً وشكلت هذه العروض في الوسط الفني والأدبي الذي يتابعنا في تلك المدينة البائسة المكتظة بالفقر والظلم حيزا ً كبيرا في ذاكرتهم ،وهم مجموعة لم يتملقوا لأي نظام ومهما كان هذا النظام، والدليل أنهم ظلوا وراء الكواليس ليس في إبداعاتهم وإنما بسلوكهم الرصين والمحب للعدالة والمتماشي بحب الآخرين دون تملق وهم ضحايا الأنظمة الفاسدة التي حكمت هذا البلد ، وهؤلاء ظلوا النواة الحقيقة للإنسانية ، والدليل بقوا كما هم من حيث المنصب والمسؤولية الفنية خارج السور ، واليوم يحاربون هذا الفنان المبدع “وهاب السيد ” صاحب صفحة فنون الشهيرة والمقًدم للعديد من العروض المسرحية والتي لا تزال حية في عقولنا ،و لأنه لم يخضع لهؤلاء الطارئين الذين جاءت به الصدفة والذل والخنوع لأنهم بدون ضمائر وخسيسين واصواتهم نشاز في العملية الفنية أو خارج العملية الفنية لكنهم بالمماطلة يتولون شؤوننا الفنية ، تباً لهذه النقابة الصارخة التي تقودها بنات الهوى من الجيل المنقرض الذي إنتشر في فضاءاتنا الميتة وها نحن لا حول ولاقوة أمام راقصات ” يُحكمن السيطرة على مشهد النقابة الميت ، لا تحزن نحن معك ونقف ضد هذا الطابورالذي تقف مجموعة من المغفلين والطارحين أنفسهم الان قيادات في سوق النخاسة المسرحية ، وهم مجموعات شللية تحت غطاءات الفساد والجنس الرخيص الذي يشهرونه فيما بينهم ،وهم يتشابهون مع سياسييهم الإجلاف الذين كانوا بالأمس القريب يرتدون عباءة ” القائد الأوحد ” اليوم يرتدون عباءة ” نصار الربيعي ” والمالكي ” والنجيفي ” هؤلاء اسّودت وجوههم نتيجة الأختلاس والقتل اليومي بفعل عصابات ترتدي أحزمة ناسفة تستخدمها في اي لحظة تحتاجها لقتل الإبداع الذي يحمله هذا المبدع الجميل الذي لم يطأطئ رأسه في يوم من الأيام ، وما عليك دعنا نسترخي وأعيد ذكرياتك الجميلة في” مركز شباب بغداد الجديدة ” في مسرحية هي من أخراجي ومن تأليف الكاتب ” صباح عطوان ” أسمها ” أصوات من نجوم بعيدة ” وكانت هذه المسرحية” مونودراما ” وأنت تمثل هذه الشخصية هل تتذكرها كانت في منتصف السبعينيات وكان الجمهور يحيطك من كل جانب ! أليس كذلك ! لأتيأس ! نعم نحن نعيش ما لم يحصَ من اللحظات الزمنية التي تبقى في ذاكرتنا التي أنهشتها الحروب الصدئة ، ومع هذا فليس هناك إلا لحظة واحدة أيها الفنان المثابر تعمل على تفجير عالمنا الداخلي ، كلما أستغرقتُ التأملَ بكيت يا صديقي ! أتعرف لماذا ! أتذكر كيف المقابر الجماعية أخذت الفنان ” رعد شوحي ” والعديد من الأسماء يتذكرها البعض من الذين يعرفوننا ، تلك اللحظات التي وصفها ” ستندال ” إنها الزهرة المتفتحة في الأعماق ” وها أنت تثبت بتجربتك الخاصة أنك سخّرتَ حياتك كاملة في وصف الرجال عبر أعمالهم وتجسيد بناهم الفكرية ، دعني أقول لك أنا في مغتربي المحرك الأول للثقافة ونشاطي المسرحي ، وهم يقرون بذلك ، لكنهم يكرهونني بفعل مواقفي السياسية التي أنتقد خلالها أداءهم بقسوة ! تعرف لماذا ! لأنهم قتلة ياسيدي ! وليس هذا فقط بل أنهم يسرقون أموال الأيتام وهناك مركزهم الثقافي في واشنطن هم يحركوه ! أنا مختلف عن أولئك الذين يرتدون الأقنعة التي تتنشر في منفانا المريض فهم يتفوهون بشيء ويضمرون شيئا ً آخرَ ! آه ٍ أيها الفنان لو ذكرتُ أسماءهم في هذه المقالة لوجدت من اللغط الكثير ، لا عليك أنت تعرفهم ! وهذه النقابة تشبه وزارتهم العفنة ! الصبر ايها الصديق ، ومازال َنفَسُك يصعد وينزل وأنت تصارعهم وقد أرتوينا بشتى ألوان الحب ، لا عليك ، حينما همستَ البارحة في أذني الوكيل المنافق ولم يفعل لك شيئا ً ، صرخت ، وها أنت وأنا نصرخ يومياً ، ليس لشيء سوى قول الحقيقة ! وهذه الحقيقة التي نبحث عنها يا صديقي الفنان والشاعر ” وهاب السيد ” إنها لحظة سحرية شبيهة بلحظة الإخصاب ، خفية خفاءها ، لا تُرى ولا ُتلمس ولا تُدرك كما يقولون ، وليس هذا فقط إنها السر الذي لا يظهر الإمرة واحدة ، ها أنت وأنا نعود إلى الكتاب الذي علمنا قيمة الكلمة وأنعشَ فينا هذا الهاجسَ المطرز بالحب والحياة والمسرح ، ومع هذا أن هذه النقابة أشعرتَنا كما المركز الثقافي في واشنطن بأنها مسؤولة عن عملية الطمس الجبانه التي أتخذوها معنا ، لا تهتم أيها الفنان ىالصابر لقد أمضيتَ حياتك وأنت ترسم صوراً وملامحَ بشرية وتنفض غبارَ القرون عن شخصيات عديدة وأبرزها أمام عيني جيلنا المعاصر في مسرحيتك الرائعة ” الحاويات ” لأنهم يا صديقي حاويات كما سياسييهم ، أعتقد أنك ترفض مقالتي هذه ، وتصرخ بي ايها الفنان الصامت الذي يشتغل مع هموم الناس البسطاء ويدافع عنهم ، بسبب أنك تشعر بالإحباط ! أليس كذلك ، حسناً ، وها أنت تقول هذا ضرب من العبودية ! لا أقوى على تحمله ويثير لدي السخط الحنق والغضب ! لا عليك ! هم إلى مزبلة التاريخ ! وأنت في فضاء هذه السماوات تنّور.