19 ديسمبر، 2024 12:49 ص

ونسينا مشروعنا الوطني عراق حر ديمقراطي وموحد ؟!

ونسينا مشروعنا الوطني عراق حر ديمقراطي وموحد ؟!

اتفقنا ان نبني عراقا ديمقراطيا موحدا وحرا جديدا.
ومنذ الايام الاولى للتغيير عملنا على ذلك . وكنا منسجمين ومتفقين كطيف جميل ونريد ان نثبت للعالم اننا شعب عظيم وكبير ونموذجا جديدا في الشرق الاوسط الكبير!
ومن علامات واشارات الفعل الملموس صدور  اكثر من 200 صحيفة في البلاد وارتفاع مستوى المعيشة ونشاط محموم لمنظمات المجتمع المدني وظهور احزاب وحركات ومنظمات ووووكل اشكال الحرية في بلد الديمقراطية  .
ويبدو ان دوام الحال من المحال واشر الحاسدين من يحسد  نفسه . بل اكبر من حسد  الغرباء والفضوليين له من دول الجوار ولاننا شعب مقصي عن المشاركة  في صنع حركة التاريخ كما يتوقع  العالم  كالعادة من ارض الرافدين طوال اربعين عاما من عمر الدكتاتورية .
تركنا الامر لاخواننا  الذين كانوا مهجرين ومهاجرين في بقاع العالم  المكتويين  بنار الغربة  . واعتقدنا انهم سيتعهدون امر اعادة البناء والتنمية الشاملة للبلاد. ونعترف اننا كنا مهمشين في الداخل من قبل ازلام النظام ومستهدفين من اجهزة امنه وحزبه
 .
لكننا كنا نعد انفسنا ليوم التغيير هذا الى جانب اخوتنا ممن استطاع ان يطلع على حركة الحياة بالعالم وكبت تلك الاشراقات من اجل العراق حين تحل الفرصة لاعادتة بنائه .
وكنا مسرورين بالامن الذي يصنعه وجود جنود الاحتلال ومخابرات الدول ونهاب الموارد وكل افاق ومستهتر ونطلب له العذر كوننا بلد مضياف ومحروم ونترك انطباعا لدى الغرباء باننا شعب يرحب بالضيف ولانعجز عن تقديم الشكر والامتنان لكل من عمل على اخراجنا من النفق المظلم للدكتاتورية البغيضة .
وكنا نضع نصب اعيننا ان اخوتنا اهلا للمسؤولية التاريخية لاعادة العراق الى جادة العالمية . وكنا نرى تقلبهم هنا وهناك ونفرح ونسر بتصريحاتهم وظهورهم بالاعلام يتحدثون عن العراق الديمقراطي والوحدة الوطنية واشياء لم نعتد على سماعها ،
و مارسنا الديمقراطية كالبهائم حين هرولنا نغمس اصابعنا بحبر الحرية ونحن حالمين بالوعود الانتخابية اياما ولياليا .
 وامسينا  نسمع كلمات نشاز تصدر من هنا وهناك تنم عن الشقاق والفرقة والطمع والتفرد بين اخوتنا   الذين هرعوا لانقاذ البلاد من الدكتاتورية والركون لحكم الشعب وكنا نعتبرهم قادة الشعب المرهق من تبعات النظام السابق .
واعتبرنا الخلاف والاختلاف نعمة بين العراقيين وهي ممارسة ديمقراطية لابد منها .
 ومع الايام ارتفع عمود دخان وليس هناك دخان بلا نار وبدات تسمع طلقات وانفجارات وسال دم بري وزكي في الاسواق والاماكن العامة .
ولازال اخوتنا يتبادلون الاتهام وكثر تواجد الغرباء واستعنا بهم على ابناء جلدتنا . ورحنا نسمع عن مشاريع ماخطط لها ولافكر بها عراقي عن الاقاليم والتقسيم والطائفة والدين والكتل والاحزاب السيادية وووووو
وانشغل اخوتنا بالمناصب والامتيازات ونصرناهم هذه المرة شيعا وجماعات ونسينا مشروعنا الوطني . حتى اعتقد السياسييون اننا مقلدين لهم دنيويا واخرويا هم اربابنا الجدد بعد سقوط الصنم وغمسنا اصابعنا القذرة باوحال الانتخابات .
ومع الزمن تحول عمود الدخان الى غيمة سوداء داكنة حجبت نور الشمس عن اطفالنا حتى زرنا المقابر نودع في التراب بقايا اشلاء المواطن البريء المتجول بامان الاحزاب في الاسواق كما وعدونا بالامن المستتب وانخفض معدل التفجيرات .
هنا اذكر اننا اعتدنا شم رائحة الشواء   بعد كل تفجير ارهابي ومنظر برك الدم الاحمر صار معتادا وكذلك صور الموت عبر قنوات التواصل الاعلامي موسومة بالشعب العراقي .
ولم نيأس ولم نستسلم مادامت التصريحات تعمد الخراب الذي لحق بنفوسنا وعمر بيوتنا حتى ضاقت البلاد بكثرة مشاريعنا التنموية المليارية التي تودع ميزانياتها في جيوب السراق واللصوص وشذاذ الافاق .
كل ذلك يحدث والعجلة تدور حتى سام جنود الاحتلال القتل بنا وتركونا ورحلوا الى الديار للاحتفال باحتلال العراق بعد 9 سنوات عجاف . واحتفل اخوتنا السلطوييون  بيوم وفاء الامريكان بتنصيبهم ازلاما لهم في العراق وبصموا اتفاقا ستراتيجيا على العمالة لابد الابدين   .
وبقي الصراع وتبادل الكلمات البذيئة بين اخوتنا وكنا نعتقد بقوة اننا نمارس الديمقراطية كما علمنا وتعلمنا ذلك منذ سقوط النظام المقبور .
وبقي عمود الدخان والدم الزكي وصورنا عبر وسائل الاتصال العنكبوتية منظرا عاديا لايهز المشاعر والعواطف وقتا  اطول من وقت الانفجار ومن الله علينا بنعمة النسيان حتى بتنا نتحدث عن امتيازات وتعويضات الضحايا اكثر من التفكير بمشروعنا الوطني لبناء عراق موحد حر كما اتفقنا من اول اطلاقة لقوات الاحتلال .
ومع الايام نمت على جسد  العراق الجريح الاشواك والادغال السامة التي لاتفكر الا ببقائها معشبة ترتع في مستنقع السلطة الاسن.