23 ديسمبر، 2024 10:31 م

-1-
لا نستغرب أبداً اذا ما رأينا بعض رجال السياسة يتحولون الى فرسان مواعظ، فيتهمون غيرهم بخرق الدستور ، ويُطنبون في سرد جرائم الآخرين وكأنهم المبرؤون من الأخطاء الخطايا …

-2-

إنّ تزكية النفس منهيٌّ عنها بصريح القرآن :

قال تعالى :

{ فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى } النجم /32

ومن هنا فان كلّ مَنْ يعزف على أوتار ” الذاتية ” فلن يُطرب أحداً على الاطلاق …

-3-

إنّ ألسنة الناس تلهج بذكر أصحاب المبادرات الرائدة والخطط الواعدة ..

وشتان بَيْن أنْ تتولى بنفسك عملية تلميع صورتك، وبين ان يتولى الناس ذكر انجازاتك واكبارها والثناء عليها .

-4-

أما اذا اختفت الايجابيات ، وطفحت على السطح السلبيات والثغرات والمفارقات … فانّ نبرة التبرم والسخط ستكون شديدة رهبية .

-5-

واذا كان الفشل في جانب واحد لايُغْتَفَرُ فكيف بالفشل الذريع الممتد الى كل الجوانب الأمنية والسياسية والاقتصادية … وصولاً الى العلاقة بين الفاشلين وبين اخوانهم وزملائهم ..!!

-6-

انّ الاعتراف بالخطأ فضيلة – كما هو معلوم – ، أما انكار الأخطاء جملة وتفصيلاً ، فهو ما يزيد بلةً في الطين ، ويثير المزيد من كلمات الناقدين الساخطين .

-7-

وهناك وصية ذهبية لحبر الأمة (عبد الله بن عباس) أطلقها حين جاءه أحدٌ الراغبين في الظهور على المسرح الاجتماعي ، متقمصاً شخصيَّةَ (الواعظِ) الناصح ، المسكون بأوجاع الأمة ، والحريص على انقاذها ..!!

وهذه الوصية نابضة بالقوة، وجديرة ان تكتب بماء الذهب، ليستوعبها كل اؤلئك السابحين في بحر الذاتية ، والمنتفخين الذين وجهوا عنايتهم لاسقاط خصومهم ، وغضوا النظر عما هم فيه من تراكم العيوب ، وتكاثف الذنوب …

لقد أجاز (ابن عباس) للرجل ان يتصدّى لِمَا أراد بشروط ، انتزعها من القرآن الكريم ، فأضفى عليها لوناً من القداسة

والسؤال الآن :

ما هي الشروط

والجواب :

قال :

” ان لم تخش أنْ تُفْتضح بثلاثِ آياتٍ من كتاب الله “

والملاحظ هنا :

استخدام ( ابن عباس) لفظ (الفضيحة) الدال على غاية الفشل المقرون بالخيبة والازدراء ..!!

” قوله :

أتأمرون الناس بالبِرّ وتنسون أنفسكم البقرة / 44

وقوله :

” يا ايها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لاتفعلون الصف /2

وقول العبد الصالح شعيب :

” وما أريد أنْ أخالفكم الى ما أنهاكم عنه هود / 88

أأحكمتَ هذه الآيات ؟

قال :

لا

قال :

فابدأ بنفسك اذاً } نثر الدر /ج1 /286

ان هناك ثلاث ركائز أساسية لابُدَّ من إحرازها في النفس قبل التصدي العام :

1 – ان يلتزم المتصدي بما يطرح على الناس التزاما كاملاً ، فيأتِمر قبل أنْ يأمر …

2 – أن تكون أقوالُه مطابقة لأعماله فيكسب الثقة … والاّ فهو الكذاّب..!!

3 – ان يكون بعيداً عن التناقض، حيث لا يُعتنى أبداً بكلام من ينهى ولا ينتهي ….

-8-

والضجيج المثار اليوم على بعض كبار الفاشلين من السلطويين كان بالامكان ألاّ يثار لو أنّه راعى ما يجب ان يراعيه المتصدون للشأن العام.

*[email protected]